حلب ـ نورث برس
تتكبد ريم شهود (23 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة في كلية التربية في جامعة حلب، مشاق جمة في سبيل الوصول إلى كليتها في حلب لتقديم امتحاناتها.
وتقضي الفتاة أكثر من أربع ساعات في الحافلة المتجهة من سلمية في ريف حماة الشرقي إلى مدينة حلب، لعدم تمكنها من الحصول على سرير في إحدى غرف السكن الجامعي.
و”شهود” حالياً في السنة الثانية، إذ استأجرت في السنة الأولى منزلاً في حي الميدان رفقة بعض صديقاتها، “لكن مع ارتفاع الإيجارات وعدم قدرتنا على تغطية نفقات السكن والدراسة تركنا ذلك المنزل.”
وتتغيب الطالبة عن المحاضرات، لكنها في أيام الامتحانات تضطر للسفر لتقديم المواد وتحمل عناء السفر.
“كل هذه المعاناة وهذه المصاريف كانت لتُحل لو تمكنت هي والعديد من الطلاب والطالبات من الحصول على غرفة في السكن الجامعي بمدينة حلب”، تقول “شهود”.
لكن ذلك يعتبر “من سابع المستحيلات”، بحسب أحد المسؤولين في اتحاد الطلبة فرع حلب.
ويقول: “الأولوية في السكن هم لطلبة المواد العلمية كالطب والهندسة وغيرها لأنهم يحتاجون لدوام وحضور يومي.”
وأما طلبة الفروع الأدبية والحقوق والتربية، على حد ما وصفه مسؤول اتحاد الطلبة، “فلا تحتاج تلك الفروع لحضورٍ دائم.”
ولكن المشكلة الأكبر هي أن الوحدات السكنية الجامعية يوجد فيها عشرات الغرف المغلقة بحجة الصيانة “لا تعطى مفاتيحها إلا لأصحاب النفوذ وأهل الحظوة.”
سكنٌ حسب الواسطة
ويقطع عبد الرحيم المحيمد (22 عاماً) طالب في كلية الحقوق من بلدة المهدوم في ريف حلب الشرقي، مسافة 60 كيلو متر من بلدته إلى كراج هنانو شرق حلب، “احتاج يومياً لمبلغ 5000 ليرة سورية.”
كما يحتاج “المحيمد” وهو طالب في السنة الأولى، إلى قطع مسافة تتجاوز الثلاث ساعات ليصل للمحاضرات التي يجب أن يحضرها باكراً، لغياب المواصلات عن بلدته مساءاً.
ولم يتمكن من الحصول على مكان بالسكن الجامعي رغم المحاولات الكثيرة، وتقديمه لعشرات الطلبات لاتحاد الطلبة ورئاسة الجامعة.
وحتى محاولاته مع مشرفي الوحدات السكنية باءت بالفشل، “السكن فقط لأصحاب الواسطات الكبيرة والمقربون من أصحاب النفوذ.”
ويقول: “الشرط الأول للسكن في الجامعة هو أن تكون مقرب من أحد أعضاء اتحاد الطلبة أو تكون ممن لديهم واسطات كبيرة ومؤثرة.”
“ادفع لتسكن”
لا يقتصر الحصول على السكن على الواسطات المؤثرة والعلاقات والمحسوبيات، وإنما هناك إمكانية للحصول على غرفة من خلال السمسرة ودفع مبالغ معينة لمشرفي الوحدات السكنية.
يقول قصي محي الدين (24 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في كلية العلوم في جامعة حلب، “هناك عدد من الطلبة والطالبات معروفات في السكن الجامعي بقربهم وعلاقتهم الجيدة مع أعضاء اتحاد الطلبة أو مشرفي الوحدات.”
ويضيف “محي الدين” وهو من بلدة نبل في ريف حلب الشمالي وساكن في المدينة الجامعية: “هؤلاء بإمكانهم تأمين سكن لمن يريد ولكن بعد أن تدفع مبالغ مالية.”
وتذهب هذه المبالغ، على حد وصف الطلبة، “إلى جيوب اتحاد الطلبة أو لمشرفي الوحدات السكنية.”
وعادةً طلبة الاتحاد هم من يوزعون السكن على طلبة الجامعة، والمبالغ تدفع بحسب توفر الغرفة وموقعها وأحياناً تدفع للحصول على سرير في غرفة، بحسب طلبة في السكن الجامعي.
والغرف الجامعية بمساحتها الصغير جداً، مخصصة عادةً لأربعة طلبة، أحياناً يتم وضع ستة طلبة، وهذا بقرار من مشرفي الوحدات السكنية.
ويشير “محي الدين” إلى أن “مشرفي الوحدات السكنية وطلاب الاتحاد يتقاضون مبلغ 50 ألف ليرة لتسيير الأوضاع لكن شريطة الدفع ببداية الفصل الدراسي من كل عام.”
ويجمع طلبة مبالغ ويتفقون فيما بينهم للحصول على غرفة، وقد تصل المبالغ التي يدفعونها إلى ٢٠٠ ألف ليرة أو أكثر للغرفة الواحدة.
وتذهب تلك المبالغ للطلاب “السماسمرة”، الذين يوصلونها بدورهم لمن يأمن غرفاً أو أسرة جامعية “بعد أن يحصلوا على نصيبهم من الأموال”، بحسب “محي الدين”.
خدمات متدنية
وبالإضافة لصعوبات تأمين السكن الجامعي، فالمرافق العامة داخل الوحدات السكنية (الحمامات والمغاسل)، تعاني من إهمال شديد وبحاجة للصيانة.
وقال علي حنيف الزين (23 عاماً) وهو طالب في كلية هندسة العمارة من ريف إدلب يقيم في السكن الجامعي في حلب، إنه “لا وجود لبرنامج تنظيف والمستخدمون المسؤولون عن أعمال الصيانة والنظافة لا يتواجدون كثيراً.”
ويضيف “الزين”: “صحيح أن السكن الجامعي يعاني من نقص كبير بالخدمات ومرافقة غير مؤهلة، لكن بالنسبة لنا كطلبة من الأرياف ومن باقي المحافظات، يبقى أفضل من دفع إيجارات المنازل في حلب.”