الذخائر غير المنفجرة تهدد حياة سكان شمال غربي سوريا

إدلب – نورث برس

كاد سمير مهدي ( 35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح يسكن مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، شمال غربي سوريا ،أن يفقد حياته بعد إصابته بجروح بليغة إثر انفجار لغم أرضي بالقرب منه أثناء عمله في أرضه الزراعية.

ولم يكن المزارع غافلاً عن خطورة عمله في أرضه الواقعة في بلدة البارة جنوبي إدلب، ولكنه فضل الذهاب لزراعتها تحت الخطر على أن يمد يد العوز لأحد.

ويعتمد على ما تجود به أرضه القريبة من خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة من مواسم في تأمين لقمة عيشه.

وتنتشر في أرياف إدلب آلاف الذخائر الحية نتيجة العمليات العسكرية، أبرزها القنابل العنقودية والألغام والذخائر والصواريخ غير المنفجرة، حيث باتت هذه الذخائر تشكل خطراً كبيراً على حياة السكان في أماكن ذات كثافة سكانية عالية.

“إصابات دائمة”

يستذكر “مهدي”  لحظات إصابته فيقول، إن كل ما يذكره أنه كان يعمل برفقة أخيه على حراثة أرضه بجراره الزراعي قبل أن ينفجر لغم، ما أدى لإصابات جسيمة في جسده، والتي أدت لاحقاً لبتر قدمه اليمنى.

“سأعيش مع إعاقة دائمة سترافقني طيلة حياتي.”

ومنذ مطلع العام الحالي وحتى آذار/ مارس الماضي، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 101مدني، بينهم 20 امرأة و34 طفلاً، نتيجة انفجار ألغام من مخلفات الحرب في مناطق سورية متفرقة.

والأسبوع الماضي، قتل مدني إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات قصف سابق بقرية كفرعويد جنوب إدلب المدينة، سبقه مقتل ثلاثة أطفال في مدينة إدلب إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات قصف حكومي سابق أثناء لعبهم في حديقة منزلهم.

 وإلى جانب إصابته، فقد مصطفى تناري (27 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب، صديقه حينما انفجرت قنبلة عنقودية أثناء قطافهما لثمار الفطر في إحدى السفوح الجبلية بمنطقة الشيخ بحر بريف إدلب الشمالي.

وأدت إصابة “تنازي” إلى شلل نصفي أقعده عن الحركة.

يقول النازح إن صديقه أمسك بالقنبلة قبل أن تنفجر، وإنهما لم يكونا يأخذان خطورة لمس هذه القنابل على محمل الجد.

ويضيف بحزن: “أعيش اليوم مع إعاقةٍ سترافقني حتى الموت، حيث بت أعاني من أدق حركاتي، نجوت من القصف والطائرات، ولكنني لم أنجُ من مخلفاتها.”

يحاول الشاب الآن تحذير كل من يعرفهم من الاقتراب من أي أجسام غريبة تصادفهم وتجنبها، “هي أخطر من القصف المباشر لقربها وما تحققه من إصابات مؤكدة.”

نقص التوعية

رغم ذلك يبدو “تنازي” أفضل حظاً من الطفل سليم قدور (عشرة أعوام)، وهو من سكان مدينة إدلب، حين قضى في ورشة خردوات أثناء عمله على استخراج مادة النحاس من إحدى الذخائر.

وقال مصطفى صبحي، وهو صاحب الورشة، إنه كان يحصل على مخلفات الذخائر بعد تأمينها من عناصر مجموعات عسكرية كانوا يخبرونه بأنه يجري التأكد من سلامتها أولاً.

ليعلم بعدها أن تلك القطعة لم تكن مؤمنة ودفع الطفل حياته ثمناً لذلك.

لكن “صبحي” ما يزال يعلل عمله “بالفقر والعوز.”

وتنتشر مخلفات قنابل وصواريخ في العديد من القرى والبلدات التي تعرضت لقصف سابق أبرزها مدينتا إدلب وأريحا، بالإضافة للأرياف المحاذية لمحاور التماس كبلدات البارة والفطيرة وسفوهن وغيرها.

وقال رواد منصور، وهو اسم مستعار لعنصر في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في مدينة سرمدا، إنهم سجلوا خلال العام الماضي أكثر من 240 منطقة ملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة في محافظة إدلب.

ويستقبل مركز الدفاع المدني عادة أكثر من 15 بلاغاً يومياً من السكان عن وجود ذخائر غير منفجرة.

وتشمل تلك المخلفات الخطرة، الأجسام المنفجرة أو غير المنفجرة والتي تكون مهملة بعد انتهاء العمليات العسكرية، كقذائف المدفعية والذخائر الصغيرة والقنابل اليدوية وغيرها.

ويعيد “منصور” سبب حوادث انفجار مخلفات الحرب إلى “الاستهتار وقلة الوعي” لدى الكثير من السكان.

ويعتقد أن الحل عن طريق زيادة الحملات التوعوية وتوزيع بروشورات تنبه السكان من مخاطر مخلفات الحرب.

إعداد: سمير عوض – تحرير: حكيم أحمد