توقعات بانخفاض إنتاج العسل في السويداء وسط غياب الدعم

السويداء – نورث برس

خسر محمود حازمة (50 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد مربي النحل في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، ثلاثة ملايين ليرة سورية توزعت بين مصاريف تنقلات في أراضٍ بحثاً عن أشجار جاذبة لغذاء النحل ومصاريف مكافحة دوائية وغذاء شتوي من العسل.

كما أنفق ثمن مستلزمات تنظيف الخلايا بشكل مستمر، إضافة لتعرض جزء منها مع بداية العام الجاري للسرقة.

وباع “حازمة” جميع خلايا النحل التي كانت تعين عائلته في تأمين مستلزمات الحياة ودعم مصاريف أولاده الثلاثة في استكمال دراستهم الجامعية.

وهذا العام، تقلصت مساحات الرعي الربيعية للنحل في السويداء بسبب شح الأمطار، في ظل توقعات بانخفاض كميات إنتاج العسل إلى أقل من النصف مقارنة بالأعوام الثلاثة الفائتة، بحسب مربي نحل.

وقضى مربي النحل، عشرون عاماً من حياته في تربية النحل وبيع العسل في الأسواق، حيث لم تكن تتجاوز أسعار الخلية الواحدة في تلك الأوقات الثلاثة آلاف ليرة، ليصبح لديه خمسة وثلاثين خلية نحل في نهاية عام ٢٠٢٠.

وتتألف خلية النحل الواحدة من خمسة طرود خشبية، حيث يبلغ سعر إطار الطرد الخشبي الواحد دون نحل 35 ألف ليرة، في حين يبلغ سعر الخلية كاملة مع النحل ما يقارب 228 ألف ليرة سورية، بحسب مربي نحل.

وانتقد “حازمة” غياب الدعم الحكومي لمربي النحل وعدم تعويضهم للخسائر، “لم نتلق الدعم من أي جهة سواء حكومية أو جمعيات داعمة لمربي النحل سوى جمعية النحالين في السويداء.”

إنتاج متراجع

ومع بداية الألفية الثانية، تأسست الجمعية من قبل مجموعة من النحالين للوقوف على معوقات تربية النحل. وتسعى لجلب مساعدات من منظمات أممية لتوسيع تربية النحل وهي مرتبطة بجمعية النحالين العرب والتي مقرها القاهرة وهي غير حكومية.

ولكن الجمعية “لا تضم صندوقاً مالياً مستقلاً تستطيع من خلاله الوقوف إلى جانب أزمات مربي النحل. وهم يسعون إلى إنشاء هذا الصندوق بدعم من الحكومة دون أي جدوى حتى هذا التاريخ”، بحسب أحد أعضاء الجمعية.

وبحسب مسعود شريف (56 عاماً) وهو مهندس زراعي وخبير في مجال تربية النحل في السويداء، فإن كمية إنتاج العسل للخلية الواحدة سنوياً بالسويداء يبلغ ما بين 12 و25 كيلوغرام، وذلك “حسب توفر البيئة المناخية والزهرية المناسبة للنحل.”

وتوقع المهندس الزراعي أن لا تنتج خلية النحل الواحدة أكثر من ثمانية كيلوغرامات من العسل هذا العام.

والعام الفائت، بلغت كمية إنتاج العسل من 3500 خلية نحل لدى ثمانين من مربي النحل في عموم السويداء، ما يقارب العشرين طناً من العسل، بحسب مصدر في مديرية الزراعة بالسويداء.

وفي ظل تراجع الغطاء الزهري للنباتات وزيادة تكاليف تربية النحل وعدم تقديم مساعدة من مديرية ووحدات الزراعة الحكومية وتوفير برامج الدعم والمكافحة، كل هذا “جعل إنتاج العسل ينخفض إلى مستويات متدنية للغاية”، بحسب المهندس.

وأشار “شريف” إلى أن تعويض الفاقد الغذائي للنحل ببدائل غذائية أخرى، مكلف جداً وغير متوفرة في الأسواق مثل “خلطة الكاندي” في ظل اكتفاء المربين بالمراعي القريبة من المناطق المأهولة خشية تعرض خلاياهم إلى السرقة.

لا خطط حكومية

وخلطة “الكاندي” هي مزيج من مسحوق السكر والعسل الطبيعي والماء الدافئ، يضاف إليه فيتامينات وخل التفاح وعصير الليمون وهي مغذيات عالية الجودة تقدم إلى النحل في فصلي الشتاء والخريف لعدم توفر المراعي الزهرية.

ويباع الكيلوغرام الواحد من العسل في السويداء بـ35 ألف ليرة سورية.

وقال رأفت حسين (45 عاماً)، وهو أحد مربي النحل في مدينة صلخد بريف السويداء الجنوبي الشرقي، إن عمليات الاحتطاب الواسعة لأشجار تعد من المغذيات الرئيسية للنحل أثناء الإزهار خلال فصل الربيع أثر أيضاً على قلة الإنتاج.

وأشار “حسين” إلى أن الخمسين خلية نحل التي يقوم بتربيتها منذ خمسة عشر عاماً لم تعد تعطيه كما في السابق.

وينوي المربي في حال تكرر انخفاض الهطولات المطرية العام القادم، وازدادت عمليات اقتطاع الأشجار الرئيسية، بيع خلاياه والبحث عن عمل آخر يعيش منه وعائلته.

وهذا العام، تعرضت سبعون خلية نحل تعود ملكيتها إلى ثلاثة نحالين إلى السرقة في شمال وغرب مدينة صلخد، “رغم أن الخلايا كانت في أراض مجاورة إلى قطعة عسكرية حكومية.”، بحسب “حسين”.

ورأى مربو نحل أنه على الحكومة اتخاذ إجراءات إسعافية في تقديم الدعم المالي المباشر لهم.

لكن سالم خير، وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي في قطاع تربية النحل في مديرية الزراعة بالسويداء، قال إنه “ليس هناك خطط حكومية محلية بالسويداء يمكن تنفيذها.”

وقدم المسؤول الحكومي وعوداً في العمل “بشكل جدي” لتنمية مناخات تربية النحل بالسويداء في المستقبل دون أن يحدد المدة الزمنية اللازمة لذلك.

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد