محلل سياسي: التشاحن الطائفي وإقصاء البعض كان العامل الأبرز لظهور “داعش” في الموصل

أربيل ـ نورث برس

قال علي مهدي وهو محلل سياسي عراقي، الخميس، إن الصراع الطائفي وعدم تقبل الآخر كان “العامل الأبرز لظهور تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وسيطرته على الموصل.

وجاء حديث “مهدي” وهو أيضاً نائب رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية، لنورث برس، بمناسبة الذكرى السنوية السابعة لسقوط الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية بيد التنظيم في صيف 2014.

وسقطت المدينة الاستراتيجية في مثل هذا اليوم العاشر من حزيران/ يونيو من عام 2014  بيد “داعش”، حيث كانت البداية لتمدد سريع للتنظيم في العراق، إذ تمكن حينها من فرض سيطرته على نحو ثلث مساحة العراق، ثم مساحات في سوريا.

وحصل ذلك في أعقاب دخول عناصره إلى الموصل، حيث شهدت المدينة الخطبة الأولى لأبي بكر البغدادي، والذي دعا إلى مبايعته بعد نحو شهر من سقوط المدينة.

وخلال سبع سنوات مضت، خسر التنظيم عسكرياً في العراق وسوريا، لكنه لايزال يشكل تهديداً، مستغلاً ثغرات أمنية وسط محاولات استئصال فكره.

والسيطرة على الموصل، كانت البوابة التي توسع منها التنظيم إلى مدن أخرى في العراق.

ليلة سقوط الموصل

بدأ الحدث في السادس من حزيران/ يونيو 2014، حين دخلت عناصر التنظيم مدينة الموصل من أطرافها الجنوبية ونفذوا عمليات بسيارات مفخخة واشتباكات مسلحة داخل المدينة وحولها.

ولمدة ثلاثة أيام، اشتبك عناصر التنظيم مع عناصر الشرطة المحلية الذين بقوا في المدينة، دون أن تتلقى هذه العناصر أي مساعدة من “قيادة العمليات”، ما أدى إلى انهيارها في النهاية وفتح الباب أمام انهيارات أمنية متلاحقة.

وبدأ نزوح جماعي من عدة أحياء في مدينة الموصل، خشية التعرض للقصف بعد اندلاع اشتباكات بين الجيش العراقي و”داعش”.

وفي التاسع من الشهر، انسحبت قوات الشرطة الاتحادية، دون أي قتال، من مقراتها في عدة مناطق من المدينة.

وأشارت تقارير إعلامية إلى ما هو “مثير للجدل”، وهو “تواجد مسبق لخلايا نائمة تحمل فكر التنظيم وقفت إلى جانبه حيث ساهموا بطرد القوات العراقية حتى قبل قدوم (داعش) إلى قلب المدينة.”

الصراع الطائفي

وقال المحلل السياسي، إن سقوط الموصل بيد التنظيم، “يجسد مساراً صعباً لبناء الدولة العراقية بعد 2003 التي تم تشكيلها بتوافق ديمقراطي جمع المكونات العراقية.”

ولكن في السلوك العام، “كان هناك تجاوزات في هذا المضمار من ناحية طبيعة التركيبة القيادية وأصحاب القرار السياسي، تم استئثارها من قبل الشيعة على حساب المكونات الأخرى في ظل انعدام الديمقراطية والتشاركية الحقيقة”، بحسب “مهدي”.

وأشار إلى بعض العوامل التي كانت بمثابة وقود لتفجير الوضع في العراق، ومنها: “الجو الإقليمي غير المشجع” لبناء عراق ديمقراطي في تحوله الجديد، على اعتبار أن العراق بعد 2003 من المفترض أن يكون قائماً على الديمقراطية بمشاركة الجميع.

ويبرز العامل الآخر في “تواطؤ دول الجوار، والذي كان عاملاً مهماً لسقوط الموصل.”

وركز “مهدي” على “الخلل الكبير في إدارة الدولة العراقية الفيدرالية، وحالة شبه إقصاء المكون السني في العملية السياسية، فضلاً عن وجود روح الاستئثار في بعض المتشددين بالثوى الشيعية. ما ولّد رد فعل من القوى السنية.”

وقال إن “ما تم ذكره، لعب دوراً أساسياً في ملف سقوط الموصل، لا سيما تقاعس المجتمع الدولي.”

وأضاف نائب رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية، أنه بتلك الفترة كان هناك حالة عدم ارتياح لطبيعة الوضع في الموصل.

“تحالف متأخر”

واعتبر أن تشكيل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية جاء متأخراً، “بعد خسائر كبيرة راح ضحيتها البشر والمدن والتاريخ.”

وشكل مجلس النواب العراقي لجنة، للكشف عن ملابسات سقوط مدينة الموصل.

وحملت اللجنة في تقريرها النهائي الذي استغرق إعداده ثمانية أشهر، وسلَّمته لرئيس المجلس سليم الجبوري في السادس عشر من آب/ أغسطس 2015، رئيس الوزراء المالكي وعشرات المسؤولين الحكوميين “مسؤولية سقوط المدينة.”

وفي الوقت الذي اشتدت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين المسؤولين العراقيين، أعلن أبو بكر البغدادي قيام “الخلافة الإسلامية” من على منبر “جامع النوري” يوم الرابع من تموز/ يوليو 2014.

وبدأت حملة طرد التنظيم من الموصل من جانب القوات العراقية وبمشاركة البيشمركة وبغطاء جوي من التحالف الدولي يوم السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

والموصل هي مركز محافظة نينوى وهي ثاني أكبر محافظة من حيث المساحة وثانيها من حيث عدد السكان ذات القوميات “العرب الكرد التركمان، المسيحيين، الشبك والإيزيديين.”

وفي العاشر من تموز/ يوليو 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي رسمياً “تحرير المدينة.”

وبحسب تقارير إعلامية، تكلف إعادة بناء المدينة المدمرة أكثر من 30 مليون دولار، ولازال قسم كبير من سكانها يقيمون في المخيمات فضلاً عن هجرة آلاف العائلات إلى البلدان الأوروبية.

وظهرت مقاطع مصورة في حقبة سيطرة التنظيم على المدينة وهو يدمر هياكل وآثاراً تاريخية تعود إلى ما قبل الميلاد.

إعداد: حسن حاجي ـ تحرير: معاذ الحمد