المهر بالدولار بعد غياب شرط امتلاك المنزل.. شباب في إدلب يعزفون عن الزواج

إدلب – نورث برس

بعد ثلاث سنوات من العمل، لم يتمكن حسن المصري (31 عاماً) وهو نازح من مدينة حمص إلى إدلب، من جمع تكلفة الزواج من مهر خاصة بعد تحديده بالدولار الأميركي.

ويغيب شرط امتلاك المنزل عند طلب الزواج من فتاة، ليحل مكانه تحديد المهر بالدولار وبمبالغ كبيرة، وسط قلة فرص العمل التي تشكل حاجزاً آخر أمام الشباب الراغبين بالزواج، بحسب “المصري”.

“أعمل في إحدى ورشات الخياطة في مدينة إدلب منذ نزوحي من ريف حمص الشمالي قبل ثلاث سنوات، وإلى الآن لم أتمكن من جمع تكلفة زواجي من مهر وغيره.”

ولا يكاد الراتب الذي يحصل عليه في نهاية كل شهر، مقابل عمله يكفي لتأمين مصاريف العائلة من طعام وأدوية لوالده المريض.

ويعتبر المهر من أبرز الحواجز التي تشكل عائقاً أمام “المصري”، خاصةً وأن “أقل مهر لأي فتاة لن يكون أقل من ألف دولار أميركي.”

وحال غلاء المهور، دون زواج المئات من الشباب في إدلب، التي يعاني سكانها الأصليون أو النازحون من قلة فرص العمل، ناهيك عن قلة الأجور في حال توفره.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، عبارات من قبيل: “خفّضوا المهور قبل أن تذبل الزهور وينتشر الفجور.. يسّروا الحلال ليمتنع الحرام.”

عادات وتقاليد

وتختلف العادات والتقاليد من مكان إلى أخرى، ويتميز بها مجتمع عن آخر، وتعتبر تلك العادات إرثاً شعبياً ورثه الناس عن آبائهم وأجدادهم.

ومن العادات التي يتمسك بها سكان إدلب، غلاء المهور، وهو ما يعتبره كثيرون مشكلة اجتماعية تثقل كاهل الشباب وتؤرقهم، ومنهم نبيل الدبيس (28 عاماً).

ولم يستطع “الدبيس” وهو من سكان مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، الزواج بسبب التكاليف الباهظة للزواج كتقليد متوارث.

واضطر والد الشاب لبيع السيارة التي يملكها “لتزويج أخي الأكبر بمهر ثلاثة آلاف دولار أميركي (نحو 10 ملايين ليرة سورية).”

ويقول: “لا يتوفر لدينا الآن ما نقوم ببيعه لزواجي، ما يجعل الزواج حلماً بالنسبة لي.”

وبلغت قيمة صرف الليرة السورية في إدلب, 3200 للدولار الأميركي الواحد، بحسب موقع الليرة اليوم.

سفر لتأمين المهر

ويضطر مئات الشبان في منطقة إدلب، لا سيما النازحين إليها، إلى السفر إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية للعمل هناك وتأمين مهر الزواج.

وقبل نحو عام ونصف، وبعد فشل جميع محاولات في البحث عن عمل في إدلب، اضطر “سهيل النجم” (33 عاماً), وهو من نازحي ريف حماة الشمالي، للذهاب إلى تركيا والعمل هناك من أجل تأمين مهر زواجه.

وبدأ يعمل “النجم” في معمل لتصنيع النايلون براتبٍ يصل أحياناً إلى 2500 ليرة تركية, شهرياً.

وقال: “وجدت شريكة حياتي وهي من سكان مدينة بنش شرقي إدلب، وأرسلت والدي ووالدتي لمنزل عائلتها لطلبها، لكنني تفاجأت بالرقم والشروط التي وضعها والد الفتاة.”

وشكل المهر الذي طلبه والد الفتاة كمهر للزواج والبالغ أربعة آلاف دولار أميركي، إضافة لـ30 غراماً من الذهب، “صدمة” لـ”النجم”.

وقال: “طلبات والد الفتاة لا يمكنني تأمينها بعشر سنوات من العمل في تركيا. وبعدها ألغيت فكرة الزواج نهائياً من حياتي.”

وأضاف: “لا يوجد شاب لا يرغب في تكوين أسرة وإكمال نصف دينه، لكن هذه الرغبة أصبح من الصعب تحقيقها في الشمال السوري، لغياب فرص العمل والبطالة.”

عبء آخر

قال جميل حلاق وهو باحث اجتماعي، إن سبب عزوف الشباب عن الزواج يعود إلى ما يفرضه أولياء العروس من مبالغ وشروط  تثقل كاهل الشباب وذويهم، وتحملهم فوق طاقتهم.

ويؤثر المهر المرتفع على الأسر ذات الدخل المحدود والتي تحاول تحمل أعباء كبيرة, بحسب الباحث الاجتماعي.

ويضيف: “يكمن الحل في التوعية بأهمية تخفيض المهور، وعدم المبالغة فيها، ومساعدة الشباب على الزواج.”

وفي ظل غياب قانون “يلزم أولياء الأمور بتحديد مهر مناسب للزواج، لا شيء غير الوعي يمكن أن يحد من تفشي ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج”, وفقاً لـ”حلاق”.

إعداد: براء الشامي – تحرير: خلف معو