مهنة صناعة مكانس القش تنتشر في مخيمات إدلب

إدلب نورث برس

تمسك سميرة البوشي (45 عاماً) بيديها أعواداً من القش، لتحولها بسرعة وفي وقت قصير إلى مكنسة ذات شكل خلاب، باستخدام أدوات بسيطة.

وفي المساء ترسل ما تصنعه خلال اليوم إلى السوق أو تبيعه لجاراتها، لتؤمن من هذه المهنة ما يكفي لسد حاجتها.

و”البوشي” التي تنحدر من مدينة كفرنبل والنازحة إلى مخيم تابع لمدينة أطمة الحدودية مع تركيا، أخذت هذه المهنة عن أمها وجدتها منذ صغرها، واتخذتها في ظل الحرب عملاً لها، يساعدها في ظل واقع معيشي صعب.

مهنة تقليدية

“حظيت هذه المهنة بنوع من الاهتمام في ظل الحرب، مما ساعد في الحفاظ على بقائها وعدم اندثارها لأنها جزء من موروثنا الشعبي.” تقول “البوشي”.

وتضيف: “أصنع حوالي 5 مكانس في اليوم، بأحجام مختلفة، وأبيع كل واحدة منها بمبلغ 10 ليرات تركية.”

ويؤمن ما تجنيه السيدة من عملها، احتياجات أسرتها المكونة من ستة أفراد ويكفيهم العوز.

وعادت صناعة مكانس القش اليدوية للتداول في أسواق إدلب، بعد أن شارفت على الاندثار، وذلك نتيجة رخص أسعارها وتعدد استخداماتها، والحاجة إليها في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وانتهاء دور المكانس الكهربائية.

أدوات بسيطة

تقول “البوشي”: “يحتاج العمل بهذه الحرفة إلى مواد بسيطة ونوع خاص من القش.”

وقبل النزوح عن بلدتها كانت الامرأة، تعتمد إحاطة الخضار التي تزرعها بزراعة نبتة “المكنس” وهو نوع خاص من الذرة.

وحين يأتي موعد القطاف في فصل الصيف، تقوم بقطفها وتنظيفها من البذور، ثم استخدمها في صناعة المكانس أو الأطباق للخضار والفواكه.

ولكنها بعد النزوح، تضطر إلى شراء القش من المزارعين لعدم امتلاك مقومات زراعة النبتة حيث تسكن، “مما يكلفني المزيد من الأعباء، ويقلل الربح.”

وتحتاج “البوشي” أيضاً في عملها إلى جانب عيدان القش، لمطرقة وخيوط متينة، و”مسلة” (إبرة ثخينة).

وأولى خطوات العمل، تكون بوضع القش في الماء لإكسابه ليونة ما يسهل التحكم به، ثم تقوم بجمع القش مع بعضه ضمن حزم متساوية العدد.

وفي خطوة لاحقة، تقوم “البوشي” بتوزيع القش بشكل متناسق حتى تأخذ المكنسة شكلها، وتبدأ بعدها عملية خياطة المكنسة بواسطة خيوط بلاستيكية متينة، لشد القش مع بعضه، وبعد ذلك يتم قص نهايات القش لتصبح متساوية الطول.

حرفة متوارثة

ولم يتخل عدنان الحامد (55 عاماً) المكنى بـ”أبو مروان” من مدينة إدلب، عن ممارسة مهنته التي يواظب عليها منذ أكثر من 20 عاماً، على اعتبارها مصدر رزقه الوحيد.

وقال “الحامد” لنورث برس: “على الرغم من أن الحرب الدائرة في البلاد أغلقت الكثير من المحلات والورش التي تنتج هذا النوع من المكانس، إلا أنني لازلت مستمراً في ممارسة هذه الحرفة اليدوية.

وأضاف: “الأسر في إدلب بقيت تستعمل هذه المكانس حتى اليوم، لعدم امتلاكها ترف اقتناء المكانس الآلية، إلى جانب دورها في النظافة ورخص ثمنها.”

ويواجه “الحامد” عدة صعوبات منها إصابته بمرض الديسك نتيجة الجلوس الطويل، إلى جانب انقطاع الطرقات وإغلاق المعابر، حيث كان يصدر ما يصنعه في السابق لبقية المحافظات السورية، والأردن ولبنان، ليقتصر عمله  بسبب الحرب على تغطية حاجة السوق المحلي.

وعادت الكثير من النساء لاستخدام الأدوات التقليدية القديمة في منازلهن في ظل الحرب ومنها مكانس القش. وليدة السعيد (39 عاماً) النازحة من بلدة مرديخ إلى مخيم في مدينة أطمة، إحداهن.

وتقول “السعيد” إنه في ظل النزوح وانقطاع الكهرباء “تخلينا عن أدواتنا الكهربائية، حيث قمنا ببيع المكنسة الآلية، وعدنا لاستخدام مكنسة القش القديمة في تنظيف أرض الخيمة والفسحة الموجودة خارجها.”

وأضافت: “أعادتنا ظروف الحرب إلى الشقاء والتعب وأساليب الحياة البدائية، فليس الأمر مقتصراً على استخدام مكانس القش.”

إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: فنصة تمو