ارتفاع أسعار الأثاث الخشبي في السويداء وغياب الطلب
السويداء – نورث برس
هذا هو العام الرابع الذي يؤجل فيه فراس مظلومة (36 عاماً) وهو اسم مستعار لممرض في إحدى المشافي الحكومية بالسويداء، جنوبي سوريا، تأجيل موعد زواجه إلى أجل غير مسمى بسبب عجزه عن شراء أثاث منزله “المرتفع الثمن.”
وقام “مظلومة” أكثر من مرة بجولة واسعة على المعارض الخاصة بالأثاث الخشبي المنزلي علّه يجد من يقبل أن يبيعه حاجته بأقساط مالية، “لكن دون جدوى.”
وقال الشاب إن أصحاب المحلات يتحججون بتقلب أسعار الأخشاب بشكل يومي، وأنها مرتبطة بسعر صرف الدولار ولا يمكنهم “المغامرة” في تقسيط الأثاث “خوفاً من الخسائر المحتملة.”
ولا يجد الممرض الذي لا يتجاوز راتبه 60 ألف ليرة سورية، خياراً سوى التفكير في السفر إلى خارج سوريا والعمل لعامين أو ثلاثة أعوام، حتى يستطيع ادخار مبلغ من المال.
وتشهد السويداء ارتفاعاً في أسعار الأثاث الخشبي المنزلي كغرف النوم والصالون وباقي مستلزمات الأثاث نحو عشرة أضعاف عما كانت عليه منذ ثلاثة سنوات.
وتتراوح تكلفة غرف النوم المصنوعة من خشب “إم دي إف” بين مليون و200 ألف ليرة سورية، وصولاً إلى خمسة ملايين ليرة، في حين كان سعر الغرفة لا يتجاوز الـ 200 ألف ليرة، قبل عدة سنوات.
وتتراوح تكلفة غرف الجلوس من ديوانيات وغيرها، بين 850 ألف ليرة وأربعة ملايين ليرة, بينما يتجاوز سعر غرف السفرة المصنوعة من خشب الزان مليوني ليرة.
خشب مستورد
وأشار “مظلومة” إلى أنه لا يمكن له أن يأخذ قرضاً يساعده على شراء أثاث منزله لأن سقف القرض الذي قد يمنح له من البنوك الحكومية على ما يتقاضاه من راتبه لن يكون أكثر من خمسمائة ألف ليرة.
“وهذا المبلغ لا يكفيه سوى لشراء مترين من ديوانية خشبية.” حسب قوله.
ورغم انخفاض سعر الدولار بنحو 1500 ليرة عما وصل إليه منذ نحو شهرين، حيث بلغ سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية 4700 ليرة سورية، إلا أن سعر الأثاث الخشبي لم ينخفض.
وأرجع مسعود سلامة (50 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد أصحاب مناجر الأخشاب في المنطقة الصناعية بالسويداء ويملك معرضاً لبيع منتجاته من أثاث خشبي منزلي في المدينة، السبب إلى ارتفاع أسعار الخشب المستورد من قبل التجار.
كما يعود السبب الآخر في غلاء أسعار الأثاث إلى ارتفاع أجور اليد العاملة، إذ يتقاضى حرفيون يعملون في منجرته والبالغ عددهم أربعة، عشرة آلاف ليرة سورية يومياً.
ويباع سعر لوح الخشب الواحد بطول مترين وعرض متر واحد بـ 23 دولار أميركي (ما يعادل 71 ألف ليرة سورية) حسب سعر تصريفه لدى السوق السوداء والبالغ 3200 ليرة سورية للدولار الواحد.
وقبل ثلاث سنوات كان لوح الخشب يباع بـ16 ألف ليرة سورية، بحسب نجارين.
مناجر مغلقة
وأشار صاحب المنجرة إلى أنه في حال بقيت أسعار الأخشاب المستورد من الخارج والتي تدخل في تصميم الأثاث الخشبي المنزلي مرتفعة، مع ضعف القدرة الشرائية لدى السكان، فإنه سيضطر إلى إغلاق منجرته.
ورأى أن الحكومة هي الوحيدة القادرة على اجتراح حلول تمكن أصحاب المهن الحرة وخاصة النجارين.
وأشار إلى أن ذلك يتم من خلال دعم استيراد الأخشاب من الخارج وضبط أسعاره التي يتحكم بها تجار الأخشاب الكبار، ما ينعكس على انخفاض تكاليف التصنيع وبالتالي انخفاض أسعار الأثاث الخشبي، وفق قوله.
وتضم السويداء ثلاثة مناطق صناعية تتمركز في مدن السويداء وصلخد وشهبا، وتحوي العشرات من مناجر تصنيع الأخشاب الخاصة بالأثاث الخشبي المنزلي.
وخلال العام الفائت، أغلق ما يقارب نصف تلك المناجر لارتفاع تكاليف الأخشاب، وذلك بحسب ما قاله أحد موظفي نقابة الحرفيين في السويداء لنورث برس.
وفي نفس العام، أغلق ما يقارب خمسة وعشرون معرضاً للأثاث المنزلي في عموم السويداء لانخفاض نسبة الشراء من قبل السكان وارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في تصنيع الأثاث المنزلي, وذلك حسب أحد أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة السويداء.
“لا علاقة للحكومة”
لكن رياض مرتضى (55 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد المسؤولين الحكوميين في قطاع الصناعة في السويداء، قال إن “الارتفاعات الكبيرة والمبالغ فيها في أسعار التصنيع للأثاث الخشبي المنزلي لا علاقة للحكومة بها.”
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن معظم المعارض والمستودعات كان لديها مخزون من الخشب والأثاث الخشبي منذ سنوات.
وناقض المسؤول الحكومي تصريحه بالقول إن “غرفتي الصناعة والتجارة بالسويداء مع نقابة الحرفيين تقع عليهم المسؤولية الكبيرة في عملية ضبط الأسعار داخل أسواق الأثاث الخشبي المنزلي.”
واعتبر أن البلاد تتعرض إلى حصار اقتصادي ولا تستطيع تحمل كل المشاكل الاقتصادية لوحدها، “بل على المجتمع المحلي والأهلي مدعوماً بالنقابات المهنية أن يتعاضدوا في وقف المضاربات داخل أسواق الأخشاب.”
ولا يغامر سامح درويش (32 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة صلخد بريف السويداء الجنوبي الشرقي في الدخول إلى أسواق الأثاث الخشبي المنزلي “لتكاليفها المرتفعة.”
ويعمل “درويش” في أحد مطاعم المدينة ولا يتعدى راتبه الشهري المئة ألف ليرة سورية.
وأشار إلى أنه على الفتاة التي يريد الزواج منها أن تنتظر سنوات أخرى حتى يتمكن من الارتباط بها “ريثما أجد سبيلاً آخر لادخار المال.”