مزارعون في مناطق سيطرة الحكومة السورية يبيعون القمح كعلف

دمشق – نورث برس

لا ينوي فادي قاسم وهو مزارع من ريف حماة، وسط سوريا، تسليم محصوله من القمح لأي من مراكز تسليم الحبوب الحكومية، حيث سيبيعه كعلف لمن يدفع له أكثر، ليعوض جزءاً من خسارته بسبب قلة الإنتاج وعدم تغطيته للتكاليف.

وقال المزارع، إنه في حال لم يفعل ذلك، سيخسر ليس فقط تكاليف زراعة المحصول وحصاده، وإنما سيخسر حتى قدرته على الزراعة في الموسم القادم.

وتعرض محصول القمح في سوريا هذا العام، لعوامل طبيعية مناخية وحكومية أدت إلى فشل خطة وزارة الزراعة في الحكومة السورية، والمسماة بـ”عام القمح”، والتي كان من المتوقع أن تنتج مليوناً و200 ألف طن، وفقاً لوزير الزراعة حسان قطنا.

وحمل مزارعون حكومة دمشق سبب فشل الموسم، “فعدم قدرتها على توفير المازوت المدعوم والسماد، في ظل قدرة البعض على تأمينها من السوق السوداء، أضرت بالمحاصيل المروية والبعلية في ظل انخفاض معدل الهطولات المطرية في فصلي الشتاء والربيع الماضيين.”

وفي وقت سابق، قال أكرم عفيف المستشار في اتحاد غرف الزراعة، لإذاعة محلية، إن “هناك أكواماً من القمح في مناطق ريف حماة تُباع كعلف، بينما السكان ينتظرون لساعات طويلة للحصول على رغيف الخبز.”

والاثنين الماضي طالب المستشار “عفيف”، في تصريح لجريدة “الوطن” شبه الرسمية، برفع سعر شراء القمح من المزارعين “بشكل فوري وإسعافي” من 900 ليرة للكيلوغرام الواحد إلى 1400 ليرة، “ومن يعارض ذلك يتحمل مسؤولية الأضرار الناتجة عن هذه التسعيرة.”

غياب الإقبال

ولا تتجاوز الكميات المُسلمة لمراكز الحبوب ربع المحصول الحقيقي، “نتيجة التسعيرة الحكومية”، بحسب “عفيف”.

وأضاف المستشار في اتحاد غرف الزراعة، أنّ تكاليف الإنتاج للقمح المروي كانت أعلى من التسعيرة الحالية، “لأن الفلاحين اشتروا لتر المازوت بسعر يتراوح بين 2000-2500 ليرة.”

وفي آذار/ مارس الماضي، حددت الحكومة السورية، سعر شراء القمح من المزارعين بـ900 ليرة سورية للكيلو الواحد (800 ليرة سعر شراء مع منح مكافأة تسليم 100 ليرة لكل كيلو غرام).

وتشهدت كافة مناطق سيطرة الحكومة أزمة محروقات، انعكست سلباً على كل أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية ودفعت بالكثير من المهن والنشاطات إلى التوقف أو الانكفاء.

وبحسب يوسف قاسم مدير عام مؤسسة الحبوب في الحكومة، فإن الكميات المستلمة من القمح، “ليست بمستوى الطموح والرضا”، وفقاً لتصريح لجريدة “الوطن”.

وكسابقه، يرغب عبدالله محمد وهو مزارع من منطقة الغاب بريف حماة، ببيع محصوله لتجار، إذ يدفعون سعر الكيلو الواحد 1500 ليرة، بدلاً من تسليمه لمراكز الحبوب بسعر 900 ليرة.

وأشار “محمد” إلى أن مراكز تسليم الحبوب في ريف حماة “فارغة، ولا إقبال من المزارعين على تسليم محصولهم لأن التسعيرة الحكومية لا تغطي تكلفة الإنتاج فقط.”

قمح مستورد

وعن عقود استيراد القمح من الخارج، قال مدير عام مؤسسة الحبوب يوسف قاسم لجريدة “الوطن”، إنه مع نهاية الشهر الحالي، سيتم الانتهاء من شحن باقي الكميات وخلال الشهر السابع ستصل تلك الأقماح “وهي ستؤمّن مليون طن من الدقيق المورد من روسيا.”

واعتبر وزير زراعة سابق في حكومة دمشق، في تصريح لنورث برس، “سياسة التسعير المتبعة حيال المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، هزيلة ولا ترقى لمستوى المحافظة على لقمة عيش السوريين.”

كما وصف تلك السياسة بـ”الظالمة والمجحفة بحق المزارع السوري الذي يتعب طول العام دون قدرته على تحقيق أرباح تعوض ذاك التعب.”

والثلاثاء الماضي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة لا تزال “قلقة للغاية بشأن تدهور الوضع الإنساني لـ 13.4 مليون شخص محتاج” في جميع أنحاء سوريا.

وقبل العام 2011، كانت سوريا تنتج أكثر من أربعة ملايين طن من القمح، وهو ما يكفي الاستهلاك المحلي والفائض نحو مليون للتصدير.

وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقرير لها من أن محصول الحبوب في سوريا هذا العام سيكون أقل من المتوسط، وذلك لعدة أسباب أهمها الجفاف الذي ضرب منطقة شمال شرقي سوريا وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي.

وأضاف الوزير السابق أن المزارع الذي سيسلم محصوله للجهة الحكومية ولا يبيع إنتاجه للقطاع الخاص وبفارق ربحي مجزي “يكون مغفلاً”.

إعداد: آرام عبدالله – تحرير: سوزدار محمد