مراكز التدريب الإعلامي في دمشق.. “دعايات برّاقة واستغلال” للمشغوفين بالإعلام
دمشق – نورث برس
تعرضت بشرى حامد (29عاماً) وهو اسم مستعار لطالبة جامعية، “للخديعة” بعد تسجيلها في دورة تدريب إعلامي في دمشق إرضاءً لشغفها في أن تكون الخطوة الأولى نحو طريق تحقيق حلمها بأن تصبح إعلامية.
وبدأت قصة “حامد” حين رأت إعلاناً على مواقع التواصل الاجتماعي عن دورة إعلامية بعنوان برّاق وهو “البرنامج الإعلامي المتكامل” ويتضمن حسب الإعلان المنشور محاور عدة منها الإلقاء والتقديم والمونتاج، إضافة إلى التدرب على أساسيات الصوت الخبري.
وبعد بدء الدورة، اكتشفت الشابة أن الإعلان يختلف عن مضمون الدورة كلياً حيث كان “بالوناً مليئاً بالهواء”، على حد وصفها.
وذكرت الطالبة أنه لم يكن هناك مكان ثابت للتدريب، “مرة كنا نأخذ الدروس في مركز سكيلز بمنطقة الروضة ومرة يأخذوننا إلى مركز آخر في المزة حيث كان يتم استئجار قاعة في هذه المراكز لمدة ساعة لتدريبنا.”
و”المثير للطرافة”، بحسب الشابة، أنه أثناء تلقيهم الدروس كان يدخل مراقب القاعات ويطلب إنهاء الدرس، لأن مدة الساعة التي تم استئجار القاعة فيها قد انتهت.
وكان محتوى الدورة مجرد بضعة دروس نظرية حول كيفية كتابة الخبر ودروس نظرية عن الصوت وأخرى للمونتاج، إذ أنه “كان من الممكن تعلمها على الإنترنت”، بحسب “حامد”.
وتنتشر في دمشق مراكز عدة للتدريب الإعلامي تواجه اتهامات باعتمادها على مدربين لا يمتلكون الخبرات الكافية وتلقي مبالغ كبيرة “دون تقديم محتوى تدريبي حقيقي.”
انتهاك خصوصية
وفي أيار/ مايو 2019، كان عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق محمد العمر قد وصف مراكز التدريب الإعلامي بـ”الدكاكين الإعلامية التي غايتها الربح.”
ودعا “العمر” حينها وزارة الإعلام واتحاد الصحفيين لوضع حد لما وصفه “بهذه المهزلة”.
وقال حينها، “يجب التأكد من مدى تحقيق أي مركز تدريب إعلامي للشروط، سواء الحقيبة التدريبية أم المدربون أو الساعات التدريبية، فإذا لم يحققها يجب على وزارة الإعلام محاسبته حتى لو كان مرخصاً.”
ولم تتوقف قصة “حامد” هنا، إذ استغلت الإدارة المشرفة على تلك الدورة صورها وصور زملائها الذين تم تصويرهم أثناء الدورة لاستخدامها كمادة دعائية في المجموعات والصفحات العامة على مواقع التواصل الاجتماعي دون الأخذ برأيهم.
وأضافت الطالبة: “استغلوا صورنا أثناء تلقي التدريب كدعاية إعلانية، كلما أفتح صفحة على فيسبوك أرى أن صورنا في كل مكان خاصة في مجموعات البيع والشراء والبضائع.”
واعتبرت أن محتوى الدورة لم يكن كما قرأته في الإعلان، “لم نأخذ سوى درس أو درسين عملي والباقي كله كان معلومات نظرية يعلمها أي أحد.”
ويتواجد في دمشق عدد لا يحصى من مراكز التدريب الإعلامي أبرزها المركز الدولي و”Level Up” ومركز الإشراق والعديد من المراكز الأخرى.
وتقدر أسعار دورات التدريب الاعلامي تبعاً لمدتها ومضمونها، وتتراوح بين 100 ألف ليرة حتى 200 ألف للدورات التي مدتها قرابة شهر، وتتزايد القيمة كلما كانت مدة الدورات أطول، بحسب مشاركين خضعوا لتلك التدريبات.
“مدربون بلا خبرة“
وانتقد، خالد عبدالرحمن (33عاماً) وهو اسم مستعار لصحفي في دمشق، تحويل مراكز دورات التدريب الإعلامي إلى “سلعة تجارية”.
وأشار إلى أن معظم هذه المراكز تقوم “بخداع الشباب الشغوفين بالإعلام عبر عناوين براقة وعمل دعايات وترويج كبير لجذب أكبر عدد ممكن من الطلاب دون تقديم محتوى تدريبي حقيقي.”
واتهم “عبدالرحمن” هذه المراكز بالاعتماد على مدربين “غير كفوئين ولا يمتلكون خبرة أكاديمية.”
وقال: “عند ظهور أي فتاة أو شاب على شاشة التلفزيون الحكومي لمرة أو مرتين نرى في اليوم التالي أنه أصبح مدرباً في هذه المراكز.”
ورأى الصحفي أن اختيار المدربين يقتصر فقط لمن ظهر على شاشة التلفزيون السوري “الذي يعلم الجميع أنه يختار كوادره بالواسطة، ولا ينظر إلى مؤهل هؤلاء العلمي والأكاديمي.”
ولا تختلف تجربة رائد محمد (28عاماً) وهو اسم مستعار لطالب في كلية الإعلام كثيراً عن سابقه، إذ شاهد بدوره إعلاناً عن دورة مراسل تلفزيوني منظمة من قبل “المركز الدولي لتنمية المهارات الإعلامية”، وسرعان ما تواصل مع المركز الذين أكدوا أن الدورة تشمل أغلب دروسها الجانب العملي.
لكن بعد بدء الدورة، رأى “محمد” أن الدورة عبارة عن بضعة دروس نظرية عن مبادئ التقرير التلفزيوني ومعلومات من هذا القبيل.
وتوقع “محمد” قبل التسجيل في الدورة أن يتم تدريبهم بشكل ميداني وعملي على إنجاز التقارير التلفزيونية “بشكل احترافي.”
ولكن “كان دور المدّرب فقط هو قراءة بغض لصفحات حول كيفية عمل تقرير تلفزيوني، لم نستفد أنا وزملائي شيئاً.”