اهتراء خطوط الهاتف الأرضي في السويداء ومشاريع الصيانة تحتاج لأموال “غير متوفرة”
السويداء – نورث برس
لا يلبث أكرم سعيد (45عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي الكويت في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، أن يفرح بوصول الحرارة إلى خط الهاتف الأرضي الخاص به حتى تنقطع من جديد.
وبات جميع الموظفين في مديرية الاتصالات الحكومية في مدينته يعرفونه من زياراته المتكررة إلى قسم الصيانة في المديرية، حتى بات لم يعد يكترث لتوفر الهاتف في منزله من عدمه.
وأقدم “سعيد” مؤخراً على تحطيم جهاز الهاتف لديه، متخلياً عن خدماته التي أهدرت وقته دون أي حلول تضع حداً لمعاناته في إعادة الحرارة إليه.
وكان ذلك بعد أن تشاجر مع محاسب صندوق الجباية في كوة الدفع في المديرية، حيث أجبره الأخير على دفع فاتورة الهاتف وبلغت عشرة آلاف ليرة سورية “رغم أن الهاتف كان معطلاَ طيلة الشهر ولم أستخدمه بتاتاً.”
وحاول الرجل أن يشرح للموظف الحكومي مشكلته، “لكنه طلب مني أن أدفع أولاً فاتورة الهاتف ومن ثم أقدم شكوى.”
واتهم “سعيد” موظفي مديرية الاتصالات بعدم إيلاء أي اهتمام للمشكلة “رغم الشكاوى العديدة المقدمة.”
ومنذ عدة سنوات، يعاني سكان حي الكويت وضواحي بعيدة عن مركز المدينة من انقطاع متكرر لخطوط اتصالات الهاتف الأرضي وتسرب مياه الأمطار في فصل الشتاء إليها إذ أنها “غير محمية”، إضافة إلى تأثرها بأشعة الشمس في فصل الصيف.
خطط لم تنفذ
ووفقاً لـ معن الناطور (42عاماً) وهو اسم مستعار لأحد موظفي قسم الاتصالات الأرضية للهاتف في مديرية الاتصالات، فإن مشكلة أسلاك الهاتف الأرضية تكمن في قدمها وتلفها منذ سنوات عديدة “وهي بحاجة إلى التبديل وإجراء الصيانة للعديد منها.”
وأشار إلى أن تلك الأسلاك “لم تعد تلبي احتياجات السكان وهذا يحتاج إلى ميزانيات مالية كبيرة لم يتم توفيرها من قبل وزارة الاتصالات في دمشق.”
وهذا العام، تعرضت خطوط الهاتف في أحياء عديدة للسرقة من قبل “لصوص الخطوط الأرضية” كما أحب “الناطور” أن يصفهم.
وفي الثامن من أيار/ مايو الماضي، هدد سكان من بلدة صلاخد في ريف السويداء الشمالي الغربي، الحكومة بالتصعيد وإعطاء مهلة مدتها يوم واحد جراء انقطاع الاتصالات الأرضية في البلدة منذ ستة أشهر دون أي اكتراث حكومي.
ومنذ ستة أشهر، تشهد السويداء بالعموم حالات سرقة لأشرطة الاتصالات الأرضية من قبل عصابات محلية، وخروج العديد من القرى والبلدات عن خدمة الاتصالات دون أي محاولات الحكومية لإعادة الاتصالات وغياب شبه كامل للأجهزة المختصة.
وتحتاج البنية التحتية لخطوط الاتصالات في السويداء إلى إحداث شبكات موازية لما هو قديم منها والاستعاضة عنها بالأكبال الضوئية ذات السرعات العالية والأكثر حداثة.
لكن سعيد محمود (55 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد مسؤولي قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية الحكومية في السويداء، قال إن خطط إعادة تأهيل شبكات الخطوط الأرضية كانت موضوعة للتنفيذ من قبل مسؤولي قطاع الاتصالات في دمشق منذ عشرة سنوات في عموم مدن وبلدات السويداء.
“لكن بدء الحرب في البلاد أعاق تطبيق تلك الخطط الحكومية.”
تقاضى رشاوى
وخلال العام الجاري، وبحسب تصريح المسؤول الحكومي، فإنه سيتم توسيع شبكات الهاتف في عدة أحياء “لكن تلك المشاريع تحتاج إلى مئات الملايين من الليرات السورية. وهي غير متوفرة في الوقت الحالي.”
لكن، يبدو أن كلام المسؤول الحكومي لا يلقى صدى لدى عماد الصائغ (50عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان السويداء، إذ قال إنه لم يعد يثق بمكتب الشكاوى في مركز الاتصالات الحكومية “والذي لا يستجيب إلى جل الشكاوى المقدمة إليه.”
ولجأ “الصائغ” في نهاية الأمر وبعد أن استنفذ جميع السبل في إصلاح خط هاتفه الأرضي المعطل إلى الاستعانة بأحد فنيي الصيانة الحكوميين داخل مديرية الاتصالات.
ودفع “الصائغ” بحسب ما ذكره لنورث برس “رشى مالية لفني الصيانة، حيث قام وفي ذات اليوم بتبديل الخط وإصلاح الهاتف بعد أن قدم أربعة طلبات سابقة بهدف إصلاحه وعلى مدار ستة أشهر دون أن يحصل على أي نتيجة.”
وأضاف: “من يود تركيب خط هاتف جديد داخل منزله ما عليه سوى أن يدفع مبلغ خمسين ألف ليرة سورية لعامل التركيب المختص بالخطوط الأرضية كرشوة مالية.”