جمع الخرداوات والبلاستيك مهنة سكان في السويداء

السويداء – نورث برس

تنقَّل ربيع شعزمي (42عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة السويداء، جنوبي سوريا، بين عدة وظائف مؤقتة، فمن حارس ليلي لأحد الأبراج إلى عامل في قطف التفاح والكرمة فبائع عصائر في حارات مدينته وأزقتها، ليستقر به الحال، في جمع الخرداوات والبلاستيك.

ومنذ ستة أشهر، يعمل “شعزمي” الذي فضل عدم نشر اسمه الحقيقي لأسباب اجتماعية، بجمع  خرداوات وبلاستيك من مكبات النفايات في أطراف مدينته والحاويات، إذ أن مردود الأعمال السابقة لم يكن كافياً لإعالة عائلته، وفق قوله.

ويبدأ “شعزمي” عمله في الساعة السادسة صباحاً وحتى الخامسة مساء، ويبيع ما يجمعه لأصحاب السيارات الجوالة التي تجوب أحياء المدينة كل يوم.

وقال، إن ثمن ما يجمعه في اليوم الواحد، يوازي وسطياً نصف راتب موظف حكومي، أي ما يعادل خمسة وعشرين ألف ليرة سورية “في حال اعتمدت على المخلفات البلاستيكية والورقية والألمنيوم والإلكترونيات التالفة.”

وأضاف: “إذا تمكنت من جمع خردوات نحاسية، فإن ما أجنيه ذلك اليوم يفوق راتب موظف حكومي يتلقى خمسين ألف ليرة شهرياً.”

ويبلغ سعر الكيلوغرام من الألمنيوم ألف ليرة سورية، في حين  يبلغ الكيلوغرام من النحاس وهو “نادراً ما يتم العثور عليه” خمسة آلاف ليرة.

ويباع الكيلو غرام من البلاستيك بـ1500 ليرة ويصل ثمن كيلو غرام الحديد 800 ليرة سورية والإلكترونيات التالفة بـ2300 ليرة سورية.

تنمر مجتمعي

ووجد إبراهيم الحاوي (49 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة شهبا بريف السويداء، يمتهن جمع الخرداوات، نفسه أمام خيارات عدة، منها التسجيل مع الذين ذهبوا للقتال في ليبيا أو اتباع طرق “ملتوية”، لكنه فضل العمل في جمع الخردوات.

وخلال العامين الماضيين، انخرط مئات الشباب من السويداء في عقود أمنية وعسكرية عبر وسطاء أمنيين للقتال خارج السويداء تحت مسميات عدة نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع نسبة البطالة.

وحالياً، يستعد خمسة وستون شاباً من مدينة السويداء للسفر إلى ليبيا بصفة “حراس منشآت نفطية ومهام قتالية”، بإشراف وتنسيق من الجانب الروسي.

وأشار الرجل إلى أن الظروف المعيشية الصعبة دفعته لامتهان هذه المهنة، بالرغم من التنمر الذي يتعرض له من المجتمع وخاصة من أقربائه ومعارفه.

“كان الأمر في البداية صعباً، وكنت أخجل أن يراني أحد معارفي. أقوم بالبحث في مناطق بعيدة عن مدينة شهبا، لكن اليوم وبعد أن أصبح الكثيرون يمارسون هذه المهنة، لم أعد أبالي إن تعرف عليّ أحد.”

واتفق عصام أحمد (52عاماً) وهو اسم مستعار لأحد المسؤولين الحكوميين عن مديريتي السياحة والبيئة في بالسويداء، مع “الحاوي” في أن الظروف الاقتصادية الصعبة وزيادة نسبة البطالة والفقر دفعت بالكثيرين إلى امتهان جمع الخرداوات.

وبحسب سكان محليين، فإن البعض ممن يقومون بجمع الخرداوات يعملون خلال ساعات الصباح الأولى أو خلال ساعات الليل الأولى “متخفّين عن السكان.”

وقبل يومين، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة لا تزال “قلقة للغاية بشأن تدهور الوضع الإنساني لـ 13.4 مليون شخص محتاج في جميع أنحاء سوريا.”

لا معامل تدوير

ورأى المسؤول الحكومي أنه على حكومة دمشق أن تُحدث معامل لتدوير النفايات وإعادة تصنيعها، حيث تفتقر السويداء لذلك، “في حال أنشئت معامل تدوير، فإن ذلك يخلق فرص عمل جديدة لعشرات العاطلين عن العمل.”

ونتيجة لعدم فرز السكان للنفايات المنزلية من بلاستيك وزجاج ومعادن وكرتون، حيث يتم جمعها كلها في كيس واحد ورميه في الحاويات، يعتمد ممتهني جمع الخرداوات على نبش الحاويات والمكبات بأيديهم، وسط تعرضهم لإصابات نتيجة ذلك.

ويتم في معظم مناطق سوريا، تجميع النفايات دون فرز وحرقها في مكبات وهو ما يتسبب بتلوث بيئي ويكون مبعثاَ  للأمراض والأوبئة الصحية العامة، دون الاستفادة منها اقتصادياً كما هو حال العديد من الدول المتمدنة.

وقبل عامين، كان رائد العباس (50عاماً) وهو اسم مستعار لأحد السائقين من بلدة ببيلة بريف دمشق الجنوبي، يجوب يومياً بسيارته في طرقات وحارات مدن وبلدات السويداء، لشراء الخرداوات من منازل السكان.

وكان “العباس” يواجه مشاق كبيرة ويستنزف وقتاً وجهداً حتى يجمع 200 أو 300 كيلوغرام من الخرداوات في اليوم، ويذهب بها إلى معمل بريف دمشق. وفقاً لقوله.

لكن اليوم، حدد الرجل وبالاتفاق مع ممتهني جمع الخرداوات في السويداء، موعداً ومكاناً لكل شخص، ليشتري ما جمعوه خلال النهار.

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد