تل تمر- نورث برس
يقف فهد العرنة، وهو مربي أبقار بريف بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، محتاراً فيما سيعمل بسبب الخسائر التي تكبدها جراء انقطاع المياه وغلاء الأعلاف.
ويلجأ المربي كغيره إلى إرواء بقراته بمياه غير صالحة، بسبب غلاء المياه النظيفة التي يشترونها من الصهاريج المتنقلة، نتيجة الانقطاع المتكرر للمياه القادمة من محطة علوك التي تخضع لسيطرة الجيش التركي.
ويقول الشاب الثلاثيني، وهو يقف أمام حظيرة أبقاره، إن “قلة المياه تسببت بانخفاض إنتاج الحليب كثيراً.”
ويضيف: “سابقاً كانت الأبقار تعطي بحدود عشرة كيلوغرامات من الحليب، بينما لا تنتج الآن سوى كيلوغرامين أو ثلاثة فقط، وهي كمية قليلة جداً لا تغطي مصاريف تربيتها.”
ويعاني نحو مليون شخص من سكان مدينة الحسكة وريفها، من صعوبات نتيجة انقطاع المياه في الخطوط الرئيسة بسبب قلة الوارد المائي من محطة علوك بريف مدينة سري كانيه (رأس العين).
وأواخر 2019، سيطرت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة إثر عملية عسكرية على منطقتي سري كانيه وتل أبيض.
تلا ذلك قطع متكرر للمياه من المحطة التي تعتبر المصدر الرئيس لمياه الشرب لمدن تل تمر والحسكة والشدادي والهول وأريافها والمخيمات التابعة لها.
وأثّر انقطاع المياه على أغلب مناحي الحياه لاسيما خلال الجفاف الذي شهدته المنطقة هذا العام، وسط تراجع المساحات الرعوية التي يعتمد عليها مربو الأغنام والأبقار .
وتكبد مربو الأبقار هذا العام خسائر تصل لما لا يقل عن ثلاثة ملايين ليرة سورية عن كل رأس بسبب تكاليف تربيتها الباهظة مقابل تدني وانخفاض أسعار الحيوانات، بحسب “العرنة”.
يقول المربي: “إلى جانب المياه، بتنا في حيرة ما بين كيفية تأمين الأعلاف لغلائها أو بيع حيواناتنا بأبخس الاسعار.”
ويعتمد كثير من سكان الريف في مناطق الجزيرة السورية على تربية الحيوانات كمصدر رئيس للدخل، “اعتمادنا بشكل رئيسي على الابقار والأغنام، وستكون أوضاعنا مأساوية بدونها.”
وتعد مخلفات المساحات الزراعية بعد الحصاد مصدراً مهما للأعلاف لأصحاب المواشي في المنطقة، لكنها تراجعت هذا العام متأثرةً بموجة الجفاف مع الانقطاع التام لمياه نهر الخابور وروافده التي كان بعض المزارعين يعتمدون عليها.
وفي قرية تل نصري، 2 كم جنوب بلدة تل تمر، تنتظر السيدة عائشة الحمود زوجها الذي خرج منذ الصباح الباكر لجلب المياه من أجل سقاية الحيوانات.
وتشكو “الحمود” من ارتفاع تكاليف تربية بقرتين اثنتين وعشرة من رؤوس الماشية لديها، في ظل رخص أسعارها في الأسواق، وهو ما يكبدهم كل يوم خسائر كبيرة في ظل تدهور أوضاعهم المادية.
تقول لنورث برس: “سابقاً كانت تربية الابقار مربحة فكانت تنتج الحليب بكميات كبيرة لوفرة المياه والخضار، لكن هذا العام بسبب شحّ الامطار وغلاء الاعلاف باتت بقراتنا في حالة يرثى لها، “عظامها باتت بارزة لشدة الهزال.”
وتضيف أنها تستعين منذ أكثر من عشرة أيام بالجيران والمعارف لتأمين المياه لسقاية الحيوانات، “خرج زوجي منذ الصباح للبحث عن مياه نروي بها حيواناتنا.”
ويطالب مربو مواش في المنطقة مؤسسات الإدارة الذاتية، بالاهتمام بالثروة الحيوانية ودعم المربين ليتمكنوا من الاستمرار في عملهم .
ومن جانبه، قال علي خلف، وهو بيطري في بلدة تل تمر، إن انقطاع المياه الصالحة للشرب بشكل متكرر يدفع المربين إلى استعمال مياه مالحة أو آسنة من الصرف الصحي، “وهذا يؤثر بالدرجة الأولى على صحة وإنتاج الثروة الحيوانية.”
وأضاف أن المنطقة كانت ” من أهم المناطق المعروفة بتربية الأبقار والأغنام.”
ويلجأ المربون في بعض الأحيان إلى المياه المالحة المستخرجة من الآبار، وذلك في محاولة لتوفير ثمن مياه الشرب،” لكنها في الواقع تنقص 30 % من إنتاج الحليب.”
ولفت البيطري إلى أن شح الأمطار الذي أدى هذا العام إلى نقص توفر الأعلاف والمراعي ، تسبب أيضاً بسوء التغذية وانتشار الأمراض بين الحيوانات.
ودعا “خلف” الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا بدعم المربين ليتمكنوا من الاستمرار في الحفاظ مورد دخلهم من الثروة المهمة للمنطقة.