أشهر من الانتظار في دمشق لاستلام مخصصات دفعة من المواد المدعومة

دمشق – نورث برس

منذ ستة أشهر تتردد فاطمة محمد وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة حرستا إلى مدينة جرمانا بريف دمشق، على إحدى صالات السورية للتجارة لاستلام مخصصاتها من المواد المدعومة “لكن دون فائدة”.

وتتساءل السيدة في كل مرة عن تاريخ استلام مخصصاتها من الأرز والسكر، “والإجابة دائماً واحدة (عليك انتظار وصول الرسالة إلى هاتفك لاستلام المواد).”

وينتقد السكان عدم استلام مخصصاتهم من المواد الأساسية، ورغم لجوء مؤسسة السورية للتجارة إلى تمديد فترة الاستلام باستمرار، إلا أنه مع كل فترة تسليم يشتكي العديد من السكان من عدم استلام مخصصاتهم منذ عدة أشهر.

و”البطاقة الذكية”، مشروع “أتمتة” توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد كالأرز والشاي والسكر والزيت، تقوده وزارة النفط والثروة المعدنية وتنفّذه شركة “تكامل” المحلية، بدءاً من العام 2014.

وبدأت الوزارة في البداية توزيع المحروقات على الشركة وتوسعت بعدة مراحل ليغطي باقي الأقسام.

وبررت حكومة دمشق أثناء إطلاقها المشروع، أنه “لمنع الاستغلال الحاصل بالمواد الأساسية للمواطنين ومنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار من قبل التجار.”

وبحسب البطاقة يحصل  كل فرد في العائلة شهرياً على واحد كيلو غرام من السكر بسعر 500 ليرة، فيما تحصل العائلة الواحدة شهرياً على 5 كيلوغرامات من الأرز بسعر 600 ليرة للكيلو، شريطة أن لا تستلم العائلة شهرياً أكثر من 6 كيلوغرام من السكر و5 كيلوغرام م الأرز.

وتبلغ مخصصات العائلة الواحدة من الزيت لترين شهرياً، لكنه وبحسب سكان محليين، لا يدخل في نظام الرسائل، حيث يتم شراؤه مباشرة إذا كان متوفراً في الصالات، كما أن سعره غير ثابت.

وكانت تبلغ مخصصات العائلة المكونة من فرد إلى ثلاثة أفراد، 400 غرام من الشاي شهرياً، و600 غرام للعائلة المكونة من خمسة أفراد، وواحد كيلوغرام للعائلة التي عدد أشخاصها فوق خمسة أفراد كل شهرين، بسعر 12 ألف للكيلو الواحد.

“رشاوى ومحسوبيات”

لكن مطلع الشهر الفائت، حذفت السورية للتجارة، مادة الشاي من قائمة المواد التموينية الموزعة عبر نظام البطاقة الذكية.

ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من الشاي في الأسواق إلى ٥٠ ألف ليرة، وهو ما يقارب الراتب الشهري للموظف الحكومي.

لكن وعلى مدار سنة كاملة لم تستلم “محمد” مخصصاتها إلا مرة واحدة، حيث أنها اضطرت في تلك المرة لقضاء عدة ساعات في الطابور منتظرة تسليمها بضعة كيلوغرامات من السكر والأرز.

وقالت: “مع كل هذا الازدحام والتوتر الناتج عن ساعات الانتظار الطويلة، أخاف على نفسي في كثير من الأوقات من الإشكالات التي قد تحصل والمشاجرات بين الناس المنتظرة والموظف الذي لا يلتزم بالدور.”

واتهمت “محمد” وآخرون، المسؤولين عن توزيع المواد بـ”المحسوبيات، الأمر الذي يزيد من معاناة الانتظار.”

وبحسب ما ذكره سكان من دمشق، فإنه وكغيرها من الدوائر الحكومية، هناك إلى جانب كل صالة أو مديرية من يقوم بأعمال السمسرة، “ويستغل الأزمة لمصلحته الشخصية ولاستحصال كسب مادي منها.”

وقالت عفاف زيدان (51عاماً) وهو اسم مستعار لموظفة في القطاع الخاص وتسكن في بلدة قدسيا بريف دمشق، إن أمام كل صالة شخص يعرض استلام المواد على المنتظرين بسرعة دون انتظار “لقاء مبلغ مالي يصل إلى خمسة آلاف ليرة سورية.”

وذكرت “زيدان” أن الشخص يقوم بأخذ البطاقة واستلام المواد من الصالة مباشرةً “بتواطؤ مع الموظف المسؤول مقابل تقاسم الرشوة.”

“تأخر مقصود”

وضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بفضيحة “سرقة” مديرة إحدى الصالات لعدة أطنان من المواد, وصدور قرار بإعفائها بتاريخ الثامن عشر من شباط/ فبراير الماضي، وإحالتها إلى الرقابة والتفتيش.

ورغم تمديد مؤسسة السورية للتجارة فترات تسليم المواد إلا أنها “تفشل” في تسليم المخصصات لجميع السكان.

وفي فترة التسليم الأخيرة، مددت المؤسسة تسليم مخصصات أشهر شباط / فبراير، وآذار/ مارس، ونيسان/ أبريل الماضية إلى التاسع من هذا الشهر، “لكن دون فائدة”، بحسب سكان.

وقال حمزة العمر (52عاماً) وهو اسم مستعار لتاجر مواد غذائية في دمشق، إن المؤسسة “تتقصد تأخر تسليم المخصصات، فلو قامت المؤسسة بتوفير كميات كبيرة من المواد المدرجة على البطاقة الذكية لتباع بأسعار قريبة من أسعارها الحقيقية ستضر بكبار التجار الذين يحتكرون الاستيراد.”

وبحسب التاجر فإن المواد متوفرة بكثرة في السوق، وأن المستوردين على استعداد لاستيراد وتوفير أي كمية يطلبها التاجر أو المؤسسة مهما كانت كبيرة بشرط أن يدفع ثمنها وفق “ما يحلو لهم.”

وأضاف “العمر”، أن “المستوردين المقربين من الحكومة أو الواجهات التي يستورد عبرها رجالات الحكم ما يحلو لهم من بضائع، ليس من صالحهم أن تتوفر المواد وتباع بأسعار رخيصة، وسيفضلون البقاء متحكمين بأسعار المواد دون حسيب أو رقيب.”

إعداد: رغد العيسى – تحرير: سوزدار محمد