موسم القمح في ريف حلب الجنوبي.. مزارعون خاسرون يحملون الحكومة المسؤولية

حلب – نورث برس

لم يكن محصول القمح مبشراً للمزارع حميد الأحمد (45عاماً) وهو من سكان قرية الطرفاوي بريف حلب الجنوبي، شمالي سوريا، فمساحة 200 دونم من أرضه المزروعة بالقمح لم تتنج سوى 300 كيس من الإنتاج.

واعتبر المزارع هذا الموسم “الأسوأ” منذ سنوات، لعدة أسباب ساهمت بانخفاض إنتاجية محصول القمح  ليس فقط في أرضه بل بكل الأراضي الزراعية في ريف حلب الجنوبي.

ووفقاً لمزارعين فإن أكثر من 90% من  الأراضي الزراعية في ريف حلب الجنوبي بعلية وخاصة المساحات المزروعة بالحبوب كالقمح والشعير.

وقال “الأحمد” إن موسمهم هذا العام  تضرر “ولم نستطع حتى تحصيل المصاريف التي تكلفنا به لزراعة أراضينا.”

وفي سنوات سابقة، كانت مساحة 200 دونم مزروعة بالقمح تنتتج ما بين الـ800 إلى ألف كيس، سعة كل كيس 80 كيلو غرام، بحسب مزارعين.

وتعرض محصول القمح للعام الحالي لعوامل طبيعية مناخية، إضافة لتقاعس الحكومة ما أدلى إلى فشل خطة وزارة الزراعة في حكومة دمشق، والمسماة بـ “عام القمح” والتي كان من المتوقع أن تنتج مليوناً و200 ألف طن، وفقاً لوزير الزراعة حسان قطنا.

 وفي الخامس عشر من هذا الشهر، قدّر وزير الزراعة في تصريح لإذاعة محلية الإنتاج الحالي للمساحات المزروعة بعلاً بـ300 ألف طن، بعد أن كان من المقدر لها أن تنتج مليوناً و200 ألف طن.

ووفقاً لـ”قطنا”، فقد زُرع مليون و500 ألف هكتار من القمح ومليون و600 ألف هكتار من الشعير “ولكنها تعرضت لظروف الجفاف والتغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة أكثر من سبع درجات وانخفاض المياه.”

وهذا العام، شهدت سوريا انخفاضاً حاداً في كمية الهطولات المطرية, ما أدى إلى خروج مساحات شاسعة من المحاصيل البعلية عن خط الإنتاج.

“نحن خاسرون”

ورغم أن المزارع يجد تسعيرة الحكومة لشراء القمح “مقبول، لكنها لن تكفي سوى لسد جزء من المصاريف.”

وقال “الأحمد”: “المشكلة تكمن في أن كمية الإنتاج قليلة وإذا حسبنا المصاريف الزراعية من محروقات وأجور عمال وآليات زراعية وحتى الأسمدة باستثناء جهودنا وتعبنا كمزارعين، فنحن خاسرون.”

وفي آذار/ مارس الفائت، حددت حكومة دمشق سعر شراء القمح من المزارعين بـ 900 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد.

وفي السابع عشر من هذا الشهر، قال وزير الزراعة “قطنا”، في تصريح لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إن الإنتاج الحالي لمحصول القمح “لا يكفي كامل احتياجاتنا”، وبأن الوزارة ستعتمد على الكميات الاحتياطية المستوردة، إضافة إلى الإنتاج الحالي لتغطية الاحتياج السنوي.

وفي التاسع والعشرين من الشهر الماضي، قال يوسف قاسم مدير مؤسسة الحبوب التابعة للحكومة في تصريحات لصحيفة “الوطن” إن “المؤسسة قامت بإبرام عقود لاستيراد كميات من القمح هي قيد التوريد بنحو مليون طن ذي المنشأ الروسي.”

ولم يستطع محمود الموسى (50عاماً) وهو مزارع من بلدة بنان الحص في ريف حلب الجنوب سقاية أرضه المزرعة بالقمح رغم امتلاكه لبئر ارتوازي، “بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وتجاوز سعر لتر المازوت 2500 ليرة.”

وبالرغم من تقديم “الموسى” طلبات للإرشادية الزراعية بضرورة تزوديه بمادة المازوت بسعر مدعوم، 180 ليرة للتر الواحد، “لكن لم نحصل سوى على 100 لتر وهي لا تكفي لتشغيل جرار زراعي لثلاثة أيام.”

“وعود لم تترجم”

واعتمد “الموسى” الذي يمتلك 15 هكتاراً، ومزارعون آخرون، على الزراعة البعلية “فحتى السماد لم نحصل على كميات كافية منه.”

وحمل مزارعون، وزارة الزراعة في حكومة دمشق، مسؤولية قلة الإنتاج لهذا الموسم، “فالدعم لم يكن سوى كلام من مسؤولين ولم يترجم منه شيئاً على الأرض”، وفق تعبيرهم.

وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقرير لها من أن محصول الحبوب في سوريا هذا العام سيكون أقل من المتوسط، وذلك لعدة أسباب أهمها الجفاف الذي ضرب منطقة شمال شرقي سوريا وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي.

وقالت المنظمة، إن “نحو 12.4 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي بحسب إحصائيات 2020.”

وبناء على الوعود الحكومية بدعم المزارعين بالمحروقات والأسمدة وتوفير كل ما يلزم لإنجاح خطة “عام القمح”، زرع محمد عبيد العلي(56عاماً) وهو مزارع من قرية عسان وعضو اتحاد الفلاحين في ريف حلب الجنوبي أكثر من 35 ألف هكتار من القمح.

ومع بدء حصاد المحصول، يلاحظ “العلي” كمية الإنتاج “القليلة”، حيث لم ينتج الهكتار الواحد سوى 20 إلى 30 كيس.

ورأى “العلي” أنه على الحكومة دعم زراعة القمح الموسم القادم وتوفير مستلزمات الزراعة لاسيما الأسمدة والمحروقات، لـ”تفادي الخسائر.”

إعداد: نجم الصالح – تحرير: سوزدار محمد