الكادر التمريضي في حكومة دمشق.. ضغط في العمل وشح بالمكافآت والتقدير

دمشق ـ نورث برس

لم يكد الكادر التمريضي يتنفس الصعداء خلال سنوات الحرب المضنية حتى بدأ استنفار كورونا.

ولم يترافق الضغط المتواصل على مدار عقد من الزمن، بتقدير لجهود الكادر التمريضي وتعويضات تتناسب مع حجم الجهود المبذولة، بل إن المكافآت التي منحت للكادر الطبي استثنت التمريض، كما قال بعضهم.

وجعلت ظروف العمل هذه، نسب التسرب كبيرة سواء عن طريق السفر خارج البلاد أو طلب التقاعد المبكر كما حصل في مشفى الأطفال بدمشق، حيث خسر 400 موظف خلال 5 سنوات، من عام 2011 وحتى 2015، بحسب مصدر طبي.

يقول حسام حسن وهو ممرض يعمل في مشفى عام في محافظة طرطوس، إن الأعباء الملقاة على الكادر التمريضي لم تكن طبيعية منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011.

وعانى الكادر الطبي عموماً والتمريضي خصوصاً ضغوط عمل كثيرة، بسبب الأعداد الكبيرة من المصابين التي كانت تراجع المشافي، خاصة بعد كل تفجير أو من مصابي الحرب.

ولم يكد الوضع الميداني يتحسن حتى دخلت البلاد في مشاكل كورونا، وفرضت على الممرضين والممرضات العمل في ظروف عمل تحمل نسبة خطورة عالية خاصة مع غياب إمكانيات وأدوات الحماية.

تقول ندى محمد (35 عاماً) وهي ممرضة تعمل في مشفى عام في دمشق، إن “المرضى الذين تركهم أهلهم وتجنبوهم يصلون إليهم.

“يكون لزاماً علينا علاجهم والتعامل مع أوضاعهم، بشروط عمل سيئة تكاد تقتصر على تأمين كفوف طبية يجب استخدامها على مدار نهار كامل، وكمامة من قماش. ولذلك كان هنالك إصابات كبيرة بين الممرضات كما الأطباء.”

قضية أخرى

وتطرح أميمة إبراهيم (49 عاماً) وهي ممرضة تعمل منذ خمسة وعشرين عاماً في إحدى المشافي العامة في مصياف جنوب غرب مدينة حماة، قضية أخرى تلخصها بالقول إن “الكادر التمريضي لا يحسد على مهنته.”

فقبل الحرب التي جعلت الكثير من الممرضات يصلون الليل بالنهار، ويتعاملون مع إصابات حرب وتشوهات مرعبة، كانت النظرة الاجتماعية الدونية لوظيفة الممرضة، “تشكل عبئاً ثقيلاً على غالبية العاملين في هذا القطاع.”

وتضيف الممرضة: “نظرة المجتمع الدونية للممرضة، تركت آثاراً نفسية كثيرة على العاملين في هذه المهنة.”

وانعكست بعض نتائج تلك الآثار على المجتمع “من خلال التعامل بعدوانية أو بعدم تعاطف على أقل تقدير في بعض الأحيان مع المرضى والمراجعين.”

ويقول عبد الرحيم علي (45 عاماً) وهو ممرض يعمل في مشفى حكومي أيضاً في حماة، إن ما يزيد من قساوة هذا العمل وضغوطه، “عدم تقدير الجهات المعنية لتلك المخاطر والجهود التي يبذلونها، وعدم مكافئتهم، بل استثناءهم من المكافآت.”

ويشدد على أن منح طبيعة العمل التي يحصل عليها الكادر التمريضي هي “الأقل”، وهذه تضاف إلى الأجور المنخفضة مع الحوافز شبه المعدومة.

وطبيعة العمل، “تجعل غالبية الكادر في حالة بحث دائم عن عمل آخر، أو السعي إلى التقاعد المبكر أو السفر”، بحسب “علي”.

ويضيف الممرض: “تمر السنوات على الكثير من المطالب التي يتنقلون بها من مسؤول لآخر دون نتيجة.”

ومنذ ثلاث سنوات، رفع النائب أيمن بلال كتاباً إلى مجلس الشعب ثم وزارة المالية بتحسين طبيعة عمل الممرضين أسوة بزملاء لهم من المخدرين والمعالجين الفيزيائيين والصيادلة.

وجاء الرد على الكتاب، حينها، من مأمون حمدان، وزير المالية السابق، بضرورة “التريث” وذلك لعدم توفر الموارد المالية، وكثرة أعداد الممرضين.

قائمة المطالب

ويطالب الكادر التمريضي برفع طبيعة عملهم المعتمدة حالياً التي تتراوح بين 3- 5% إلى 75%، أسوة بالمعالجين الفيزيائيين والمخدرين والصيادلة.

ويحصل المعالجون الفيزيائيون على طبيعة عمل وصلت إلى 75%، والمخدرون يحصلون على زيادة قيمتها 25 ألف ليرة شهرياً، و20 ألف ليرة للصيادلة العاملين في القطاع العام، “بينما ظل الوضع على حاله عند الكادر التمريضي.”

وفي نيسان/ أبريل 2020، منحت رئاسة مجلس الوزراء مكافأة للعاملين في القطاع الصحي الذين عملوا على مواجهة كورونا، ولكن القرار استثنى التمريض إلى لشرائح محدودة.

“استثناءنا من هذه النسب القليلة أصلاً يشعر الكثير منّا بأن الحكومة تتعامل معنا كرعايا من الدرجة الثانية رغم أن عمل  الكادر التمريضي هو أساس العمل في المشافي، وأنهم يقومون بأعمال مجهدة وخطيرة خاصة مع جائحة كورونا”، بحسب “علي”.

ومن القضايا التي طرحها الممرضون أيضاً، موضوع إيقاف العمل بمرسوم الأعمال المجهدة في 2006 في وزارة الصحة على عكس وزارة التعليم، رغم مخاطر العمل سواء من حيث  التعرض للأشعة أو الأمراض المعدية وملامسة الدم.

ويقول حسن أحمد (35 عاماً) وهو اسم مستعار لممرض في إحدى المشافي الحكومية في حمص، إن “المبررات التي يسمعونها عند مطالبتهم بهذه الحقوق، هي أن تطبيق هذا القرار سيتسبب في نقص بأعداد الممرضين في المشافي.”

ومنذ عام 2008، لم يتم تعيين أيٍّ من خريجي كلية التمريض، ولم يعلن عن أي مسابقة. “هنالك أكثر من 1700 خريج في منازلهم بانتظار فرصة تعيين منذ ذلك التاريخ”، بحسب الممرض.

ويضيف “علي” الذي تم التواصل معه عبر الهاتف: “لا يوجد من يدافع عن حقوقنا. يجب تفعيل نقابة التمريض التي صدر مرسوم بإحداثها في 2012 ولم ينفذ حتى الآن رغم الحاجة الكبيرة لتنظيم عمل مهنة التمريض للعاملين.”

ويعتقد أن “غياب الجهة التي تتبنى قضاياهم الكثيرة، جعل العاملين في هذا المجال يشعرون بالإحباط وقلة التقدير، أو ما يصفونه بظلم الحكومة والمجتمع.”

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: معاذ الحمد