الرياض ـ NPA
كشفت تطورات العملية العسكرية التركية على شمال شرقي سوريا، عن تباين المواقف في المعسكر الداعم للحكومة السورية.
فبينما اتخذت إيران موقفاً مناهضاً لمحاولة تركيا توسيع احتلالها في سوريا، كان الموقف الروسي أكثر ميلاً لدعم العملية التركية، فيما الحكومة السورية اتخذت موقفاً أبعد من حليفيه في تفهم العملية التركية.
وصحيح أن نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد وصف العملية التركية بـ"الحرب العدوانية" و"الغزو"، إلا أنه منح المبرر لاستمرار "العدوان".
فقد حمّل المقداد قوات سوريا الديمقراطية مسؤولية التسبب بالحرب، وهو ما يمنح تركيا شرعية في شن الحرب. وبحسب المسؤول السوري: "لن يكون لعملاء أوروبا أو الولايات المتحدة أي موطئ قدم على الأرض السورية"، قائلاً إنه "لا يمكن التحاور مع من يتحدثون بمنطق انفصالي أو بمنطق أنهم أصبحوا قوة على أرض الواقع، تفرض نفسها بفعل الغزو التركي والدعم الأمريكي الذي تم توفيره لها بعدما تخلت هذه المجموعات المسلحة في هذه المناطق عن مصالحها الوطنية، وارتمت في أحضان الولايات المتحدة بل في أحضان قوى صهيونية معادية لسورية، وارتكبوا فظائع بحق المواطنين السوريين، وهذه المجموعات تتحمل مسؤولية أساسية في دعم هذا الغزو التركي".
ويأتي موقف النظام في سياق مغاير حتى للموقف الإيراني، رغم أن هذا التباين لا يظهر بسهولة إلا بعد الدخول في التفاصيل. ففي بداية العملية التركية، رفض وزير الخارجية الإيراني أي تدخل عسكري، وأكد أن حل المشكلات يكون عبر الحوار مع الحكومة السورية، ودعا إلى اعتماد اتفاقية أضنة كأساس لتبديد هواجس تركيا الأمنية.
كما أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بياناً في اليوم التالي من المكالمة الهاتفية بين محمد جواد ظريف ومولود جاووش أوغلو، أعلنت فيه رفضها القاطع لأي عملية تركية، وألمحت بشكل غير مباشر إلى أن مسألة الانسحاب الأمريكي من سوريا ليس أوانه، وأنه هذا الانسحاب كان يجب أن يتم منذ وقت طويل، بمعنى أن الآن الوقت غير مناسب لتنفيذ الانسحاب بالشكل الاعتباطي الذي أعلنه الرئيس الأمريكي. وأول أمس، ذكرت مصادر إيرانية أن طهران دعت تركيا إلى إيقاف توغلها العسكري ووضع حل عبر نشر القوات السورية على الحدود.
هذا المقترح الأخير يضع إيران في موقف مغاير لموقفي الحكومة السورية، الذي رفض المقترح بشكل غير مباشر عبر تصريحات المقداد، وكان أقرب للموقف الروسي الأكثر تماهياً مع تركيا. فقد نقلت وكالة أنباء الأناضول عن المندوب الروسي في الأمم المتحدة زعمه أن قوات سوريا الديمقراطية قامت بهندسة سكانية شرق الفرات، وهو ما أدى – بحسب المندوب الروسي إلى إثارة قلق تركيا.
وكان تقرير لوكالة "رويترز" قد ذكر أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على العملية التركية بشرط أن تكون سريعة وحاسمة، ويبدو أنه وفق الرؤية الروسية فإن التوغل التركي لن يحقق أهدافه بسرعة، وهو ما يفسر تغيير بوتين موقفه حيث قال في تصريح اليوم، أن العملية التركية في سوريا تهدد بإحياء خطر تنظيم "الدولة الإسلامية".