عسكريون حكوميون في دمشق يعملون على دراجاتهم النارية في التوصيل

دمشق – نورث برس

اختار أحمد الشيخ (24 عاماً)، وهو اسم مستعار لمجند في القوات الحكومية، العمل على دراجته النارية في توصيل السكان، وذلك في محاولةٍ منه لتأمين مصدر كسب له ولعائلته.

وتنتشر في دمشق وريفها ظاهرة عمل عسكريين حكوميين في توصيل الأشخاص بواسطة دراجاتهم النارية، وتعاظمت الظاهرة مع أزمة المحروقات وارتفاع أجور المواصلات.

ويشتكي عناصر الجيش السوري من أوضاعهم المتردية ضمن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، رغم أن رواتبهم تلقت ست زيادات في سنين الأزمة، إلا أن نسب تلك الزيادات لم تتناسب مع تراجع قيمة الليرة وانهيار قدرتها الشرائية.

وقال “الشيخ”، وهومتزوج ومستأجرٌ لمنزلٍ في ضاحية المجد (السومرية)، إن تدني قيمة راتبه نتيجة بقائه بالخدمة الاحتياطية، والبالغ 60 ألف ليرة، والخطر المترتب على محاولته الفرار من الخدمة، وصعوبة حصوله على عمل مستقر بسبب وضعه، دفعه لهذا العمل.

ومنذ شهرين، بدأ  المجند العمل بعد أن قام مصادفة بمساعدة أحد الأشخاص من الطريق ليلاً وتوصيله، وقام بدفع مبلغ من المال له رغم أنه فعل الأمر بداية بقصد المساعدة.

ابتزاز ورشاوى

ونجح “الشيخ” بدايةً بالتنسيق بين مناوباته ودوامه بحيث اقتصر عمله على فترة المساء، قبل أن يتسنى له العمل ضمن أوقات الذروة.

لكن الضابط المسؤول عنه اكتشف أنه يعمل وقرر تحويل دوامه إلى صباحي لمنعه من العمل أو دفع رشوة له مقابل إعادة دوامه كما كان.

وأشار “الشيخ” إلى أن الضابط ابتزه بشكل علني بحجة أنه يُمنع على المجند العمل ضمن الخدمة الاحتياطية، “طلب 100 ألف ليرة شهرياً مقابل الحفاظ على المناوبة المسائية.”

ويشكل طول فترة الخدمة التي قد تصل إلى تسع سنوات، أبرز أسباب معاناة الجنود الحكوميين الملتحقين بالخدمة العسكرية، إضافة إلى ضعف الرواتب، وابتزاز الضباط فيما يخص العمل وأوقات المناوبات والإجازات.

وقال كامل بقاعي (27 عاماً)، وهو اسم مستعار لصف ضابط ضمن الخدمة الاحتياطية بإحدى القطع بمحيط دمشق، لنورث برس، إنه نجح بإقناع الضابط المسؤول عنه بالسماح له بالعمل مقابل أن يستلم الضابط راتبه الشهري البالغ حوالي 80 ألف ليرة، وأن يلتزم بالدوام المسائي.

واضطر “بقاعي”، الأب لولدين والمستأجر في بلدة جديدة الفضل،  للعمل بتوصيل الركاب بواسطة دراجته النارية بسبب تردي وضعه المعيشي، وعدم كفاية راتبه الشهري لاحتياجات عائلته.

ومنذ عدة أشهر، فكر  الرجل بالاستفادة من دراجته مع اشتداد أزمة المواصلات ليجد أنها فرصة مناسبة لتحقيق دخل إضافي.

أساليب أخرى

ما يجنيه “بقاعي” من أرباح التوصيل أفضل بكثير من راتبه العسكري، خاصةً وأنه يؤمن البنزين اللازم لعمل الدراجة من القطعة العسكرية التابع لها، “ودون أن أدفع ثمنه بتسهيل من الضابط، وهو ما يوفر علي الكثير.”

ويبلغ متوسط راتب الجنود في الخدمة الاحتياطية 70.622 ليرة شهرياً، فيما يصل متوسط راتب صف الضباط إلى 83722 ليرة شهرياً.

وتعتبر الرواتب الشهرية للخدمة الإلزامية الأقل في سوريا، حيث يبلغ أعىل راتب فيها، يقبضه ملازم مجند هو 27.300 ليرة شهرياً، فيما تقل رواتب الجنود وصف الضباط عن ذلك.

وقال هاني مبيض (29 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب مقيم في مشفى ابن النفيس، يعيش في بلدة جديدة عرطوز، لنورث برس، إن أجرة الوصول للمشفى باستخدام الدراجة النارية لا تتجاوز 2000 ليرة، فيما تصل أجرة سيارة التكسي إلى 14 ألف ليرة.

ومع اشتداد أزمة المواصلات، وعدم تأمين المشفى لغرفة يسكن فيها الأطباء المقيمون، يضطر “مبيض” إلى ركوب الدراجة النارية للوصول للمشفى.

ويضيف: “وقت استخدام الدراجة أقل بمقدار النصف عن وقت استخدام أي وسيلة أخرى، نظراً لعدم تأثرها بالازدحام المروري أو توقفه للتدقيق على الحواجز بسبب قيادتها من قبل عسكري.”

فالطبيب المقيم يرى أن الدراجة النارية أفضل له لما تحل من مشاكل تخص “الوقت وأجرة التوصيلة.”

إعداد: رغد العيسى – تحرير: محمد القاضي