تنقيب جديد عن الآثار في مناطق سيطرة حركة النجباء بمحيط تدمر

تدمر- نورث برس

تشهد مدينة تدمر الأثرية وسط البادية السورية، وفقاً لمصادر محلية، عمليات تنقيب عن الآثار من قبل الفصائل التابعة للحرس الثوري الإيراني “بشكل سري” عبر آليات ثقيلة بساعات متأخرة من الليل.

وبحسب أصحاب آليات وعمال يعملون في التنقيب، فإن حركة النجباء الموالية لإيران، بدأت مطلع الأسبوع الجاري، عملية تنقيب جديدة عن الآثار بمحيط مدينة تدمر بشكل عام والأطراف الشمالية لها بشكل خاص باستخدام الآليات الثقيلة.

وقال حمدي العبد الله وهو اسم مستعار لصاحب آلية، إنه قام بتأجير آليته من نوع قلاب لحركة النجباء من الساعة الثامنة مساءً إلى الساعة الثامنة صباحاً بشكل يومي مقابل مبلغ مالي قدره 25 ألف ليرة سورية لليوم الواحد.

وفي أيار/ مايو 2015، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على تدمر المدرجة على قائمة اليونسكو للمواقع الأثرية، واستعادت قوات الحكومة السورية السيطرة عليها في آذار/ مارس 2016 بدعم من غارات جوية روسية.

لكن وبعد ثمانية أشهر من طرده منها، أعاد عناصر التنظيم السيطرة مجدداً على تدمر في كانون الأول/ ديسمبر 2016.

وتمكنت القوات الحكومية وبعد معارك عنيفة بين الطرفين من إعادة سيطرتها عليها أوائل آذار/ مارس 2017 بدعم روسي.

آليات مستأجرة للحفر

وأشار “العبدالله” إلى أن جميع الآليات التي تعمل بالحفريات والتنقيب عن الآثار هي ملك لسكان وجرى استئجارها من قبل حركة النجباء بمبالغ مالية تتراوح بين 15 إلى 40 ألف بحسب الآلية بشكل يومي.

وذكر “العبد الله” لنورث برس، أن عناصر الحركة يقومون بتعبئة محروقات الآلية عند استخدامها ويقومون بإرجاعها بعد انتهاء العمل صباح كل يوم لمالكها، “وهناك ما يقارب 20 آلية تعمل بالتنقيب عن الآثار في المنطقة.”

ويعمل عبد الوهاب التحسين، وهو اسم مستعار لعامل حفريات برفقة 15 شاباً بالتنقيب عن الآثار في أطراف تدمر الشمالية على شكل مجموعات مقسمة على ورديات ليلاً.

ويتقاضى العامل الواحد والسائقين الذين يعملون في التنقيب، وفق ما ذكره “التحسين” لنورث برس، خمسة آلاف ليرة سورية يومياً.

وأضاف: “يعود رفع أجورنا إلى المخاطر التي تحيط بنا من خلايا تنظيم “داعش” واحتمالية تعرضنا لقصف الطيران الإسرائيلي لأننا نعمل مع الفصائل الإيرانية.”

وكانت منظمة اليونسكو قد قالت وبناء على معلومات قدمتها لجنة من الخبراء تابعة لليونسكو قامت بزيارة تدمر المدرجة على موقع التراث العالمي عام  2016، إن “دماراً هائلاً وقع في متحف تدمر، حيث شوهت التماثيل والنواويس الحجريّة (التوابيت) التي صَعُبَ نقلها إلى مكان آمن بسبب حجمها، وحطم بعضها ودمرت رؤوسها.”

وقامت اللجنة حينها “برصد الدمار الذي تعرّض له قوس النصر ومعبد بَعل شمين الذي تم تحطيمه بالكامل.”

وفي آب/ أغسطس 2015، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان تدمير تنظيم “داعش” جزءاً من معبد “بل” الذي يعود للعصر الروماني في تدمر.

وفي الخامس والعشرين من ذات الشهر، أعلن عناصر التنظيم عن تفجير معبد “بعل شمين” القديم، في عمل وصفته منظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو) بأنه “جريمة حرب استهدفت محو رمز من التراث.”

منع الاقتراب

وقال علي الجعفر وهو اسم مستعار لعنصر بحركة النجباء، إنهم يقومون بحماية المواقع الواقعة شمال تدمر في الليل والنهار عبر دوريات وحواجز ثابتة وطيارة خلال عملية التنقيب، بطلب من القيادة الميدانية لقطاع تدمر في حركة النجباء.

وأشار “الجعفر” إلى أن عملية الحماية للمواقع بعد الانتهاء من العمل تهدف إلى منع السكان من الاقتراب من الأماكن التي يجري التنقيب فيها بشكل عام ورعاة الأغنام بشكل خاص “خوفاً من قيامهم بالبحث في المواقع والعثور على قطع أثرية.”

وتأتي عمليات التنقيب في أطراف المدينة الواقعة بريف حمص الشرقي، في ظل غياب الحراسة الحكومية وعدم قيام حكومة دمشق بعمليات الترميم للمواقع الأثرية.

لكن رائد الرجب وهو اسم مستعار لموظف ببلدية تدمر، أرجع  بطء عمليات الترميم للمواقع الأثرية وعدم فرز حراسة لها إلى “انتشار خلايا تنظيم داعش في عموم البادية السورية وتواجد نقاط عسكرية قرب تلك المواقع الأثرية بمحيط المدينة.”

وقال إن البلدية تقوم بين الحين والآخر بإرسال سيارة وعمال نظافة لتنظيف المواقع الأثرية بمحيط المدينة من الأوساخ فقط.

ورغم عدة عمليات تمشيط من قبل القوات الحكومية، إلا أنه تزداد أنشطة خلايا تنظيم “داعش” في تلك منطقة وسط مخاوف سكان من عودة ظهور التنظيم من جديد.

ويخشى سكان المنطقة من خلايا التنظيم الذين ينتشرون بمحيط القرى بعمق البادية، ويقومون بتنفيذ اغتيالات بشكل شبه يومي في بلدات وقرى البادية السورية بحق عناصر من القوات الحكومية وتهديد رعاة الأغنام بدفع “الزكاة”.

وفي الخامس من هذا الشهر، ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل 23 عنصراً على الأقل من القوات الحكومية على يد تنظيم “داعش” في مناطق بادية حمص الشرقية مروراً ببادية حماة ودير الزور ووصولاً إلى بادية الرقة.

ورأى الموظف أن عملية تنظيف وتأهيل وترميم المواقع الأثرية التدمرية تقع على عاتق مديرية آثار محافظة حمص ومكتبها بمدينة تدمر الذي بدوره “ينتظر ميزانية مالية وخبراء من العاصمة دمشق.”

إعداد: آية الأحمد – تحرير: سوزدار محمد