آفات حشرية جديدة تهدد موسم العنب في السويداء
السويداء – نورث برس
لا يجد سالم زعيتر (55عاماً) وهو اسم مستعار لمزارع من ريف السويداء الشرقي، جنوبي سوريا، وسيلة لإنقاذ محصوله من أشجار الكرمة، فعشرين طناً من العنب وحسب تقديره لما ستنتجه أرضه هذا العام، باتت مهددة بالتلف بشكل كلي.
ويتخوف “زعيتر” ومزارعون آخرون في أرياف السويداء من خسارة إنتاجهم من العنب هذا العام، بسبب ظهور آفات حشرية وفطرية جديدة تتلف أوراق العنب رغم أنهم قاموا برشها بالمبيدات أكثر من مرة لحمايتها.
وأشار المزارع الذي يمتلك ثلاثين دونماً مزروعة بـ 1500 شجرة عنب في منطقة “ظهر الجبل” شرق السويداء، إلى أن الفطريات والحشرات تتلف حبة العنب وهي في بداية تشكلها.
وبحسب مزارعين، فإن الآفات الحشرية تفشت بين “داليات” العنب في عموم الأراضي بريف السويداء الشرقي.
وانتقد “زعيتر” الذي أنفق على حراثة وتقليم ورش الأشجار أربعة ملايين ليرة سورية، مديرية الزراعة في السويداء لأنها “لم تحذر” المزارعين من إمكانية ظهور آفات حشرية وفطرية جديدة، كما أنها لم تقديم مبيدات تكافحها.
وتضم المديرية ثمانين وحدة إرشادية زراعية متوزعة في عموم الأرياف وهي “مسؤولة” عن مراقبة الآفات التي قد تظهر وتقديم المكافحة التي تناسبها.
وتبلغ المساحة المزروعة بأشجار الكرمة في السويداء حوالي 96 ألف دونم وتعطي إنتاجاً سنوياً ما بين 30 إلى 40 ألف طن، بحسب مديرية الزراعة بالسويداء.
ويعتبر العنب من المحاصيل الأساسية القديمة والهامة في السويداء، والتي تعتمد عليها آلاف العائلات في الأرياف، مستفيدة من بيعها في الأسواق للتجار ومن استخراج العصير والدبس الأسود.
أطوار حشرية جديدة
وأرجع رشيد خازمة (48عاماً) وهو اسم مستعار لمهندس زراعي من مدينة صلخد بريف السويداء الجنوبي الشرقي، سبب الانتشار الكبير للحشرات هذا الموسم إلى عدم انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير الشتاء الماضي، والتي تساهم عادة في القضاء على بيوض الحشرات المضرة بأشجار العنب.
كما أدى لظهور سلالات حشرية مقاومة للمبيدات الزراعية المضادة لها سابقاً وخاصة حشرة فراشة ثمار الكرمة أو “دودة هريان العنب” كما تعرف لدى المزارعين.
ورأى المهندس الزراعي أن كثرة المبيدات الزراعية التي يستخدمها المزارعون ودون “إرشاد زراعي علمي وممنهج” خلقت أطواراً حشرية جديدة متأقلمة مع بيئة المبيدات ومقاومة لها.
وذكر أن الدراسات العلمية الزراعية الحديثة باتت تنحى إلى المكافحات البيولوجية عبر تربية الحشرات المفيدة والتي تقتل الضارة بمحاصيل العنب.
ويهدد ظهور سلالات حشرية مقاومة للمبيدات الزراعية المضادة لها بإتلاف مئات الأطنان من موسم العنب في السويداء.
ويعد استخدام المصائد الغذائية والفرمونية وإزالة الجزء المتهالك من الأوراق يدوياً والثمار المصابة وإتلافها، من ضمن تلك المكافحات والتي لا تعتمد على المبيدات الكيماوية.
وأشار “خازمة” إلى أن تلك الطريقة وغيرها من المكافحات البيولوجية تتطلب جهداً أكثر “ولكنها أكثر أماناً وفعالية.”
وتعمل تقنية المصائد الفرمونية من خلال نظام تشغيل المصيدة الذي ينشر الروائح من الكبسولات التي تعمل عبر غرفة زجاجية داخلية مغلفة بالمرايا بالكامل والتي تولد ذبذبات كهرومغناطيسية ميكروويف.
وبحسب المهندس الزراعي، فإن الدور الرئيسي في مكافحة تلك الآفات يقع على عاتق مركز البحوث العلمية الزراعية في السويداء والذي يضم مخابر زراعية وبحثية.
لا مكافحة
لكن مسعود حليمة (54عاماً) وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي في القطاع الزراعي بالسويداء، قال إنه تم تقديم عينات من تلك الحشرات الجديدة والمقاومة للمبيدات إلى مركز البحوث الزراعية العلمية بالسويداء لدراسة تلك الأصناف.
ولم يتم حتى الآن إيجاد مكافحة تتناسب معها، بحسب “حليمة” الذي أشار إلى أنه في “القريب العاجل” سيتم إنتاج مبيدات تتناسب معها، دون أن يحدد مدتها.
وأرجع المسؤول الحكومي سبب البطء في الحصول على نتائج إلى نقص المعدات في بعض المستلزمات الخاصة بالمخابر وصعوبة في استيرادها من الخارج.
ويعد مركز البحوث العلمية والذي يملك هيئة علمية مختصة، مستقلاً عن مديرية الزراعة بالسويداء، ويضم 260 موظفاً ويرتبط بالهيئة العامة المركزية بدمشق وهي جهة منفصلة عن وزارة الزراعة تعمل على دراسة الآفات الحشرية والفطرية التي تحدث في أراضي السويداء.
وكغيره من المزارعين، بدأ رتيب الجمال (58عاماً) وهو اسم مستعار لمزارع أشجار كرمة في ريف السويداء الجنوبي الشرقي، بالمكافحات عبر المبيدات الحشرية منذ نهاية التقليم أي مع بداية شهر نيسان/ أبريل وبلغ عددها ثلاثة رشات خلال شهرين.
ولارتفاع أسعار المبيدات الزراعية، اضطر “الجمال” لاستدانة مبلغ من المال، ولكن الخسارة أتت مضاعفة بعد أن لاحظ أن تلك المبيدات لم تؤثر على الحشرات وانتشرت الآفات داخل أشجار العنب ليخسر المال المستدان ومحصوله معاً.
ولا يعلم “الجمال” ماذا يفعل لإنقاذ ما تبقى من أشجار العنب في كرمه الذي يضم ألف شجرة أعمارها بين العشرة سنوات والخمسة عشر، تنتج له ما يقارب خمسة عشر طن كحد أدنى من العنب.