إنتاج القمح في مناطق الحكومة السورية يخالف التوقعات رغم زيادة المساحة المزروعة

دمشق ـ نورث برس

تراجع إنتاج القمح المتوقع لهذا العام عن سابقه، في مناطق سيطرة الحكومة السورية، ففي حين وصل إنتاج العام الماضي إلى 700 ألف طن، تراجع هذا العام حسب تصريحات حسان قطنا وزير الزراعة، إلى 300 ألف طن بعدما كانت الخطة تطمح لإنتاج مليون و200 ألف طن.

ويعد الأمن الغذائي من أكثر الاحتياجات إلحاحاً، ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن ما لا يقل عن 12.4 مليون سوري، أي 60% من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي والجوع، وقد زاد هذا العدد بـ4.5 مليون شخص خلال عام واحد.

وتقدر الأمم المتحدة أن نحو مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع، فيما يصل عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى 2.4 مليون.

وقال مصدر في وزارة الزراعة إن المساحات المزروعة لهذا العام أكثر من العام الماضي.

ولكن كمية الإنتاج “أقل”، إذ بلغت المساحة المزروعة هذا الموسم مليون ونصف هكتار، وهي أكثر بنحو 300 ألف هكتار عن العام الماضي، بحسب المصدر.

وعاد ليشدد على أن “الوقت ما زال مبكراً للحديث عن كمية الإنتاج”. وأعرب عن أمله في أن يعوضَ الفرق في المساحة المزروعة النقص الذي تسبب به الجفاف.

وتسببت عوامل كثيرة بهذا الخلل بين التقدير والواقع، كـ”الجفاف وانحباس الأمطار”، إذ أنه من الشهر الرابع حتى الآن لم تتساقط الأمطار، “وأن هنالك نحو 70% من القمح بعل”، كما يؤكد المصدر في الزراعة.

وأضاف: “الأهم من كل هذا هو نقص أدوات الإنتاج من حيث المحروقات والبذار ونقص السماد وارتفاع أسعاره، وارتفاع التكاليف.”

لكل هذا هنالك من يتوقع أن الكميات ستكون أقل مما أعلن عنه وزير الزراعة.

مشاكل التسويق

ليست المشكلة في الجفاف وحده وتراجع كميات الإنتاج، ولكن في طريقة استجرار المحصول وعدم تشجيع المزارعين وترغيبهم للبيع في مراكز الاستلام التي خصصتها وزارة الزراعة. 

وعوضاً عن العمل على استلام كل حبة قمح، كما صرح مسؤولون مراراً وتكراراً، “يتحايل العاملون في مراكز الاستلام على المزارعين لتخفيض التسعيرة المنخفضة أصلاً عن غيرهم ممن ينافسونهم في الحصول على القمح السوري”، بحسب مزارعين.

وقال علي عفيف (45 عاماً) وهو مزارع من سهل الغاب في حماة، إن إنتاج الدونم في المنطقة يتراوح بين 200 – 500 كيلو غرام للدونم الواحد.

وتتوزع تكاليف إنتاج هذا الدونم كحد أدنى بين (70 ألف ليرة لكيس السماد، و1500 ليرة للتر المازوت، و25 ألف ليرة لحصاد الدونم، و25 ألف ليرة ساعة درس القمح و40 ألف ليرة أجور نقل”، بحسب ما أشار “عفيف” لنورث برس عبر تطبيق واتس آب.

وأضاف أنه عندما يتم تسليم القمح يصنف غالباً “كدرجة رابعة وبذلك يسعّر أقل من السعر المحدد للشراء.”

لكل ما سبق، يقول طاهر محمد، (50 عاماً) وهو مزارع من الغاب أيضاً، إن “كل ما يحصل يدفع المزارعين إلى بيع محصولهم للتجار.”

و”تورط” حسام علي (38 عاماً) وهو مزارع في ذات المنطقة، هذا العام وصدق الوعود وزرع القمح “لكن هذا لن يحصل مجدداً.”

ويرى أن طريقة تعامل الحكومة مع المزارعين تشير إلى أمر واحد وهو “القضاء عليهم بشكل ممنهج.”

وعرض أحد التجار على رضوان الجنيدي (46 عاماً) وهو مزارع في حماة، مبلغ 1150 ليرة ثمناً للكيلو غرام الواحد من القمح.

لكنه “الجنيدي” رفض وآثر أن يسلم محصوله لمراكز الاستلام رغم خسارته، وتساءل “ماذا يفعل التاجر في القمح وبهذا السعر؟.”

المصدر في  وزارة الزراعة عقب على هذا بالقول، إن “التسويق أهم من الإنتاج، لأنه لو كان الإنتاج جيد والتسويق سيء لن تتحقق الفائدة المطلوبة من زراعة القمح.”

رفع التسعيرة

طالب عضو في اتحاد غرف الزراعة السورية، الحكومة، أن ترفع سعر كيلو القمح بشكل إسعافي من 900 إلى 1400 ليرة، “فتسعيرة كيلو الشعير أعلى من تسعير كيلو القمح الأمر الذي يهدد بتحول القمح إلى منتج علفي بدلاً من تحوله إلى طحين.”

وقال العضو الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إنه “في الثمانينات أكل الشعب السوري الخبز الأسود، ولتشجيع زراعة القمح تم رفع السعر إلى 11 ليرة علماً أن سعره العالمي كان 5 ليرات فقط وعندها امتلأت الصوامع والأنفاق.”

وأضاف: “المشكلة في تأخر الحكومة عن اتخاذ القرارات الإسعافية المطلوبة، ومن ثم يصبح الاعتماد على استيراد القمح ومشاكل الاستيراد.”

وقال العضو إن رفع سعر القمح “ليس خسارة”، فالأموال التي تصرف للمزارعين يعاودون الإنتاج فيها وتتحول لخدمات وصحة وطعام، وليس كما الأموال التي تنفق على المستوردات.

ورأى أن المشكلة في سياسة الحكومة المتبعة منذ عقود “بتفضيل الاستيراد على الإنتاج المحلي”، وشدد على أنه “بإمكان أي متابع أن يرى محدودية الحركة أمام مراكز التسليم.”

مخصصات على حالها

تعمل الأفران بالإيقاع ذاته، فمخصصاتها ليست متوقفة ولكنها غير كافية أيضاً، كما يقول مدير أحد الأفران في دمشق.

ويضيف أنه لا يتوقع أن “تسوء الأمور أكثر مما هي عليه، إلا إذا تم تخفيض الكميات المستوردة.”

وقال عضو في لجنة المخابز الاحتياطية في دمشق، إن النقص في الطحين الذي يصل الأفران يقدر بنحو 20% في أغلب المحافظات.

وبداية هذا الأسبوع، أعلنت روسيا عن منح سوريا قرضاً ليستخدموه في شراء الحبوب، وقد سبق للسفارة الروسية في سوريا أن أعلنت عن اعتزام روسيا على تزويد سوريا بنحو مليون طن قمح لهذا العام.

وفي وقت سابق، أشار يوسف القاسم مدير المؤسسة السورية للحبوب، إلى أن عقود توريد القمح للعام الجاري تصل إلى 400 ألف طن.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي