ممارسات طائفية وابتزاز داخل المؤسسة العسكرية تدفع شباب السويداء لرفض الالتحاق بالخدمة الإلزامية

السويداء ـ نورث برس

لاحظ  رائد حكيم (30 عاماً) وهو اسم مستعار لشاب من مدينة شهبا في السويداء جنوبي سوريا، منذ أن تم سوقه إلى الخدمة الاحتياطية في قوات الحكومة السورية، بالإضافة إلى الفساد المستشري في المؤسسة العسكرية، أنها تدار من قبل طائفة معينة من الضباط المسؤولين.

ويذهب جلُّ مستودعات التموين المخصصة للعناصر، إلى قادة الكتائب وضباط الأمن، وهو جزء من الفساد في صفوف المؤسسة العسكرية.

“ويغلب اللون الطائفي الواحد في قيادة القوات الحكومية، والذي يستخدم الشتائم والإهانات والاستعلاء على العناصر المجندين”، بحسب “حكيم”.

ولأكثر من مرة، وجه ضباط لـ”حكيم”، “توبيخات لفظية وإهانات ترافقت باتهامات بالعمالة والخيانة، لتخلفه عن الالتحاق بواجبه الوطني لمدة خمس سنوات.”

ومع تصاعد هذه اللهجة ضد “حكيم”، اضطر للفرار من قطعته العسكرية.

ومنذ بداية الحرب في سوريا عام ٢٠١١ حتى الآن،  بلغ عدد الشباب الذين لم يلتحقوا بالخدمتين الإلزامية والاحتياطية في صفوف القوات الحكومية في السويداء،  40 ألف شاب، بحسب إحصاءات غير رسمية.

فرار من الخدمة

وبعد تخلف دام ثلاث سنوات، قرر أسعد مطر(22 عاماً) وهو اسم مستعار لشاب من مدينة السويداء، الالتحاق بالخدمة الإلزامية في صفوف القوات الحكومية.

وجاء قرار “مطر” بالالتحاق رغم عدم تشجيع المحيط الاجتماعي، وعائلته، “إلا أني لم أستمع إليهم.”

وهدَفَ الشاب من انخراطه، التخلص من الملاحقات العسكرية على الحواجز، ولينهي خدمته الإلزامية، وينطلق بعدها ليعيش حياته المدنية.

“ولكني تفاجأت بأن الضابط المسؤول عنا يُجبر المجندين على دفع مبالغ مالية مقابل الإعفاء من نوبات الحراسة”، بحسب “مطر”.

وأضاف: “كما يتفنن الضباط في أشكال العقوبات الجسدية والنفسية، إضافة إلى رفضهم إعطاء إجازات إلا لمن يدفع لهم مبالغ مالية.”

وفي أول إجازة حصل عليها بعد ثلاثة أشهر من الخدمة، انقطع الشاب عن الالتحاق بقطعته العسكرية التي كان يخدم فيها.

وجاء انقطاع “مطر”، نتيجة تعرضه لابتزاز من ضباط القطعة التي كان يخدم فيها، ما دفعه إلى اتخاذ قرار بعدم الالتحاق مرة أخرى.

وأشار “مطر” إلى أنه منذ اللحظات الأولى من تلك المعاناة التي عاشها قرر بأنه ومن الإجازة الأولى له “سوف يفرّ ولن يعود مجدداً لاستكمال الخدمة العسكرية.”

“قيادة طائفية”

ويقول سعيد الراجي (38 عاماً) وهو اسم مستعار لضابط عسكري من السويداء برتبة رائد لنورث برس، إن “المؤسسة العسكرية الحكومية تحولت إلى ميليشيا يحكمها لون واحد، والآخرون يأتون في المرتبة الثانية والثالثة.”

ويضيف: “الكثير من الضباط فاسدون يستغلون مناصبهم لجمع الأموال من العساكر عن طريق تفييش بعضهم (منحهم إجازات غير مستحقة)، في مقابل أخذ رواتبهم، إضافة لمبلغ شهري يصل إلى 100 دولار أمريكي من المجندين.”

والترفيعات في مناصب الضباط، تأتي حسب تبعية الضابط، وطائفته، وواسطته بالمرتبة الأولى، قبل النظر في مدى كفاءته والتزامه، “وهذا ما يخلق حالة من الفرز المرعب داخل القوات الحكومية”، بحسب الضابط.

وما يجبر “الراجي” على البقاء في منصبه الذي يخدم فيه منذ سنوات، هو الظروف الاقتصادية، ناهيك عن الملاحقات الأمنية والقرارات القضائية العسكرية الصعبة في حال الفرار.”

ضغوط حكومية

وكانت وفود من الطرف الروسي قد شاركت الحكومة السورية في إقناع مرجعيات دينية من مشايخ عقل طائفة الدروز، ووجهاء وشخصيات مدنية بالسويداء بضرورة دفع أبنائهم للالتحاق بصفوف القوات الحكومية.

يقول رستم القادري (49 عاماً) وهو اسم مستعار لناشط سياسي من مدينة السويداء لنورث برس، إن الحكومة وعبر أجهزتها الأمنية حاولت وبشتى الطرق “الضغط على سكان السويداء وحاصرتهم اقتصادياً، وخلقت الفوضى، لدفعهم للالتحاق بالخدمة الإلزامية لكن دون أي تجاوب.”

وطالب مشايخ عقل طائفة الدروز، ووجهاء وشخصيات مدنية، الحكومة مراراً،  بعدة شروط من بينها: أن “تكون خدمة أبناء السويداء داخل حدودها، واحترام المجندين العسكريين أثناء أداء الخدمة.”

وبناء على تحقيق المطالب السابقة، يتم إعادة النظر بإمكانية التحاق شباب السويداء في صفوف القوات الحكومية، “إلا أن السلطة في دمشق لم تلتزم بتحقيق تلك المطالب”، بحسب الناشط السياسي.

إعداد: سامي العلي – تحرير: حسن عبد الله