انهيار الليرة التركية وضرائب حكومة الإنقاذ تتسبب بارتفاع أسعار خدمة الإنترنت بإدلب
إدلب – نورث برس
منذ مطلع الشهر الماضي، ألغى جميل رمضان (26عاماً) وهو نازح من ريف دمشق ويسكن في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، الاشتراك الشهري في الإنترنت، وذلك بعد أن تفاجأ بالتسعيرة التي وضعها مزود الشبكة، ووصلت حينها إلى نحو 60 ليرة تركية، علماً أن سرعة اشتراكه هي واحد ميغا فقط.
ويعتمد النازح حالياً على بطاقات الإنترنت المحدودة ويبلغ سعر بطاقة “1غيغا” خمس ليرات تركية تكفيه لمدة أسبوع، خاصةً وأنه في أغلب الأوقات خارج منزله نتيجة طبيعة عمله.
ويعمل “رمضان” أكثر من 12 ساعة يومياً في إحدى المطاعم بمدينة إدلب، بأجر يومي يبلغ 20 ليرة تركية فقط.
ومنذ مطلع العام الجاري، تشهد أسعار باقات الإنترنت والاشتراكات المنزلية ارتفاعاً ملحوظاً، اضطر العديد للعزوف عن الاشتراكات المنزلية الشهرية التي وصلت مؤخراً إلى أكثر من 75 ليرة تركية (نحو 30 ألف ليرة سورية) للباقة ذات السرعة المتوسطة.
في حين يبلغ اشتراك الباقة الشهرية الممتازة أكثر من 150 ليرة تركية (60 ألف ليرة سورية).
ونتيجة تدهور قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي، قامت جميع شركات الإنترنت العاملة في إدلب بوضع التسعيرة بالدولار الأميركي أو ما يعادله من الليرة التركية أثناء الدفع.
وسجلت الليرة التركية، الأحد، في إدلب 8.64 مقابل الدولار الأميركي الواحد، بينما تعادل الليرة التركية الواحدة 362 ليرة سورية، بحسب موقع الليرة اليوم.
وتسبب الارتفاع الكبير بأسعار اشتراكات الإنترنت بحالة من الاستياء بين السكان والنازحين في المنطقة والذين يعانون أوضاعاً معيشية واقتصادية صعبة، كما أن أعمالهم وأجورهم جميعها بالليرة التركية.
ضرائب
لكن مدير إحدى شركات الإنترنت في إدلب، أرجع سبب الارتفاع إلى جانب انهيار قيمة الليرة التركية إلى الضرائب التي تفرضها حكومة الإنقاذ (التابعة لهيئة تحرير الشام) على مزودي خدمة الإنترنت العاملين في مناطق سيطرتها.
وقال في تصريح لنورث برس، إن أسعار الإنترنت بدأت بالارتفاع بشكلٍ كبير منذ مطلع العام الماضي، بعد قيام المؤسسة العامة للاتصالات التابعة لحكومة الإنقاذ بفرض ضرائب على جميع شركات الإنترنت.
كما تم حصر التعاقد مع الشركة التي أنشأتها فقط، بدلاً من التعاقد المباشر مع الشركات في الأراضي التركية والتي “كانت تزود المنطقة بأسعار أقل من الأسعار التي فرضتها المؤسسة العامة للاتصالات”، بحسب “القاضي”.
ومطلع العام الفائت، أصدرت حكومة الإنقاذ، قراراً فرضت بموجبه على جميع أصحاب شبكات الإنترنت التعاقد مع شركة “سيريا كونكيكت” المعنية بتوريد حزم الإنترنت وتوزيعها لتكون الشركة الوحيدة المصدرة للإنترنت ضمن مناطق “هيئة تحرير الشام”.
واعتبر نشطاء حينها أن ذلك يعد احتكاراً للإنترنت في المنطقة والذي يدر أرباحاً كبيرة فضلاً عن الضرائب.
وأشار “القاضي” إلى أن الارتفاع المتكرر بأسعار المحروقات ساهم أيضاً برفع أسعار باقات الإنترنت خاصةً وأن قسماً كبيراً من الشركات تقوم بتشغيل أجهزتها على الكهرباء معتمدة على المولدات.
والسبت الماضي، رفعت شركة “وتد للبترول”، المحتكرة لسوق المحروقات في إدلب أسعار المشتقات النفطية للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام.
وقالت الشركة في نشرتها إن سعر لتر البنزين المستورد نوع أول ارتفع من 6.66 ليرة تركية إلى 6.76 ليرة (2400 ليرة سورية(.
كما ارتفع سعر لتر المازوت المستورد نوع أول إلى 6.39 ليرة تركية (2300 ليرة سورية) بعد أن كان بـ 6.29 ليرة
غير مناسبة
واعتبر أحمد الجسري وهو من سكان ريف إدلب، أسعار الإنترنت مرتفعة بشكلٍ كبير مقارنة بدخل السكان.
ورأى “الجسري” أن التعامل بالليرة التركية في إدلب زاد “من الطين بلّة”، حيث كان “التعامل بالليرة السورية قبل نحو عام مقبولاً نوعاً ما، إذ كان الاشتراك المنزلي لا يتجاوز ستة آلاف ليرة سورية بشكلٍ وسطي.”
وترتبط أسعار السلع الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في إدلب، بسعر صرف الليرة التركية التي شهدت تراجعاً كبيراً أمام الدولار الأميركي خلال الآونة الأخيرة.
ومنذ حزيران/ يونيو من العام الماضي، صدر قرار من حكومتي السورية المؤقتة والإنقاذ، باستعمال العملة التركية بدلاً من الليرة السورية.
ويعد استخدام الإنترنت الوسيلة الوحيدة للاتصال في إدلب، حيث أن شبكات الاتصال السورية متوقفة عن العمل منذ سنوات.
ومنتصف العام 2019، قامت هيئة تحرير الشام بإزالة آخر الأبراج في منطقتي سراقب و معارة النعسان وإدلب، بحسب سكان محليين.
ويدفع سعيد عبد الرحمن (31عاماً) وهو من سكان إدلب، اشتراكاً شهرياً يصل إلى أكثر من 80 ليرة تركية لقاء باقة سرعتها 2 ميغا فقط.
ورغم أن “عبد الرحمن” يجد ذلك المبلغ كبيراً مقارنة مع مدخوله الشهري، حيث يعمل في أحد المشاتل في إدلب، الذي لا يتجاوز الـ 300 ليرة تركية شهرياً، إلا أنه لا يستطيع تخفيض السرعة “لضعف الإنترنت لدى معظم الشبكات.”