محلّل سياسي لـ “نورث برس”: واشنطن تتخلى عن حليفها المحلي في سوريا.. وعودة تركية للحاضنة الأمريكية

إدلب- محمد الينايري- NPA
فيما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الاثنين، في بيانٍ، عن سحب القوات الأمريكية عناصرها من المناطق الحدودية مع تركيا، بعد ساعاتٍ من إعطاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الضوء الأخضر لهجومٍ وشيكٍ تخطط له أنقرة، على شمال سوريا، فإن نُذر تطوراتٍ مختلفةٍ قد تشهدها الساحة السورية خلال الأيام القليلة المقبلة.
ولدى تحليله للتطورات الراهنة وتداعياتها، قال المحلّل السياسي الكردي، إبراهيم كابان، إنّ الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن حليفها المحلي في سوريا (في إشارة لقوات سوريا الديمقراطية)، مشدّداً على أنّ هنالك تفاهماً أمريكياً تركياً على الوجود والسيطرة على المنطقة، وهذا يعني أن الأتراك سوف يعودون إلى الحاضنة الأمريكية، وذلك لن يرضي الروس، على حدّ قوله.
تحدّث كابان، في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ"نورث برس" عن ما وصف بـ"الضوء الأخضر الأمريكي لتركيا لتنفيذ وشنّ عمليةٍ عسكريةٍ شرق الفرات" بعد انسحاب القوات الأمريكية من النقاط الحدودية مع تركيا، واعتبر أنّ "التصريحات الأمريكية حول الغزو التركي هي بمثابة تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن الكرد في سوريا(..) وتستخدم واشنطن في خطابها نفس الصيغ التي استخدمتها روسيا عندما اتفقت مع تركيا على احتلال عفرين، واللوم الأمريكي على الدول الأوروبية في ملف داعش واضحٌ، على أنّها لم تستلم عناصرها المحتجزة لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".
ولفت الباحث السياسي، إلى أنّ "التجهيز التركي لعملية غزو شرق الفرات ليس بجديد، لاسيما بعد احتلالها لمنطقة عفرين بالتنسيق مع الطرف الروسي، وهي الآن ستحاول احتلال مناطق شرق الفرات بالتنسيق مع الطرف الأمريكي وفي ظل صمتٍ أوروبي(..) وبنفس السيناريو الذي تم تنفيذه في عفرين بإسناد القوات الجوية والبرية التركية للمجموعات المتطرفة، وهي الآن تتجهز للتحرك بنفس المنطق في شرق الفرات".
أما على صعيد خيارات قوات سوريا الديمقراطية في ظل تلك التطورات المفصلية، قال كابان: "خيارات قوات سوريا الديمقراطية محصورةٌ في بعض الظروف التي معظمها ليست لصالحها؛ فنحن أمام اتفاقٍ تركيٍ إيرانيٍ مع النظام السوري وبرعاية روسية، وهذا يعني أنه لن يكون هناك أي تدخلٍ إيرانيٍ أو للنظام السوري في مساعدة قوات سوريا الديمقراطية".
وذكر أن "الأمريكيين أيضاً لن يقدموا شيئاً، وهم لطالما فتحوا المجال أمام الاحتلال التركي في غزو المنطقة؛ لأن الغزو التركي لمسافة /30/ كلم أو أكثر يعني السيطرة على المنطقة الكردية الاستراتيجية، وهذا يعني أن تفقد أمريكا حليفها المحلي، وبذلك نفهم تفاهماً أمريكياً تركياً على الوجود والسيطرة على المنطقة(..) وهذا يعني أيضاً أنّ الأتراك سوف يعودون إلى الحاضنة الأمريكية، وذلك لن يرضي الروس".
واستطرد المحلّل السياسي الكردي، في معرض حديثه مع "نورث برس" قائلاً: "حقيقةً نحن أمام سيناريو الصراع بين الأمريكيين والروس على مسألة استخدام الأتراك في المنطقة، وإحراج كل طرف للآخر في كسب ودّ الدولة التركية(..) والأمريكيين والروس يستخدمون الكرد في إقناع الأتراك على أن تكون حليفة لهم؛ لأنّ الروس استفادوا كثيراً من التمرد التركي على أوروبا وأمريكا في الملف الكردي، الذي وضعه الروس تحت خدمة الأتراك، وغزو منطقة عفرين خير مثال".
وتابع: "أعتقد بأنّ روسيا والنظام السوري والإيرانيين لن يسمحوا بشكلٍ مطلق بالتدخل التركي في مساحاتٍ شاسعةٍ والسيطرة على منابع النفط والغاز والسدود المائية، وإنما الاتفاق الكامل بين الأطراف هو أن تقضي تركيا على الإدارة الكردية في الشمال السوري، مقابل القضاء على المعارضة المسلّحة السورية، وبذلك تتخلص إيران وتركيا والنظام السوري من الكرد في سوريا، وبنفس الوقت من المعارضة المسلّحة السورية".