رضَّعٌ انتهى بهم المطاف على قارعة الطرقات وبرلمان العراق بصدد سن قانون لحمايتهم

أربيل ـ نورث برس

قالت ميسون الساعدي وهي رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية في العراق، الأربعاء، إن مسودة قانون حماية الطفولة الصادر من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وصل إلى مجلس الدولة ثم إلى مجلس الوزراء “فتم التصويت عليه.”

ومنذ سنوات، تشهد مناطق عراقية متفرقة من ضمنها إقليم كردستان بين الفترة والأخرى، حوادث رمي أطفال حديثي الولادة وتركهم لمصير مجهول.

وقالت الساعدي في حديث لنورث برس، إنه “تم إيصال مشروع القانون إلى مجلس النواب. وهو الآن على طاولة هيئة رئاسة البرلمان ومن المنتظر إرساله إلى لجنتنا المعنية.”

وكشفت رئيسة اللجنة أن مشروع القانون يتكون من 14 فقرة تخص حماية الطفولة.

ورغم أن اللجنة لم تطلع على نصوص المشروع حتى الآن، فإن هناك مادة خاصة لتغيير مصطلح الطفل اللقيط واستخدام مصطلح قانوني يحفظ حقوق الطفل، بحسب “الساعدي”.

وخلال الأعوام القليلة الفائتة، حصلت قصص كثيرة لأطفال رضع انتهى بهم المطاف على قارعة الطرقات أو أمام منازل أو جامع أو متروكين في مشفى لمصير مجهول.

والعام الماضي، أدخلت طفلة بصورة رسمية إلى مشفى بكركوك على أنها مريضة، وبقيت الأم مع الطفلة لمدة يومين، لتختفي فجأة وتبقى الطفلة بقسم الرعاية الصحية للأطفال، بحسب مصدر من المشفى.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عُثر على طفل حديث الولادة، في حي الصناعة بجنوب مدينة أربيل متروكاً لمصير مجهول، إلى أن تم نقله إلى مركز أمني ومنه إلى مشفى لتلقي الرعاية الصحية.

وفي الشهر ذاته، عثر على طفلة عمرها 10 أيام، بالقرب من  سوق الخضار المركزي في قضاء سوران بأربيل، وتم نقلها إلى المشفى لتلقي الرعاية.

وعثرت الشرطة على طفل رضيع مرمي بين النفايات في قضاء الحويجة، جنوب غرب محافظة كركوك.

“تحصين المجتمع”

نماذج الأحداث هذه، هي قلة قليلة من عشرات الحالات التي تحدث سنوياً على مستوى العراق.

يقول عبد الحافظ الجبوري وهو مدير إعلام الشرطة المجتمعية في العراق، إن مؤسسته تنظم وتنفذ حملة واسعة اهتمت بالدرجة الأساس في تعزيز الرابطة الأسرية ومناهضة العنف ضد النساء والأطفال.

وتعمل الشرطة المجتمعية بالتنسيق مع مديرية حماية الأسرة والطفل وبعض المنظمات المدنية والأممية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمرأة على تنظيم مؤتمرات وورش عمل ومنتديات لبحث قضايا زواج القاصرات وهروب الفتيات نتيجة العنف الأسري أو الإجبار على التسول وغيرها.

وتأتي هذه الأعمال بحسب ما قال المسؤول الأمني لنورث برس: “بهدف تحصين المجتمع من الوقوع في فخاخ الانحراف والجريمة، والوقوف على المسببات لمعالجتها ووضع الحلول الناجعة لها.”

ويعزو “الجبوري” حالات رمي الأطفال الرضع إلى الفقر والحروب وغياب الرقابة الداخلية والخارجية والجهل، والحرية الزائدة والاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي.”

ويضيف: “كما أن العوز الاجتماعي بالإضافة للأسباب السابقة وغيرها، أسهمت جميعها أو بعضها في ظهور هكذا حالات.”

ويقول المسؤول، إن حالات رمي الرضع “لا زالت حالات محدودة وأكثرها نتاج علاقات محرمة خارج إطار الزوجية.”

ويشير “الجبوري” إلى ان رمي الأطفال الرضع في الشوارع “لم يصل إلى حد الظاهرة وهي قليلة مقارنة بغيرها من الحالات.”

لكن عدد الحالات تزايد بعد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لبعض المحافظات في حزيران/ يونيو عام ٢٠١٤.

ومن الأسباب الرئيسة لرمي الأطفال هي الأوضاع الاقتصادية والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج أو ما يطلق عليه اسم “الزنا” دينياً.

وتساهم تلك الأسباب بتفاقم عدد حالات رمي الأطفال في الشوارع وحتى التجارة بالبشر ترتبط بهذا الأمر، وفق ما يراه باحثون اجتماعيون.

وتشجع أحكام المادة السادسة عشرة من نظام دور الحضانة رقم 12 لسنة 1965 العراقي، على تبني اللقطاء ودمجهم في المجتمع.

ويسمح لدور الحضانة بموجب القانون، استقبال اللقطاء المسجلين في دوائر الشرطة والمستشفيات والمحاكم والمؤسسات الخيرية، بعد التأكد من هوية المودع وعنوانه الكامل.

التبني

ومقابل تزايد حالات رمي الرُضَّع، تزايدت طلبات التبني، غير أن قرارات المحكمة تأخذ وقتاً طويلاً، في حين لا توجد مؤسسات حكومية خاصة لإيواء هؤلاء الأطفال لحين صدور قرار المحكمة.

وأطلق القانون العراقي مصطلح “الضم” بدل “التبني” حفاظاً على نفسية الطفل، وذلك وفق شروط، تبدأ “بتقديم طلب من زوجين عراقيين سليمين عقليا وخاليين من الأمراض المعدية، مع تقديم ما يؤيد حسن السيرة والسلوك.”

كما أضاف القانون، وجوب أن يكون للطفل أو الطفلة “حصة لا تتجاوز ثلث ورثة العائلة التي يجب أن تثبت بأنها لا ترزق بطفل، ومر على الزواج فترة لا تقل عن خمس سنوات.”

وبعد تلك الإجراءات تصدر المحكمة قراراً بضم الطفل مؤقتاً لستة أشهر للمراقبة، وترسل باحثاً اجتماعياً للتحقق من الرعاية الكاملة للطفل، وبعد التأكد تصدر المحكمة قرارها بضم العائلة للطفل بشكل نهائي.

“كريم النسب”

وفي عام 2014، سعت هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى إطلاق تسمية “كريم النسب” على الطفل “اللّقيط”.

ويسعى المشرعون العراقيون لإعداد مسودة قانون للطفل العراقي لضمان أن تصبح التسمية رسمية معتمدة في دوائر الدولة الرسمية، بدلاً من اسم “لقيط” الذي يحمل مدلولات معيبة، في محاولة لإثارة الاهتمام، وتخفيف الشعور بفقدان الأم والأب.

إعداد: حسن حاجي ـ تحرير: معاذ الحمد