شراء العقارات في حلب بين البنوك السورية وشبكات “احتيال” محمية أمنياً

حلب – نورث برس

اتهم سكان في مدينة حلب، شمالي سوريا الحكومة، بعرقلة عمليات بيع وشراء العقارات، وذلك من خلال حصر عملياتها خلال البنوك عبر تجميد جزء من أصل المبلغ الكلي وتحديد سقف أدنى للمبلغ المُجمد. واعتبروا ذلك “تدخلاً سلبياً” في السوق.

وفي آذار/ مارس الماضي، نشر مجلس الوزراء تعديلاً على المرسوم رقم 221 لعام 2020 والذي يقضي بإلزام دفع مبلغ لا يقل عن خمسة ملايين ليرة سورية عبر القنوات المصرفية لعمليات بيع العقارات السكنية والتجارية والمركبات، إضافة لتجميد 500 ألف ليرة في الحسابات المستخدمة لعمليات البيوع.

وفي كانون الثاني/ يناير العام الماضي، أصدرت رئاسة مجلس الوزارة، قراراً يقضي بحصر إتمام عقود شراء العقارات والسيارات بالدفع عبر المصارف العامة.

ورأى سكان أن القرار يجعل الحكومة السورية المستفيد الأول والأخير، من التنظيم الجديد لعمليات البيع والشراء، وذلك بغرض إنعاش اقتصادها في ظل العقوبات الأميركية.

وقالت سامية محمد وهو اسم مستعار لمديرة أحد البنوك في حلب، إن “البنك يجبر المشتري على وضع خمسة ملايين ليرة سورية كحد أدنى في البنك، ليقوم البائع بسحب المبلغ على دفعات لاحقة على أن لا تتجاوز قيمة المسحوبات اليومية أكثر من مليونين.”

ووفقاً للقرار فإن مبلغ 500 ألف ليرة سورية، هو مبلغ مجمد من إجمالي المبلغ الذي قام المحول بإيداعه في حساب المحول إليه، ولا يستطيع سحبه إلاَّ بعد مرور ثلاثة أشهر كاملة بدءاً من يوم الإيداع.

خلافات مستقبلية

وأشارت “محمد” إلى أن تحديد الحكومة حداً أدنى لمبلغ الإيداع في أي عملية شراء، تسبب في نشوب خلافات مستقبلية بين البائع والمشتري.

وفي حالات نادرة، يشترط البائع استلام كُل المبلغ دفعة واحدة ثم يقوم بإعادة المبلغ المحجوز عليه لاحقاً عند حلول موعد استلامه، والذي يمكن أن لا يعيده وينكر استلامه مكتفياً بحقه على المبلغ المودّع، وفقاً لمديرة البنك.

وتحدث نفس المشكلة في حال وفاة البائع وعدم اعتراف الورثة بالدين المترتب في ذمة مورثهم لذلك تتحول القضية للمحاكم والتي تستغرق شهوراً حتى يتم الفصل فيها.

وشمل القرار الصادر جميع عمليات البيع السابقة للقرار، “لذلك نشبت خلافات أخرى أعقد من الأولى وذلك عندما تكون قيمة العقار المُباع في وقت سابق أقل من خمسة ملايين ولكن تنفيذاً للقرار يُجبر المشتري على إيداع خمسة ملايين في حساب البائع رغم أن سعر العقار أقل من خمسة ملايين”، بحسب “محمد”.

وفي 2010، اشترى فؤاد الصادق (56 عاماً) وهو من سكان حي الصاخور بحلب، محلاً صغيراً في الحي من جاره بمبلغ مليونين ونصف المليون ليرة سورية على أن يدفع له المبلغ لاحقاً بحكم المعرفة بينهما.

وأكمل “الصادق” دفع كامل المبلغ عام 2013، “لكن لم نقم بإجراءات نقل الملكية والفراغ نتيجة اشتداد الاشتباكات في المدينة ونزوح كل شخص منا إلى منطقة أخرى.”

وأضاف: “بعد عدة سنوات التقينا لنكمل إجراءات نقل الملكية والفراغة انصدمنا بقرار يجبر المشتري على إيداع خمسة ملايين ليرة في البنك وذلك في حساب مالك العقار الأساسي.”

“محتالون بحماية أمنية

لكن وبعد إيداع “الصادق” المبلغ المذكور بثلاثة أيام توفى جاره نتيجة أزمة قلبية مفاجئة، “ولم يعترف أولاده بحقه على المبلغ المودّع في البنك على اسم والدهم وبذلك اضطررت لرفع دعوى على الورثة في المحكمة والتي لم تبت في القضية حتى الآن.”

وبسبب القرار، دفع المشتري ثمن المحل مرتين، “مرة مليون ونصف كما كنا قد اتفقنا، وفي المرة الأخرى خمسة ملايين ليرة سورية.”

وبحسب سكان، فإنه عند تحويل مبلغ مالي من حساب إلى آخر في نفس البنك، يتم استلام إشعار باستلام الحساب الآخر خمسة ملايين ليرة فوراً، ولكن عندما يتم تحويل المبلغ من بنك إلى حساب آخر، يتأخر استلام الإشعار لمدة تتراوح ما بين 8 أيام إلى 12 يوماً.

وكان محمود مؤذن(65عاماً) وهو من سكان حي صلاح الدين، قد نزح إلى تركيا بداية الحرب السورية وعاد إلى حلب مطلع 2019 لينصدم بمكوث عائلة أخرى في منزله “تدّعي بأنها اشترته قانونياً.”

وبعد رفعه دعوى “غصب عقار” على العائلة المقيمة في منازله، تمخضت التحقيقات بأن الشخص المقيم في منزله قد اشترى المنزل من شخص يعمل في الدلالة بعقد بيع وشراء مزور ولكن من دون علمه، حسب ما ذكره “مؤذن” لنورث برس.

وكشف مصدر خاص من قوى الأمن الداخلي بأنه تم إيقاف شبكة تقدر بـ 60 شخص تمتهن “النصب والاحتيال” وذلك عبر ببيع أملاك الغائبين من دون علمهم بعقود مزورة.

وأشار “مؤذن” إلى أن تلك العملية تمت “بالاتفاق مع أشخاص في قوى الأمن لتسهيل عملية البيع وعدم إظهارها بأن العقار مستولى عليه وعملية البيع هي احتيال.”

اتهامات “مؤذن”، شدد عليها المصدر من قوى الأمن الداخلي، إذ قال إن تلك العمليات تتم “بمشاركة بعض الأشخاص من القوى الأمنية ذوي النفوذ واليد العُليا المتحكمة بمفاصل الدوائر والمؤسسات بحلب.”

 إعداد: آردو حداد – تحرير: سوزدار محمد