سكان في السويداء: الحلول الأمنية للحكومة ستعيد سيطرتها دون حل للأزمات

السويداء – نورث برس

يرى سكان وناشطون في السويداء، جنوبي سوريا، أن أي حملات أمنية أو عسكرية للحكومة السورية بدعوى ضبط المجموعات المسلحة وأعمال الخطف والسلب في المنطقة سيكون بهدف استعادة سيطرتها الكاملة دون إيجاد حلول للمشكلات الأمنية والخدمية والأزمات المعيشية التي يعاني منها السكان.

ويتداول سكان في السويداء، منذ زيارات لمسؤولي الحكومة الشهر الفائت، أحاديث منقولة عن ضباط أمن للحكومة عن نية قوات دمشق وفروع المخابرات السورية القيام بعملية أمنية واسعة بهدف استعادة سيطرتها الفعلية على الأرض وإنهاء نفوذ المجموعات المسلحة المتعددة.

ويتهم سكان أجهزة الأمن الحكومية بالوقوف وراء مسلحين يمارسون أعمال خطف وقتل في المنطقة، بينما تشير مصادر إلى أن موالين للحكومة في السويداء يطالبونها بالتدخل لإيقاف الفوضى الأمنية للمجموعات المسلحة.

“بيت الطاعة”

وقال  بسمان صالح (٥٠ عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط سياسي يعيش في مدينة شهبا بريف السويداء الشمالي، إن أي تدخل للأجهزة الأمنية الحكومية بالقوة تحت عنوان تنظيف المنطقة من عصابات القتل والسلب والخطف، “سيكون بهدف إعادة  السويداء إلى بيت الطاعة.”

وأضاف أن أيادي الحكومة الخفية التي تقف وراء الفوضى الأمنية، “تهدف لدفع الزعامات الدرزية في نهاية المطاف للاستنجاد بالحكومة وأجهزتها الأمنية وتأمين غطاء لوجستي لقوات الحكومة العسكرية والمخابراتية لزيادة القبضة الأمنية على السويداء من جديد.”

وفي الرابع والعشرين من أيار/ مايو الفائت، زار حسام لوقا، مدير إدارة المخابرات العامة في سوريا، السويداء والتقى في مقر فرع أمن الدولة مع مشايخ عقل الدروز ووجهاء محليين ورموز اجتماعية وأهلية بارزة هناك.

ووعد “لوقا” الذي سبقته زيارة لرئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، بحلول لمشكلات المحافظة، بينما قابله المجتمعون بمطالب أمنية واقتصادية وخدمية.

وقال “صالح” إن الرموز الدينية والأهلية وجهت لمدير إدارة المخابرات العامة كلاماً حول تورط أجهزة أمنية بعينها في تدهور الحالة الأمنية ودعمها لبعض زعماء العصابات ،كعصابة “عتيل” التي يتزعمها راجي فلحوط، وعصابات “عريقة” بريف السويداء الغربي، ومجموعات “حميد” في بلدة قنوات ريف السويداء الشمالي.

“عمليات تجنيد”

 وأشار الناشط السياسي إلى أن المسؤول الأمني لم يبدِ أي إجابة، بل اكتفى بتسجيل المطالب، بينما أبدى من تربطهم مصالح مع الحكومة وذوو خلفيات تجارية تأييدهم للحسم الأمني والعسكري، فدعوا القوات الحكومية والأجهزة الأمنية “بتطهير السويداء من الفساد وعشرات المجموعات المسلحة، متناسين أنها هي المحرك الأساس للفتنة والنزاعات في المنطقة.”

 ووصف بطاقات التسوية التي قدمتها أفرع الأمن لمئات من شباب السويداء “عمليات تجنيد مافياوية.”

ورجح رستم حرب (٤٩ عاماً)، وهو اسم مستعار لرجل أمن في مدينة السويداء، أن تكون الحلول الأمنية في السويداء خيار الحكومة الأخير، وأن تلجأ السلطات بداية للتنسيق مع “قوى مجتمعية وأهلية وزعامات محلية لرفع الغطاء عن مرتكبي جرائم القتل والخطف دون إراقة الدماء.”

وأضاف أن “هناك أصوات عديدة من داخل السويداء طالبت سلطة دمشق بالضرب بيد من حديد ووضع حد للتجاوزات الخطيرة وغير المسبوقة لمجموعات مسلحة نسفت كل الخطوط الحمراء.”

وقال “حرب” إن المنطقة الجنوبية وحسب الاتفاقات الدولية في أستانا وسوتشي هي مناطق خفض تصعيد تخضع لتوافقات وتفاهمات داخلية وخارجية، “لكن من حق القيادتين السياسية والعسكرية في دمشق بأن تفرض هيبتها على جميع الأراضي السورية ولو بالقوة.”

“قمع وعنف”

واعتبر طارق سالم (٤٥ عاماً)، وهو اسم مستعار لمعلم في إحدى مدارس مدينة السويداء طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، إن “الغاية من الإشاعات التي تبثها أبواق أمنية، هو التغطية على تورط الحكومة في دعم مجموعات مسلحة وعصابات لها يد في عمليات فساد ضخمة تورطت فيها أسماء أمنية كبيرة.”

وقال لنورث برس إن الحل الأمني القادم وإن حدث “لن يحاسب الفاسدين بل سيقوم بحمايتهم، ولن يحاسب الأجهزة الأمنية التي منحت العصابات بطاقات أمنية، بل سيكون ضد كل شخص  يقف في وجه الفساد ويطالب بحياة حرة كريمة.”

ويعتقد “سالم” أن من المحتمل قيام الحكومة بحشد موالين لها من السكان والوجهاء والزعامات والفصائل تحت عنوان التخلص من الفلتان الامني، لكن الهدف الحقيقي سيكون محاولة إعادة السويداء الى حاضنة السلطة من جديد.

ويتخوف محمود الرافع (٥٥ عاماً)، وهو أحد سكان مدينة صلخد جنوب السويداء، من اعتقالات  تعسفية قد ترافق الحل الأمني المحتمل، “لكنها لن تعالج بالتأكيد الفساد وتجار المخدرات الذين يديرهم حزب الله اللبناني وغيرها من القضايا التي يعاني منها سكان السويداء.”

وحذر من أن مشاركة أي من سكان السويداء أو شبابها في حملة قد تكون دموية “سيجعله موسوماً بالعار”، على حد تعبيره.

واعتبر “الرافع” أن الحلول الأمنية والعسكرية ليست غريبة على “حكام دمشق الذين اعتادوا لغة العنف والدم والممارسات القمعية.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد