شبان في إدلب يعملون في أماكن الاشتباك والألغام لتأمين قوت عائلاتهم

إدلب نورث برس

لم يكن عبد اللطيف الأسعد (27عاماً) وهو نازح من ريف دمشق ويسكن في مخيمات عقربات على الحدود السورية التركية شمالي إدلب، شمال غربي سوريا، يعلم أن ذهابه إلى منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب للعمل، ستغير منحى حياته بالكامل وأن وضعه المادي سيسوء أكثر.

وكان “الأسعد” وبعد فشله في إيجاد عمل في المخيمات يعيل به أطفاله الثلاثة ويؤمن الدواء لوالده، قد ذهب إلى إحدى قرى منطقة جبل الزاوية للعمل في قطاف موسم الكرز.

وعمل النازح في الشهر الماضي، لمدة ثلاث أيام بأجر يومي يصل إلى نحو 30 ليرة تركية (11 ألف ليرة سورية) وفي اليوم الرابع وعند توجه للعمل مع أحد أصدقائه على متن دراجة نارية، انفجرت قنبلة عنقودية بعد مرور الدراجة من فوقها.

وتسببت القنبلة ببتر إحدى قدميه كما أصيب بشظايا في مناطق متفرقة من جسمه، بالإضافة لإصابة صديقه، حيث “بتُّ شبهَ عاجزٍ عن تأمين قوت أطفالي بعد أن فقدت أحد أطرافي.”

ويضطر عشرات الشباب لا سيما النازحون ممن يسكنون في المخيمات على الحدود السورية التركية شمالي إدلب، للتوجه إلى منطقة جبل الزاوية ومنطقة سهل الغاب غربي حماة، للعمل في الأراضي الزراعية القريبة من خطوط الاشتباك.

“مجبر على العمل”

ويقول من يغامر بالذهاب إلى تلك المناطق إن الظروف المعيشية المتردية وعدم توفر فرص عمل، يجبرهم على ذلك.

وتشهد المناطق القريبة من خطوط التماس مع قوات الحكومية جنوب إدلب وغرب حماة، انتشاراً كبيراً لمخلفات الحرب من قذائف وصواريخ وقنابل عنقودية.

ومازالت تلك المخلفات تهدد حياة المزارعين والعاملين في تلك المناطق وسط جهل البعض بكيفية التعامل معها، دون أن تعمل أي جهة على إزالتها.

وفي الواحد والعشرين من هذا الشهر، قضى الشاب مرعي حسن الفيومي وهو من سكان قرية الحمدانية شرقي إدلب، بانفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب أثناء رعيه الأغنام في الأراضي الزراعية بالقرب من قرية الخوين بمنطقة خان شيخون جنوب إدلب.

وفقدت حليمة السنجاري زوجها البالغ من العمر (37 عاماً)، بانفجار لغم أرضي أثناء عمله في قطاف أشجار الزيتون العام الماضي في منطقة كنصفرة المحاذية لمناطق سيطرة القوات الحكومية في مدينة كفرنبل جنوب إدلب.

وكان زوج “السنجاري” يعمل في مخيمات مدينة معرة مصرين شمالي إدلب كبائع للفول على متن عربة صغيرة يدور بها في أحياء المدينة بشكلٍ يومي.

لكن هذا العمل لم يكن يكفي مصروف العائلة، وهو ما أجبره للذهاب إلى جبل الزاوية للعمل هناك بهدف تحسين وضعه المعيشي.

وبعد وفاة زوجها، اضطرت “السنجاري” للعمل في إحدى ورش الخياطة بمعرة مصرين بأجر يومي لا يتجاوز الـ 15 ليرة تركية.

“أجور ممتازة”

وأشارت النازحة إلى أن أطفالها اضطروا أيضاً لترك المدرسة لمساعدتها، إذ يذهب طفلها الكبير (14عاماً) إلى مدينة إدلب بشكلٍ يومي للعمل في أحد المطاعم لأكثر من 12 ساعة يومياً.

وأضافت: “لا يرضيني أبداً عمل طفلي كل هذا الوقت، أخاف كثيراً من أن يحصل له مكروه أثناء ذهابه أو عودته مساءاً. لكننا مجبرون.”

وأثناء موسم الحصاد، ذهب سامح المحمود (30عاماً) وهو نازح من ريف حماة الشمالي ويسكن في مخيمات أطمة على الحدود السورية التركية برفقة أحد أقاربه للعمل على الحصادة بمنطقة سهل الغاب غربي حماة، بأجر يومي يصل إلى أكثر من 100 ليرة تركية يومياً.

وتعتبر الأجور اليومية في الأراضي الزراعية القريبة من مناطق سيطرة القوات الحكومية “أفضل” مقارنة مع المناطق الأخرى، باعتبارها خط تماس واشتباك.

وعلى الرغم من التعرض لمخاطر الاستهداف أو انفجار ألغام، إلا أن الشاب رأى أن الأجر الذي يتقاضاه “ممتاز مقارنة ببعض أجور الأعمال الأخرى التي كنا نعمل بها في منطقة المخيمات.”

وذكر لنورث برس أنه بسبب قلة فرص العمل وتدهور الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية “اضطررت للعمل في أماكن خطرة، لم أكن أتوقع يوماً أن يصل بي الحال إلى هنا.”

وأضاف: “أنا مجبر على العمل لاستكمال المبلغ المطلوب لإجراء عملية جراحية لطفلي قبل أن يفقد بصره، إذ يعاني من وجود غدة دموية في عينه، وتحتاج لإزالة عاجلة.”

إعداد: براء الشامي- تحرير: سوزدار محمد