الحصار الحكومي يؤثر على أسعار الأعلاف في ريف حلب الشمالي
ريف حلب – نورث برس
بينما ينهمك وليد علوة (70 عاماً) وهو من سكان قرية فافيين بريف حلب الشمالي، بجزِّ صوف أغنامه البالغة 40 رأساً، يتحدث باستياء عن صعوبات يواجهها للمحافظة على مصدر دخله الوحيد.
ويواجه “علوة” ومربو ماشية آخرون بريف حلب الشمالي، صعوبات في تأمين العلف لمواشيهم، في ظل ارتفاع أسعارها في السوق السوداء وقلة الكميات المتوفرة لدى لجنة دعم الثروة الحيوانية في المنطقة بسبب حصار حكومي.
كما أن شح الهطولات المطرية هذا العام وتراجع مساحات الرعي وانخفاض أسعار المواشي التي تشهد ركوداً في عمليات البيع والشراء، كلها عوامل تؤثر سلباً على قطاع الثروة الحيوانية في المنطقة.
وتفرض القوات الحكومية “حصاراً خانقاً” على مناطق بريف حلب الشمالي، حيث يسكن نازحو منطقة عفرين وتمنع دخول المواد الإغاثية والطحين والمحروقات وغيرها من المواد إلى المنطقة.
ويتراوح سعر الكيلوغرام غرام من الشعير ما بين 1100 و1200 ليرة سورية، فيما يباع التبن الأحمر (العدس والجلبان والقمح) ما بين 500 و700 ليرة، ويصل سعر الكيلوغرام من التبن الأبيض (الشعير) إلى 300 ليرة.
في حين يتراوح سعر الأغنام ما بين 500 ألف و750 ألف ليرة، فيما وصلت العام الماضي إلى مليون ليرة، بحسب مربي الماشية.
وتحتل تربية المواشي المرتبة الثانية بعد الزراعة من حيث اعتماد سكان ونازحين من منطقة عفرين عليها كمصدر للدخل بقرى وبلدات بريف حلب الشمالي.
وتضم المنطقة حوالي 40 ألف رأس من الماشية بين الماعز والأغنام والأبقار، وتتوزع في قرى ناحية شيراوا جنوبي عفرين وقرى وبلدات بريف حلب الشمالي، بحسب لجنة دعم الثروة الحيوانية التابعة لمديرية الزراعة في الإدارة الذاتية بالمنطقة.
صعوبات أخرى
وتسببت العملية العسكرية التركية رفقة فصائل معارضة مسلحة في العام 2018، ضد منطقة عفرين بنزوح أكثر من 300 ألف شخص من منطقة عفرين إلى ريف حلب الشمالي، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين.
ولم تفرض تركيا قبضتها حينها على عدة قرى تابعة لناحية شيراوا (صوغانة، عقيبة، زيارة، ابين، كلوته، مياسة، زرناعيت، الذوق الكبير، برج القاص، باشمرة، خريبكه)، لتسيطر عليها قوات الحكومة السورية بعد انسحاب وحدات حماية الشعب منها.
ولجأ قسم من النازحين للسكن في مخيمات (العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا)، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
ويجد محمد عثمان (55عاماً) وهو نازح من عفرين ويسكن بقرية تل سوسين ويمتلك 90 رأس من الأغنام صعوبة في رعي أغنامه في مراعي طبيعية خارج القرية وذلك لانتشار الألغام ومخلفات الحرب.
ويعتمد النازح حالياً على رعي أغنامه في أراضٍ حصدت مؤخراً، “لكن بعد شهر سنضطر للاعتماد على تعليفها وهو ما سيثقل كاهلنا.”
وخلال السنوات الثلاث الفائتة، شهدت منطقة ريف حلب الشمالي انفجار العديد من الألغام بسكان ونازحين من عفرين ومواشي.
وبحسب الهلال الأحمر الكردي بريف حلب الشمالي، فقَدَ 31 مدنياً حياتهم وأصيب 46 آخرون نتيجة انفجار ألغام منذ نزوح سكان عفرين إلى ريف حلب الشمالي وحتى تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي.
كميات قليلة
والعام الماضي، حصل “عثمان” على 100 كيلوغرام من مادة النخالة بسعر 350 ليرة للكيلو الواحد من لجنة تربية الثروة الحيوانية، لكنه اضطر ولقلة الكمية لشراء المادة من السوق السوداء بـ750 ليرة للكيلو.
والعام الماضي، شكلت مديرية الزراعة التابعة للإدارة الذاتية في ريف حلب الشمالي، لجنة دعم الثروة الحيوانية “لتلبية احتياجات مربي مواشي.”
لكن مصطفى إبراهيم وهو رئيس لجنة دعم الثروة الحيوانية في الريف، قال، إن “الحصار المفروض على المنطقة، يصّعب علينا عملية شراء الأعلاف من خارج المنطقة، لذلك نعتمد على إنتاج المنطقة من علف وتبن وهي كميات قليلة.”
وأشار إلى أنهم يملكون مطحنة واحدة في المنطقة “وتنتج مادة النخالة بكميات قليلة ولا نستطيع سد ربع احتياجات مربي المواشي.”
وأضاف: “عمدنا هذا العام إلى تأخير إضرام النيران أو حرث الأراضي بعد حصادها وتركها كمراعي مجانية للرعي.”
وكانت منطقة عفرين قبل سيطرة تركيا والفصائل المسلّحة عليها، تضمُّ 150 ألف رأس من الغنم والماعز وخمسة آلاف رأس من الأبقار و39 مدجنة، وفقاً لما أفاد به اقتصادي مطلع على تلك الأرقام في وقت سابق لنورث برس.
وبحسب المختص في الاقتصاد، فقد بلغت نسبة خسارة قطاع الثروة الحيوانية في منطقة عفرين جراء العملية التركية 75بالمئة (ما يُقدَّر بـ25 مليون دولار).
وتعود أسباب الخسارة تلك إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية بسبب القصف التركي وغياب المربّيين وتعرض الآلاف من رؤوس المواشي للسرقة من قبل فصائل المعارضة المسلّحة، بحسب المصدر نفسه.
كما قال مربّو ماشية نازحون من عفرين، إنهم اضطروا خلال رحلة النزوح لبيع ماشيتهم لتجار من خارج المنطقة بسعر متدني، “خوفاً من نفوقها.”
ويشتكي جمعة جمعة (32عاماً) وهو نازح من قرية سفيرة بريف حلب الشرقي إلى ريفها الشمالي، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، ارتفاع أسعار تلقيح الأغنام.
وقال: “نقوم بتلقيح الأغنام كل ستة أشهر ويكلف كل رأس غنم حوالي أربعة آلاف ليرة سورية.”