مخاطر مخلفات الحرب في مكب نفايات تشكل تجمعات قمامة قرب أحياء في تدمر
تدمر – نورث برس
يضطر سامي العجيل (40عاماً) وهو من سكان حي تشرين في الجهة الجنوبية من مدينة تدمر بريف حمص الشرقي وسط البادية السورية، بوضع غربال على أبواب منزله والنوافذ، كما أنه لا يغامر في الجلوس والسهر في حديقة منزله، حيث الروائح الكريهة المنبعثة من مكب للنفايات وانتشار للحشرات.
ويصف الرجل حاله وحال معظم سكان المنازل في الأحياء الجنوبية من المدينة، بأنها باتت تشبه “السجن”، حيث يغلقون الأبواب مساء ولا يتمكنون من فتح النوافذ، بالإضافة إلى الحاجة لاستخدام معطرات الجو بشكل متواصل عند قدوم الضيوف.
ويمنع “العجيل” أطفاله من الخروج لوحدهم من المنزل للشراء أو اللعب خوفاً عليهم من تعرضهم لعضة الكلاب الشاردة التي تنتشر بكثرة في المكب أو لسعة حشرة سامة.
وتنتشر مجمعات القمامة في الجهة الجنوبية والجهة الشمالية من تدمر، ويزداد خطرها بتسببها بأمراض، فضلاً عن الروائح مع بداية كل صيف.
وبدأت تلك المجمعات تتشكل وتنتشر مع بداية سيطرة القوات الحكومية على المنطقة وطرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منها وبدء عودة السكان إلى منازلهم بعد رحلة النزوح.
وفي أيار/ مايو 2015، سيطر التنظيم على تدمر المدرجة على قائمة اليونسكو للمواقع الأثرية، واستعادت قوات الحكومة السورية السيطرة عليها في آذار/ مارس 2016 بدعم من غارات جوية روسية.
لكن وبعد ثمانية أشهر من طرده منها، أعاد عناصر التنظيم السيطرة مجدداً على تدمر في كانون الأول/ ديسمبر 2016.
وتمكنت القوات الحكومية وبعدم معارك عنيفة بين الطرفين من إعادة سيطرتها عليها أوائل آذار/ مارس 2017 بدعم من غارات جوية روسية أيضاً.
شكاوى عديدة
ويقوم عمال النظافة في تدمر بإلقاء النفايات التي يتم جمعها من الأحياء في تلك المجمعات رغم وجود المكب الرئيسي في الجهة الشرقية على بعد 5 كم عن المدينة وذلك خوفاً من انفجار ألغام أرضية ومخلفات الحرب.
وقال “العجيل” إنه مع عودة السكان انفجرت ألغام في مجمع القمامة الرئيسي “وبدأت بعدها معاناة سكان المنازل القريبة من تلك المجمعات.”
لكن إبراهيم المحمد وهو اسم مستعار لعامل نظافة، قال إن إدارة قسم النظافة في بلدية تدمر على دراية بأن عمال النظافة يقومون بإفراغ القمامة في تلك المجمعات في نهاية كل يوم لعدم المخاطرة والذهاب نحو المجمع الرئيسي.
وأشار لنورث برس إلى أنه في حال جاء فرز عمله في الأحياء الجنوبية يقوم بإفراغ القمامة في المجمع الجنوبي وفي حال كان العمل في حي الجمعيات الشمالية يتم إلقاء النفايات في المجمع الشمالي.
وقام السكان ولأكثر من مرة بتقديم الشكاوى لقسم البيئة والنظافة في بلدية تدمر بضرورة ترحيل القمامة إلى المجمع الرئيسي أو إبعادها عنهم أو إنشاء مجمع جديد للمدينة أو ردم تلك النفايات، “”لكن دون جدوى”، حسب قولهم.
لكن منصور العنزي وهو اسم مستعار لأحد الإداريين في القسم الفني في بلدية تدمر أرجع سبب عدم إنشاء مكب نفايات بديل وعدم ترحيل القمامة من المكبات الحالية إلى “عدم امتلاك البديلة للآليات اللازمة لتنفيذ ذلك.”
وأشار إلى أن الأمر يحتاج إلى ما لا يقل عن 10 آليات للتنفيذ.
تحذيرات طبية
ومنتصف الشهر الماضي، وبحسب “العنزي”، قدمت البلدية طلباً لمحافظة حمص لجلب آليات والعمل على المكبات أو إجراء مناقصة بذلك عبر مقترحات قامت بها البلدية وذلك خلال كتاب رسمي لمحافظة حمص.
لكن الإداري لم يدلي بأي معلومات إضافية حول ذلك، فيما إذا تم الموافقة على طلبهم أو لا.
وذكر أن البلدية كانت قد رفعت “عشرات المرات” طلباً إلى محافظة حمص بضرورة تنظيف منطقة المكب الرئيسي من الألغام، “لكن هناك عدم تعاون من قبل فرق مكافحة الألغام.”
وتشهد جميع الصيدليات في المنطقة خلال فصل الصيف إقبالاً واسعاً من العائلات التي تسكن في الجهة الجنوبية من المدينة لشراء المعقمات والمراهم المضادة للدغ الحشرات واللسعات، وفقاً لما ذكره راغب الجلود وهو صيدلي من تدمر.
وبداية الشهر الماضي، سجلت المدينة حالة عض من كلب مسعور لشاب يسكن قرب المجمع الشمالي، حيث جرى نقله نحو المشفى الوطني وتم نقله فيما بعد إلى العاصمة دمشق لتلقي اللقاحات والمضادات اللازمة.
وحذر الصيدلي من خطورة تلك المجمعات على السكان، وقال إنها تشكل خطراً صحياً كبيراً خاصة على الكبار في السن والأطفال وقد تسبب أضراراً في الجهاز التنفسي.
وأشار الصيدلي إلى أن الحشرات التي تنتشر بين القمامة خطيرة وتُعرض أصاحبها لداء اللشمانيا وقد تسبب الحساسية والحرارة المفرطة وتلوث الدم.
ويضطر محمد الشاهر (22عاماً) وهو من سكان تدمر طيلة العام لشراء الأدوية والسموم للقضاء على الفئران والجرزان والتي تنتشر بكثرة في معظم المنازل القريبة من المكبات.
وأشار “الشاهر” إلى أنهم يضطرون بشكل دائم لعدم ترك الطعام في المطبخ بشكل مكشوف، بالإضافة إلى وضع البقوليات والشاي والسكر بعلب زجاجية محكمة حفاظاً عليها من الحشرات والقوارض.