بسبب شح الموارد وقلة إنتاج الزراعة.. سكان في أرياف السويداء يقصدون المدينة

السويداء- نورث برس

وجد حميد طرابيه (42 عاماً) وهو معلم مادة علوم  ومزارعٌ في آنٍ معاً، من ريف مدينة السويداء الشرقي، جنوبي سوريا، أن انتقاله للسكن في المدينة “حاجة ملحة” له ولعائلته، وذلك بعد أن أرهقه ارتفاع أجور المواصلات بين بلدته ومدرسته في السويداء.

وقبل ثلاثة أعوام انتقل المعلم إلى المدينة، بعد أن كان يتنقل بشكل يومي إلى وظيفته الحكومية في إحدى مدارس السويداء، “كان ذلك يستنزف ما يعادل نصف راتبي الذي أتقاضاه.”

وحالياً، يعمل “طرابيه” إلى جانب عمله في المدرسة، سائق سيارة عمومي ليوفر دخلاً مادياً يساعده على إعالة أسرته.

وتشهد أرياف السويداء هجرة سكان نحو المدينة، أعادوا سببها إلى افتقار قراهم لمقومات الحياة، فـ”الزراعة باتت لا تجدي نفعاً ولا مشاريع ريفية اقتصادية حكومية تستقطبهم.”

وهذا العام، خرجت مساحات واسعة مزروعة بالقمح والشعير في معظم مناطق السويداء عن خط الإنتاج بسبب قلة الهطولات المطرية.

 وتبين بعد عملية مسح قامت بها مديرية الزراعة في السويداء، شملت عموم الأرياف الشهر الفائت، أن أكثر من ٧٠٪ من حقول القمح و٨٠٪ من حقول الشعير غير قابلة للحصاد.

أسباب

لكن سعيد أبو عمار (50 عاماً) وهو خبير في التنمية البشرية والاقتصادية في السويداء، رأى أن جفاف المحاصيل “ليس سوى جزء صغير من أسباب الهجرة.”

وأرجع “أبو عمار” الجزء الأكبر إلى طبيعة السياسات الحكومية المتبعة وشكلها والتوجه الاقتصادي العام، “فتقليص دعم الزراعة ورفع سعر المشتقات النفطية أجبر أعداداً كبيرة من سكان الريف على ترك العمل الزراعي والهجرة باتجاه ضواحي المدن.”

كما أن النمو السكاني المرتفع في معظم مناطق الريف وتمركز المؤسسات الحكومية بشكل عام في المدينة وتركيز اهتمام الحكومة على المدن وسعيها إلى تأمين متطلبات المدينة قبل الريف “رغم ضعفها”، عوامل أخرى يجدها “أبو عمار” للهجرة نحو المدينة.

وبحسب مزارعين في سوريا، فإن غلاء مادة الوقود وعدم توفره بالسعر الحكومي المدعوم، حرمهم من فرصة سقاية محاصيلهم خلال فصل الربيع، وهو ما أثر على إنتاجية المساحات المروية.

ويتجاوز عدد سكان السويداء، بحسب إحصائية الأحوال الشخصية والمدنية 520 ألف نسمة.

وقال محسن الخالدي (52 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد خبراء مسؤولي مركز التنمية المحلية والتخطيط الإقليمي الحكومي في السويداء، إن نسبة توزع السكان في السويداء تبلغ 62 بالمئة في المدينة، و38 بالمئة في الأرياف، بزيادة هجرة إلى المدينة بلغت 14 بالمئة عن العام الفائت.

وأضاف أن نظرية المسؤولين الحكوميين “وتحت مسميات عدة كإنعاش الريف وتنميته والمرأة الريفية وغيرها من المبادرات الحكومية لا يمكن وصفها سوى أنها عناوين عشوائية لمدخل الإدارة.”

ولم تطلق الحكومة خطة لإنعاش الأرياف وخاصة النائية منها والتي تقع على طول الحدود الإدارية لعموم السويداء “والتي أمست شبه خالية من سكانها، عبر إحداث مراكز ريفية تنموية  مستدامة.”

حلول

ويكمن الحل بحسب رأي “الخالدي” في نقل جزء من الأعمال من المدينة إلى الريف بشكل مصغر مثل الخدمات الطبية ومراكز تعليمية وثقافية والعمل على تشجيع الاستثمار في المجالات الزراعية والإنتاج الحيواني والأعمال اليدوية.

كما يجب أن يتم العمل على تقسيم الأرياف إلى وحدات ريفية تنموية لها استقلالية في اتخاذ القرار دون الرجوع إلى المركز مع توفير الدعم المالي لها وحسب طبيعة بيئتها واحتياجاتها، والذي يعتبر من أهم أسباب النهوض بالريف في السويداء.

وكانت هجرة سوار حمود (40عاماً) من بلدته في أقصى الشمال الغربي للسويداء إلى المدينة منذ عامين خارجة عن إرادته, إذ ترك أرضه التي لم تعد تنتج له من محاصيل القمح والشعير ما يفي باحتياجاته وإخوته.

ويعمل “حمود” حالياً ، في أحد المراكز التجارية بالمدينة ويرسل شهرياً إلى إخوته الخمسة في البلدة مبلغاً من المال لتدبر أمورهم المعيشية.

وأشار “حمود” الذي لم يتزوج بعد إلى أن هجرته من بلدته النائية لم تقتصر عليه فحسب بل شاركه الهجرة إلى المدينة عشرات الشباب، “ما جعل البلدة شبه خالية من شبابها إلا من المعمرين.”

إعداد: سامي العلي- تحرير: سوزدار محمد