حلب – نورث برس
أكثر من مليونين ليرة سورية، دفعها حسام عطار ( 30عاماً) كأجر سنوي لمالك المنزل الذي استأجره في حي حلب الجديدة بمدينة حلب، شمالي سوريا، رغم الخدمات المتواضعة فيه.
“عطار” الذي أنهى ترتيبات زواجه، لم يجد خياراً أفضل سوى دفع هذا المبلغ لمنزل مؤلف من ثلاث غرف، “فأسعار شراء المنازل باتت أرقامها فلكية.”
وتشهد أحياء في حلب ارتفاعاً في إيجارات المنازل، تصل بعضها إلى ثلاثة أو أربعة ملايين سنوياً وتبلغ في أحياء أخرى ست أو سبع ملايين وذلك بحسب موقع الشقة وعدد الغرف والحي.
ودفع الشاب إضافة لإيجار المنزل، إيجار شهر إضافي (180 ألف ليرة) لصاحب المكتب العقاري ومبلغ 100 ألف ليرة كتأمين، إضافة لرسوم تسجيل العقد في البلدية 70 ألف ليرة.
وأرجع نادر تلجبيني (37عاماً) وهو صاحب مكتب عقاري في حي حلب الجديدة ارتفاع الإيجارات إلى إقبال النازحين من ريف حلب وسكان في الأحياء الشرقية وتفضيلهم السكن في الأحياء الغربية.
كما أن ارتفاع سعر العقار وأسعار مواد البناء وإقبال التجار وأصحاب رؤوس الأموال على شراء العقارات لاسيما الشقق السكنية، لعب “دوراً كبيراً” في ارتفاع الإيجارات، بحسب “تلجبيني”.
وتختلف أسعار العقارات في المدينة بحسب الموقع والمساحة، حيث تتراوح في حي الحمدانية بين 90 مليون ليرة و260 مليون، في حين يتجاوز سعرها في أحياء أخرى 400 مليون ليرة.
وبلغ سعر كيس الإسمنت الواحد عشرة آلاف ليرة، فيما وصل سعر الحديد إلى مليونين ونصف المليون ليرة للطن الواحد.
“على حساب المستأجر”
ويرغب العديد من المستأجرين السكن في الأحياء الغربية التي تتوفر فيها الخدمات “بشكل محدود” خاصة المياه والكهرباء، على السكن في الأحياء الشرقية التي ما زالت تعاني من عدم توفر الكهرباء وانقطاع مستمر للمياه رغم انقضاء العام الرابع على سيطرة القوات الحكومية عليها.
وفي شباط/فبراير عام 2017، دخلت القوات الحكومية أحياء حلب الشرقية، ولم يغير ذلك إلى اليوم من شيء في الواقع الخدمي في تلك المناطق، بحسب سكان محليين.
وقال صاحب المكتب العقاري، إن مالكي الشقق السكنية لا يقبلون التأجير بأسعار لا تناسب سعر المنزل، “كما أن زيادة الطلب تدفع المالك لاختيار السعر الأعلى على مبدأ المزايدة بين من يطلبون المنزل.”
ويشتري التاجر “الشقق السكنية بغرض التجارة وتحقيق أرباح كبيرة وتدوير رأس ماله، فلا يقبل أن يأجره لفترات زمنية تتخطى الشهر والشهرين أو العام والعامين لقاء مبالغ لا تناسبه.”
وذكر “تلجبيني” أن أحد تجار حلب اشترى أكثر من 150 منزلاً في حلب الجديدة و 100منزل في الحمدانية و70 منزلاً بحي سيف الدولة “وأعداد غير معلومة في باقي الأحياء.”
كما أن هناك عشرات التجار وربما المئات يشترون الشقق بغرض التجارة وتحقيق الأرباح وليس بهدف الإسكان، “وكلها على حساب المستأجر”، على حد قول “تلجبيني”.
مشاريع إسكان حقيقية
وقال محمد الريحاوي (41 عاماً) وهو محامٍ يقيم في حي حلب الجديدة إنه “لو تم تأهيل الخدمات في بعض الأحياء في حلب الشرقية سيتم تخفيف الضغط عن أحياء حلب الغربية وكذلك الأمر بالنسبة لأرياف حلب.”
وأشار إلى أن عدد الأبنية الصالحة للسكن لا تتناسب مع الأعداد المتزايدة للسكان وأغلبيتهم نازحون قدموا إلى حلب بسبب الحرب، والأمر ذاته شدد عليه أصحاب مكاتب عقارية، “عدد الشقق المتاحة للإيجار والرهن قليلة جداً.”
ورأى المحامي، أن حلب تحتاج إلى “مشاريع إسكان حقيقية وليس صيانة طريق أو ترميم سوق، فالحكومة حتى هذه اللحظة لم توفر أبسط مستلزمات الحياة في الكثير من الأحياء الحلبية الشرقية.”
ولم تثمر مطالبات السكان للحكومة بإيصال التيار الكهربائي لحلب، سوى بوضع 140 محولة من أصل 400، قررتها الحكومة في كانون الأول/ ديسمبر عام 2020، أثناء زيارة وزير الكهرباء غسان الزامل لمدينة حلب.
واتهم “الريحاوي” الحكومة وأجهزتها الأمنية بأنها “تغض الطرف وتتجاهل المشكلة مع أنها باتت أزمة اجتماعية خطيرة قد تعزز الصراع الطبقي في المجتمع.”