متاجر بيع الأسلحة تنتشر بين الأبنية السكنية في إدلب
إدلب – نورث برس
اضطر محمد الحمود (27عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة الدانا شمال إدلب، لتغيير مكان سكنه بعد أن افتتح أحد التجار محلاً لبيع الأسلحة مقابل الشقة التي يسكنها.
ويخشى “الحمود” على أطفاله من حدوث انفجار في المحل وخاصة بعد تكرار العديد من حوادث الانفجار لمحلات لبيع الأسلحة في المنطقة.
وتضم تلك المحلات كافة أنواع الأسلحة كالبنادق والقنابل والمسدسات والرصاص، إضافةً للعتاد العسكري الكامل وأجهزة اللاسلكي والألغام المتفجرة.
وتنتشر في إدلب ظاهرة بيع الأسلحة من خلال متاجر ومحلات خاصة، فهي متاحة وبشكل علني، وهو ما يؤدي لارتفاع معدل الجرائم في إدلب وخاصةً الجنائية منها وعلى وجه الخصوص القتل، بحسب ناشطين وسكان محليين.
وإلى جانب بيعها في المحلات، تنتشر ظاهرة بيع وشراء الأسلحة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقوم الراغب بالبيع بعرض صورة لسلاحه مع المعلومات المفصّلة عنها في منشور على موقع “فيسبوك” أو مجموعات “واتس آب”.
حوادث متكررة
لم تكن نور الحسيب (24عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، شمال غربي سوريا، تعلم أن مستقبلها سيكون رهينة طلقة طائشة سقطت على خيمتها، ما أدى لإصابتها بالشلل نهاية العام الماضي.
وكانت الشابة تستعد للامتحانات الفصلية في جامعتها قبل أن يسقط عليها مقذوف رصاصة “مجهولة المصدر” لتستقر في عمودها الفقري، فتفقد الوعي وتصحوَ على خبر إعاقتها الذي “حطم كل أحلامي” في استكمال تحصيلها العلمي وخاصة أنها كانت على أعتاب التخرج.
وتعتمد “الحسيب” حالياً في حركتها على عكازين سيرافقانها مدى الحياة.
وفي الخامس والعشرين من يناير الماضي، أصدرت “حكومة الإنقاذ ” الذراع المدني لـ”هيئة تحرير الشام” قراراً ينص على إغلاق جميع محال بيع الأسلحة في إدلب وتجميد رخصها.”
ولجأ تجار بيع الأسلحة بعد صدور القرار إلى نقل محلاتهم من الأسواق الشعبية إلى الأبنية السكنية لترويج بضائعهم وإتمام عمليات البيع والشراء والتخزين.
وبعد يومين من صدور القرار، أصيب مدنيان اثنان جراء انفجار وقع ضمن محل لبيع الأسلحة في مدينة بنش شرق مدينة إدلب، سبقه مقتل شخص وإصابة آخرين جراء انفجار مماثل في شارع الجلاء وسط مدينة إدلب.
وفي الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، قتل شخص وأصيب أربعة آخرون بجروح متفاوتة، جراء انفجار متجر لبيع الأسلحة بشارع الجلاء وسط مدينة إدلب.
وأرجع أيمن المصطو (28عاماً) وهو اسم مستعار لناشط إعلامي من مدينة إدلب، ازدياد هذه الظاهرة لغياب القوانين والأنظمة المتخذة من “حكومة الإنقاذ”.
ورأى أن قرار إغلاق محال الأسلحة في الأسواق الشعبية “زاد الطين بلة، فحكومة الإنقاذ لم تكن جدية بهذا الصدد وإنما أصدرت القرار رداً على الضغط الشعبي والمطالبات بإخراج هذه المحلات من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.”
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن “هيئة تحرير الشام” تمنح رخصاً مقابل مبلغ مالي كبير لنحو 20 محلاً تجاريا في مدينة إدلب وحدها، تبيع الأسلحة والذخائر، غالبيتها وسط الأسواق والأحياء السكنية.
وفي الرابع من كانون الأول/ ديسمبر العام الفائت، أصيب أربعة أشخاص نتيجة انفجار وقع أمام محل تجاري لبيع الأسلحة في مدينة معرة مصرين في ريف إدلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
“أرباح جيدة”
وكان الطفل رائد التناري (8 أعوام) وهو نازح في مخيمات أطمة الحدودية، نائماً عندما أصيب بمقذوف رصاصة، مصدرها أحد الأعراس المجاورة، ما أدى لإصابته إصابة جسيمة كادت أن تودي بحياته.
وقال والد الطفل لنورث برس ساخراً، إن “حكومة الإنقاذ عاجزة عن ضبط الفلتان الأمني الحاصل في المنطقة، ولكنها ليست عاجزة عن فرض الضرائب والإتاوات على المدنيين ومقاسمتهم في لقمة عيشهم.”
وفي الثالث من الشهر الفائت، قتل ثلاثة أشخاص، بينهم امرأة، في انفجار مستودع ذخيرة قرب مخيم للنازحين في إدلب، وفقاً للمرصد الحقوقي.
لكن مصطفى الشبيب (38 عاماً) وهو اسم مستعار لتاجر بيع الأسلحة برر عمله بأنه “لا يملك عملاً آخر، فضلاً عن أنه تعلم هذه المهنة وأتقنها مع طول سنوات الحرب، وباتت تحقق له “أرباحاً جيدة.”
وأشار التاجر إلى أنه يعمل على شراء الأسلحة من عناصر الفصائل المسلحة “وبأسعار مقبولة”، حيث يقوم بعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي وبيعها للأشخاص المهتمين.
ويبيع “الشبيب” كافة أنواع الأسلحة كالمسدسات والرشاشات المتوسطة والثقيلة، بالإضافة للقنابل والألغام المتفجرة والعبوات اللاصقة.
وأضاف: “تجارة السلاح في إدلب تلقى رواجاً وإقبالاً واسعاً.”