اتهامات بوضع مواد مخدرة في النراجيل وتقديمها للأطفال في السويداء
السويداء – نورث برس
انتقد سكان في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، قيام مقاهٍ في المدينة بتقديم النرجيلة للأطفال دون سن الـ18 عاماً، وسط اتهامات بخلط مادة الحشيشة مع معسل النراجيل.
ووفقاً لهؤلاء فإن مشهد طفل لا يتجاوز عمره الـ15 عاماً وهو يدخن النرجيلة في كافتيريا أو حديقة بات مألوفاً، في ظل مخاوف من أضرار جسدية ونفسية محتملة إثر “إدمانهم”.
وبحسب إحصائية أجراها فريق دعم الأسرة وتمكين الشباب في الحياة على خمسين طفلاً تراوحت أعمارهم بين 14 و 17 عاماً، تبين أن من بين كل عشرة هناك ثلاثة يدخنون النرجيلة (بنسبة 15%).
وقالت بثينة القادري (45عاماً) وهو اسم مستعار لباحثة اجتماعية في السويداء، إن انتشار تدخين النرجيلة بين أوساط الشباب والشابات يزيد عن تلك النسبة بـ ٤ ٪، لتكون ١٩ ٪ على نفس أعداد النسبة المأخوذة في العينة الأولى.
وفريق دعم الأسرة وتمكين الشباب في الحياة، هو منظمة مدنية اجتماعية تم تأسيسها عام ٢٠١٤ في السويداء وممولة من منظمات أممية في سبيل التواصل مع الشباب اليافعين.
وأشارت الباحثة إلى أن انتشار تدخين النراجيل “لم يكن بهذا الحجم قبل عشرة سنوات خلت.”
وبحسب مصدر في مديرية السياحة بالسويداء، بلغت أعداد المقاهي المرخصة العام الفائت 53 مقهى باستثناء الكافيتريات وصالات الألعاب.
وبحسب ذات المصدر، فإن نسبة أعداد المقاهي والمقاصف الترفيهية زادت منذ خمس سنوات حتى اليوم بنسبة 20 بالمئة، باستثناء المقاهي والكافيتيريات غير المرخصة “وهي كثيرة ولكن ليس هناك إحصائية دقيقة بأعدادها.”
“استقطاب الشباب”
ويرتاد وائل أيمن (16عاماً) وهو اسم مستعار لشاب في السويداء، إحدى مقاهي المدينة بشكل يومي لتدخين النرجيلة مع عدد من أقرانه، وسط شكوك والدته تعاطيه مادة الحشيشة مع النرجيلة.
وقالت سماح عوف (40عاماً) وهو اسم مستعار لوالدة وائل، إن المقهى الذي يرتاده ابنها يخلط مادة الحشيشة مع معسل النرجيلة، وذلك حسب ما أخبرها أحد العاملين السابقين في المقهى وهو جار لها في الحي الذي تسكنه.
واتهمت أصحاب المقاهي باستغلال اليافعين والشباب في تقديم الحشيشة “بهدف استقطابهم بشكل دائم. ومن ثم قد يتم تكليفهم بتوزيعها.”
ورأت الوالدة أنه لا يمكن للأسرة وحدها مراقبة سلوك أبنائها، بل يتعدى ذلك إلى مشاركة المجتمع المحلي والأهلي بالإضافة إلى الدور الحكومي “الغائب” في محاسبة المروجين للحشيشة.
مقاه مغلقة
وكان ناشط مدني في السويداء قد قال في تصريح سابق لنورث برس إن حزب الله اللبناني “يدمر البنية المجتمعية في السويداء بالمخدرات وحماية العصابات عبر الأجهزة الأمنية وحزب الله.”
وقال الناشط المدني حينها إن إيران، “حاولت عبر حزب الله استغلال بعض الشباب وجرهم للعمل في عصابات تمتهن الخطف والقتل والسرقة والنهب وترويج المخدرات على نطاق واسع بالاتفاق والتنسيق مع الأجهزة الأمنية الحكومية.”
ومنذ عدة أيام، أقدمت “عوف” على تقديم شكوى إلى الأمن الجنائي في السويداء، “ولكن لم يتغير شيء”. واتهمت الأجهزة الأمنية “بالتغافل عن تنفيذ القوانين الصارمة بحق مروجي الحشيشة وخاصة أصحاب بعض المقاهي.”
لكن سليم سلام (49عاماً) وهو اسم مستعار لموظف في مديرية السياحة السويداء قال إن المديرية وبالتعاون مع جميع البلديات المحلية الحكومية ومع القوى الأمنية ومديرية الصحة تسعى لمراقبة تلك المقاهي وخاصة التي تقدم النراجيل.
ومع بداية العام الجاري حتى نهاية أيار/ مايو الماضي، تم إغلاق خمسة وعشرين مقهى غير مرخص ولا يحقق شروط مديرية السياحة والتي تقدم النراجيل إلى الشباب ما دون العشرين عاماً، بحسب “سلام”.
لكن الموظف الحكومي أشار إلى أن الشروط الصحية لا يلتزم بها تسعون بالمئة من مجموع المقاهي والكافيتريات وصالات الألعاب، “الفوضى الأمنية ساعدت في ذلك.”
ورأى “سلام” أن التعاون ليس بالمستوى المطلوب، وهناك تراخٍ وعدم تنسيق ومتابعة وخاصة بعد ورود العديد من الشكاوى تطالب بإغلاق مقاهٍ “تدور الشبهات حولها “وهي غير مرخصة حكومياً.
ولم ينكر سالم الشاهين (42عاماً) وهو اسم مستعار لأحد أصحاب الكافيتريات، إقدام بعض ممن وصفهم بـ “النفوس الوضيعة” من أصحاب المقاهي في خلط الحشيشة المخدر مع معسل النراجيل “وذلك بطلب من شباب وفي بعض الأحيان بدون طلب.”
تحذيرات طبية
وقال “الشاهين” إن أصحاب تلك المقاهي تربطهم علاقات وصداقات مع ضباط أمن “معروفين” في السويداء، يشكلون لهم الحماية ويقومون بتغطية ممارساتهم في تقديم الحشيشة عبر النراجيل لروادها مهما كانت أعمارهم.”
وحذر ممدوح راجح (55عاماً) وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي وطبيب في القطاع الصحي بالسويداء، من ازدياد تدخين النرجيلة وخاصة بين الأطفال، “يشكل ذلك خطراً على الصحة العامة ويزيد من نسبة ارتفاع الأمراض الصدرية المتعددة ومنها سرطان الرئة وسرطان المعدة بنسب عالية.”
وأشار الطبيب إلى أنه وحسب دراسات طبية عالمية أجريت، تبين بأن تدخين “نفس” نرجيلة واحدة يعادل علبة كاملة من الدخان.
ورأى أن اللجان الصحية والمشرفة على المقاهي والكافيتريات لا تفي بالغرض من حيث العدد، “أعداد أفرادها لا تتناسب مع الازدياد المطرد لأعداد المقاهي.”
ومنذ عام بدأ أيمن غلاب (47عاماً) وهو اسم مستعار لوالد أحد الشباب البالغ من العمر عشرون عاماً، يلاحظ تأخر ابنه في العودة إلى المنزل مع تغير واضح في تصرفاته وردود أفعاله الغاضبة.
وأشار “غلاب” إلى أن ابنه يرتاد أحد مقاهي المدينة ويدخن النرجيلة. وحذر من انعدام التدخل الحكومي والمجتمعي في إيجاد حلول، “يجب إخضاع المقاهي إلى الرقابة والمتابعة والمحاسبة.”