الطاقة الشمسية بديل سكان في دمشق لمشكلة التقنين الكهربائي

دمشق – نورث برس

شكل ترافق التقنين الطويل للكهرباء مع غياب المحروقات تحدياً جديداً ليس بالسهل التعامل معه، بالنسبة لفارس جبر(31عاماً) وتركه أمام خيار البحث عن حل أو إغلاق مركز الألعاب الذي يعمل به.

ولم يجد “جبر” وهو صاحب مركز لألعاب الحاسوب و”play station” في حي المزرعة بدمشق خياراً أفضل من تركيب مجموعة لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية.

ويرى “جبر” أنه “رغم التكلفة المرتفعة التي تترتب على تركيب مجموعة شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، “إلا أن طول وقت الاستخدام وعدم حاجتها لصيانة دورية وفقدان المازوت وارتفاع سعره في السوق السوداء يجعل اعتمادها أجدى وأوفر اقتصادياً.”

وبلغت تكلفة ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات الخاصة بالمركز حوالي 12 مليون ليرة سورية.

ويصل تقنين الكهرباء في بعض المناطق من دمشق إلى خمس ساعات قطع مقابل ساعة وصل، مما أثر بشكل مباشر على حياة الدمشقيين المنزلية والمهنية.

ووصل سعر لتر البنزين الواحد في السوق السوداء إلى خمسة آلاف ليرة، أما لتر المازوت فوصل إلى 2500 ليرة، وهذا السعر قابل للمضاعفة في الحالات الحرجة من نقص إمدادات السوق.

وقال “جبر” إنه مع انسحاب الحكومة المتزايد عن تأمين الخدمات للسكان “بقيت جميع المهن والأعمال تحت تهديد الإغلاق والخسارة بسبب تراجع وسوء الوضع الخدمي.”

وظهرت الطاقة الشمسية كغيرها من البدائل التي لجأ إليها السوريون للتحايل على سوء الوضع المعيشي والخدمي، حيث

بادر عدد من سكان دمشق وريفها إلى استعمال بدائل من الطاقة المتجددة، للتعويض عن ساعات التقنين الطويلة التي أعاقت حياتهم وعملهم.

كهرباء نظامية

وتبحث يارا هاشم (36 عاماً) وهو اسم مستعار لمدرسة لغة إنكليزية في أحد المعاهد الخاصة في دمشق، عن إمكانية الاستفادة من أحد القروض التي من الممكن أن تقدمها البنوك، لتقوم بتركيب جهاز لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.

وقالت “هاشم” إنها ضاقت ذرعاً بتبديل البطاريات التي “لا تصمد أكثر من سنة مهما كانت نوعيتها، بسبب قلة التغذية الكهربائية اللازمة لإعادة شحنها.”

وأشارت المعلمة إلى أنه ليس هناك تناسب بين “أسعارها الخيالية والخدمات الضئيلة التي تقدمها، كما أن البيت بوضع التقنين الحالي يشبه بيوت العصور الوسطى.”

“فلا تستطيع الاعتماد على البراد والثلاجة بحفظ المواد والمؤنة، ولا تستطيع تنظيف الثياب جيداً، نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي خلال ساعات الوصل.”

وبحسب سكان من العاصمة دمشق، فإن التيار الكهربائي دائماً ما يأتي ضعيفاً، مما يتسبب بأعطال في الأجهزة المنزلية بشكل متكرر.

وأضافت المعلمة: “أظن أننا لم نعد نستطيع انتظار الحكومة التي تثبت فشلها بجميع القطاعات، لتبادر بتحسين واقعنا الخدمي بعد الآن، علينا تدبر أمرنا لوحدنا.”

ومع تناقص ساعات وصول الكهرباء زاد اعتماد السكان بشكل جيد على الطاقة المتجددة، وتنوع إقبالهم بين من اكتفى بتركيب مجموعة تكفي لشحن البطاريات المنزلية، وصولاً إلى بعض المنازل التي قامت بتركيب المجموعة الكاملة التي تتيح لها الاستغناء عن الكهرباء النظامية لدرجة كبيرة.

“دعامة مستقبلية”

وقال فادي قبيسي (46 عاماً) وهو مهندس كهرباء، يعمل في بيع وتركيب أجهزة الطاقات البديلة، إن سعر جهاز تسخين المياه، بخزان سعة 300 ليتر و30 أنبوب تسخين يصل إلى 1.5 مليون ليرة متضمناً أجور التركيب، وأن يوماً مشمساً في دمشق يكفي لإيصال درجة حرارة المياه فيه إلى 50 درجة مئوية.

وأضاف: “تصل تكلفة تركيب مجموعة توليد لكامل المنزل عدا أجهزة التسخين إلى حوالي 15 مليون ليرة متضمنةً أسعار البطاريات اللازمة لتخزين الكهرباء للاستخدام الدائم وأجور التركيب.”

وأشار “قبيسي” إلى أن الإقبال رغم تزايده لا يزال ذو أثر محدود على قطاع توليد الطاقة الكهربائية، وأن الأسعار العالية بالنسبة لدخل السكان تعتبر الحاجز الأول.

ووصف عصام الجباعي (49 عاماً) وهو اسم مستعار لباحث اقتصادي يقيم في حي القنوات بدمشق، غياب مصادر الطاقة “بالقشة التي قسمت ظهر ما بقي من الصناعة السورية.”

وذكر “الجباعي” أنه رغم التراجع الكبير بكميات الكهرباء المولدة (2700 ميغا واط) والتي لا تكفي نصف حاجة البلاد “لم تتوجه الحكومة لاعتماد الطاقات البديلة كمصدر للطاقة.”

واقتصرت مشاريع التوليد على عنفة ريحية في ريف حمص تولد 2.5 ميغا واط، وبعض المحطات البسيطة التي لا يصل مجموع توليدها مجتمعة إلى 100 ميغا واط، وفق قول “الجباعي”.

ورأى “الجباعي” أنه يجب انتهاز الفرصة لبدء دعم صناعة أجهزة توليد الطاقة النظيفة مستفيدين من توفر المواد الأولية لها، “وفي محاولة لتوطين صناعة ستكون دعامة للاقتصاد.”

إعداد: رغد العيسى– تحرير: سوزدار محمد