المسطحات والمجاري المائية تودي بحياة سكان ونازحين في إدلب

إدلب – نورث برس

لم تنقذ مهارة الشاب مصطفى سعدو (24 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في بلدة دركوش، شمال غرب إدلب، شمال غربي سوريا، في السباحة، من الغرق في إحدى المجاري المائية في منطقة عين الزرقا غرب إدلب، لتنتشله فرق الإنقاذ بعد عدة أيام على وفاته، حيث عثروا عليه على ضفاف نهر العاصي بالقرب من الحدود السورية ـ التركية.

ويقول أصدقاء الشاب إنهم فقدوا صديقهم أثناء سباحتهم على إحدى ضفاف نهر العاصي بالقرب من بلدة دركوش، رغم أنه كان أمهرهم في السباحة وقطع المسافات الطويلة بالماء، وذلك خلال عيد الفطر الماضي.

ويقصد معظم سكان إدلب وخاصة النازحون منهم للمسطحات والمجاري المائية بقصد السباحة مع ارتفاع درجات الحرارة وقدوم فصل الصيف.

وفي صيف كل عام، تتكرر حوادث الغرق في إدلب، حيث يكون معظم الضحايا من الشبان والأطفال الذين “يجهلون” طبيعة المسطحات أثناء السباحة.

وتتمثل خطورة هذه المجاري والمسطحات بكثرة الصخور والأعشاب اللاصقة، إضافة لطبيعة المنطقة المنحدرة وهو ما يفسر قوة التيار وسرعة تدفق الماء، بحسب مصدر من الدفاع المدني السوري.

وبحسب إحصائية للدفاع المدني السوري، فقد غرق ثماني أشخاص في الأنهار والبحيرات المنتشرة في إدلب ومناطق أخرى تسيطر عليها فصائل معارضة مسلحة في سوريا وذلك خلال النصف الثاني من الشهر الفائت.

حوادث متكررة

والعام الماضي، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكثر من 25 حالة وفاة نتيجة الغرق في مناطق متفرقة في إدلب.

وفي الثالث والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي، انتشلت فرق الغطس التابعة للدفاع المدني جثة طفل ووالده كانا قد قضيا غرقاً في مياه نهر العاصي بريف مدينة سلقين غرب إدلب، سبقه غرق شابين في مجمع مائي في منطقة عين الزرقا.

والعام الماضي، كان مرعي الدبيبي (38 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة إدلب، شاهداً على وفاة طفله البالغ من العمر (12 عاماً)، حين جذبه التيار إلى وسط النهر حيث العمق.

وقال “الدبيبي” إن طلفه كان يسبح على طرف النهر قبل أن يجذبه التيار إلى مناطق عميقة ليصارع الموت أمام عينيه دون أن يستطيع إنقاذه، إذ أنه لا يجيد السباحة.

ودفع صراخ الأب وذوي الطفل بشبانٍ متواجدين في ذات المكان لحسب الطفل من النهر، ولكنه فقد حياته بعد دخوله المشفى بساعتين، نتيجة دخول كمية كبيرة من الماء إلى جهازه التنفسي، وفق ما أخبرهم أطباء.

وكان “الدبيبي” قد اعتاد أن يصطاف رفقة عائلته سنوياً، إذ أن المجاري والمسطحات كانت “تعتبر المتنفس الوحيد لنا من جهة ولنخرج من أجواء الحرب الدائرة في المنطقة من جهة أخرى.”

غياب التدابير

وأضاف الأب المفجوع، “تحولت أفراحنا لأتراح، لم أكن أتوقع يوماً أن أرى طفلي يصارع الموت أمام عيني”، ليدخل في حالة بكاء.

وقبل نحو أسبوعين، كان رامي الشايب (22 عاماً) وهم اسم مستعار لنازح في مدينة سرمدا حظه أفضل حالاً من سابقيه حين كان على مقربة من أحد قوارب الصيادين أثناء غرقه ليتمكن الصيادون من مساعدته في النجاة.

وقال “الشايب” إن برودة الماء وسرعة التيار أفقدتاه التوازن، الأمر الذي دفعه للتوقف عن السباحة وطلب المساعدة من أحد الصيادين الذي كان بالقرب منه.

وأرجع خالد الحمدو (34 عاماً) وهو اسم مستعار لعضو أحد المجالس المحلية شمال إدلب كثرة حوادث الغرق، لغياب التدابير المتخذة.

وقال إنه ليس هناك، شاخصات تحذيرية في المناطق التي لا تلائم السباحة، بالإضافة لعدم وجود رقابة وضوابط وقوانين تمنع السكان من السباحة في “المسطحات الخطرة.”

وأضاف: “عمل الجهات المعنية يقتصر على انتشال الجثث وتوثيقها فقط، دون الاكتراث إلى حياة آلاف المدنيين الذين يقصدون هذه الأماكن الخطرة عليهم وعلى أطفالهم.”

لكن رضوان زكور (25 عاماً) وهو اسم مستعار لعنصر في فريق الغطس التابع للدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، قال إن “معظم الوفيات غرقاً سجلت لنازحين نتيجة الجهل وقلة الوعي بمدى خطورة المسطحات المائية في هذه المناطق مقارنة بمناطقهم.”

وأشار في حديث لنورث برس إلى أن معظم الوفيات تكون لأطفال ومراهقين دون سن الـ18 عاماً.

إعداد: سمير عوض – تحرير: سوزدار محمد