مزارعون بريف الرقة الشمالي يستذكرون أراضيهم التي حرموا منها بسبب تهديدات تركيا

الرقة – نورث برس

ينظر عمر كردو (٢٧ عاماً)، وهو من سكان ريف عين عيسى بريف الرقة، شمالي سوريا، الواقعة في منطقة التماس بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ومناطق سيطرة الدولة التركية وفصائلها، إلى ارضه التي لم يستطع زراعتها منذ عامين متخوفاً من القصف العشوائي من الطرف التركي.

يقول إنه من المفترض أن يكون منشغلاً هذه الأيام كغيره من أصحاب الأراضي الزراعية بجني محصوله، “ولكننا ندفع فاتورة الحرب التي حلت في بلادنا.”

وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، شنت تركيا مع فصائل موالية لها هجوماً برياً وجوياً على مناطق شمال وشرقي سوريا، انتهت بسيطرتها على منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين)، ما تسبب بتهجير أكثر من 300 ألف شخص، وفق إحصائيات الإدارة الذاتية.

وتحولت أراض بمساحة عشرة آلاف دونم من الأراضي الزراعية إلى خط تماس شهد الكثير من عمليات القصف والتسلل والاشتباك وزراعة الألغام منذ أكثر من عامين ونصف العام.

مزارعون حُرموا مواسمهم

وكان لدى “كردو” ٣٠٠ دونم من الأرض في قريته كوبرلك ، 30 كم شمال عين عيسى، لم يستطع زراعتها منذ عامين بسبب الألغام المزروعة في أرضه، واستهداف القوات التركية لكل من يتحرك في الأراضي المحاذية لمناطق سيطرتها دون تمييز بين مدني وعسكري.

وأشار المزارع إلى تدهور أوضاعه المادية لعدم مقدرته على زراعة أرضه التي كانت مصدر دخل له، وحرم منها لموسمين متتاليين.

وذكر أن أراضيهم تلك كانت من أخصب الاراضي الزراعية في الشمال السوري وذات انتاجية عالية، ” يقدر إنتاج الهكتار الواحد منها بـ30 كيساً في المواسم السابقة .”

يقول “كردو” الآن إن غصّة تنتابه هو وغيره من النازحين ومن حرموا من أراضيهم وممتلكاتهم كلما شاهدوا الحصادات تعمل في مناطق أخرى قريبة.

آخرون فقدوا أراضيهم

ولا يقتصر الحرمان والشعور بالأسى على من تحولت أراضيهم إلى خط تماس، بل إن عشرات الآلاف من المزارعين يتذكرون كل موسم حصاد أنهم كانوا في هذا الوقت يجنون محصول أراضيهم وثمار تعبهم فيها.

وقال مصطفى نعسان (٧٢ عاماً)، وهو مزارع يتحدر من قرية خراب سارونج، 25 شمال عين عيسى، إنه نزح مع عائلته بعد التدخل التركي تاركاً وراءه كل ما يملكه، لينتهي به المطاف نازحاً في قرية بئر عرب في ريف كوباني الشرقي.

وأضاف أنه كان يملك في قريته ٢٥ هكتاراً من الأراضي الزراعية والتي اضطر لتركها بسبب قصف تركيا والفصائل الموالية لها، رغم أنه كان قد زرع بذارها ذلك الموسم.

ولأن “نعسان” لا يملك مصدراً للدخل سوى الزراعة، تدهورت أوضاعه المادية بشكل كبير خلال العامين الماضيين.

يقول إن ذلك حال كل من يعرفهم من سكان قريته وعائلاتهم التي أصبحت ضحية لاستهدافات تركيا و”الجيش الحر”.

ويضيف: ” كان من المفترض أن نكون مشغولين في هذه الفترة من السنة بحصاد القمح والشعير والكمون وجمع التبن حالنا حال كل شخص يعتمد على الزراعة في معيشته ولكن للأسف فقدنا أرزاقنا.”

  وناشد “نعسان” الجهات الدولية بوضع حد لانتهاكات التركيا كي يتسنى لكل شخص من منطقته العودة إلى بيته وأرضه.

ألف عائلة متضررة

ومن جهته، يقدر مصطفى إبراهيم، الرئيس المشارك لدار الشعب (مجلس محلي) في قرية الجرن شمال عين عيسى، مساحة الأراضي التي لم يستطع أصحابها زراعتها خلال هذا الموسم بعشرة آلاف دونم، تعود ملكيتها لسكان أكثر من ١٧ قرية تقع على خط التماس بين مناطق قسد ومناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها.

وقال لنورث برس إن هذه الأراضي تقع داخل مناطق سيطرة قسد وبسبب القصف العشوائي من الطرف التركي لم يستطع أصحابها زراعتها خلال هذا الموسم.

وأضاف أن عدد العائلات المحرومة من زراعة أراضيها قد يتحاوز ألف عائلة.

وفي العام الماضي، زرع بعض أولئك المزارعين أراضيهم، لكنهم لم يتمكنوا من حصادها بسبب القذائف العشوائية من الطرف التركي والتي أحرقت معظم حقول القمح والشعير القريبة من مناطق سيطرته، بحسب “إبراهيم”.

ويعتقد “إبراهيم” أن هدف تركيا من القصف العشوائي هو إفراغ القرى من سكانها وتهجيرهم وليست لغايات أمنية كما تدعي.

إعداد: أحمد الحسن- فياض محمد- تحرير: عمر علوش