مبالغ مالية على سكان في حلب لإعادة بناء دوار كان باسم شخصية معارضة
حلب – نورث برس
انتقد سكان من حي السكري في مدينة حلب، شمالي سوريا، إلزامية دفع مبالغ مالية لإعادة ترميم دوار كان مسمى على اسم شخصية معارضة في الحي وتغيير اسمه، في حين أن الحي ما زال يعاني من مشاكل خدمية.
والأربعاء الماضي، دشن أعضاء من فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في حلب دواراً باسم “ساحة الشهداء” في نهاية سوق الخضرة بحي السكري في الحد الفاصل ما بين حي السكري وتل الزرازير.
ولم يشارك سكان الحي في عملية التدشين واقتصرت المشاركة على شخصيات دينية وسياسية وعسكرية من القوات الرديفة للقوات الحكومية، إضافة لشخصيات من فرع حزب البعث العربي الاشتراكي، حيث كان السكان منصرفين إلى أعمالهم اليومية.
وكان حزب البعث العربي الاشتراكي في حلب قد طالب الجهات الأمنية بضرورة إزالة دوار يسمى بـ “دوار موفق” بحي السكري وإعادة إعماره وتسميتيه باسم جديد.
وقال مصدر خاص من فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بحلب فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن الحزب طلب من الجهات الأمنية متابعة إزالة “دوار موفق” لأن “اسمه يعود إلى شخصية إرهابية كانت تابعة لإحدى الفصائل العسكرية الموالية لتركيا.”
وحدث ذلك أثناء الاحتفال في فوز الرئيس السوري بشار الأسدـ بالانتخابات الرئاسية، في “دوار موفق”، حيث حضر الاحتفال أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي ورئيس فرع الأمن العسكري بحلب وتم السؤال حينها عن المنطقة واسم الساحة ليتبين أن الاسم يعود لأحد المسلحين المعارضين للحكومة.
جمع مبلغ الإعمار
وطلب أمين فرع الحزب تغيير اسم الدوار والساحة، “إلا أن الأمر يتطلب مناقصة للعمل وعقداً مع أحد المتعهدين وبذلك يستغرق وقتاً طويلاً”، بحسب ما أفاد المصدر نورث برس.
وأشار ذات المصدر إلى أن أمين فرع الحزب طالب بإنجازه بأسرع وقت “حتى يواكب احتفالات انتصار سوريا بفوز الرئيس السوري.”
وتكفل رئيس تجمع شباب الوحدة الوطنية بالأمر، “لكن الذي حصل أن التجمع طلب من سكان الحي والمحلات جمع المبالغ حتى يتم إزالة الدوار وتغيير الاسم.”
ودوار موفق تعود نسبته إلى “عمر موفق” والذي كان يملك عدة محلات للتصوير الفوتوغرافي وبيع أقراص الأفلام وتصليح الموبايلات وبيع لوازمها.
وقبل سنوات من الحرب السورية، قام “موفق” بإنشاء دوار في الحي مقابل المحلات التي يملكها، وبذلك صار الدوار يعرف لدى السكان باسم “دوار موفق” حتى وصل الأمر لقيام المخاتير ومجلس الحي بتسجيل اسم الدوار كعلامة مميزة لمعرفة العناوين.
وانضم عمر موفق وأولاده بعد نشوب الحرب في حلب لفصيل “استقم كما أمرت” وقاتلوا ضد القوات الحكومية في الحي، وبعد صفقة خروج المسلحين من حلب، خرج معهم باتجاه ريف حلب الشمالي، وفقاً لما ذكره المصدر لنورث برس.
وقال أحمد عمر وهو اسم مستعار لعضو مجلس حي السكري ومن المشاركين في دفع تكاليف إزالة الدوار وإعادة إعماره إن “قيمة التكاليف الإجمالية تجاوزت مليوني ليرة سورية.”
ورأى سكان الحي أنه كان من الأجدر أن يصرف ذلك المبلغ على تعبيد الطرقات وإزالة أنقاض وركام الأبنية المدمرة التي لا تزال منتشرة في الشوارع وترحيل القمامة.
ويعاني الحي من غياب شبه تام لخدمة الكهرباء والخدمات الطرقية، إضافة لغياب عمال النظافة الذين لا يرحّلون القمامة إلاّ مرة واحدة في الأسبوع، بحسب سكان محليين.
“تلميع وجه الحزب”
ومن منتصف 2012 وحتى أواخر 2016، شهد حي السكري كمعظم أحياء حلب وخاصة الشرقية منها دماراً كبيراً نتيجة المعارك التي دارت في شوارعها بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة.
وشنت القوات الحكومية في 2016 وبغطاء جوي من روسيا هجمات عدة على مناطق سيطرة الفصائل في حلب، وتمكنت حينها من فرض حصار عليها، حيث تم إجلاء عشرات الآلاف من مناطق شرق حلب في إطار اتفاق روسي ـ تركي ـ إيراني، شمل أيضاً إجلاء الجرحى من بلدتي الفوعة وكفريا.
وذكرت مواقع إعلامية لحكومة دمشق، أن هذا الإنجاز(تدشين الدوار) جاء في توقيت “إنجازات وانتصارات سوريا على أعدائها في ظل فوز الرئيس السوري بشار الأسد” في انتخابات الرئاسة التي جرت خلال الشهر الماضي.
وغاب العلم السوري التابع للحكومة السورية عن مشاهد التدشين بشكل شبه تام، حيث اقتصر على وجود عشرات الأعلام والرايات لحزب البعث العربي الاشتراكي فقط.
وتساءل أحد سكان السكري والذي فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، عن سبب “إجبارنا دفع آلاف الليرات السورية لإعادة إعمار الدوار في الحي وشوارعه لم تزفت منذ سنوات.”
وأضاف: “شبيبة تجمع شباب الوحدة الوطنية أجبروا السكان على تحمل تكاليف تلميع وجه فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في حلب من عرق جبينهم.”
واتهم محمد المحمد (47عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي السكري، الحكومة بأنها “لا يهمها سوى الانتقام حتى من أسماء أطلقت على الطرقات والدوار في الحي.”
وأضاف: “السلطات الأمنية باتت تلاحق حتى أسماء المعارضين.”