ترميم منتزهات في دمشق.. بين أضرار العمليات العسكرية وضعف الخدمات الحكومية

دمشق ـ نورث برس

عاود أحمد رفعة (59 عاماً) افتتاح منتزهه بالقرب من الغوطة الشرقية عام 2019، بعد أن انتهى من ترميمه وتحسينه قدر الإمكان، بعد العمليات العسكرية التي دارت في الغوطة الشرقية وانتهت منتصف 2018.

ويعتقد “رفعة” وهو من سكان الغوطة الشرقية، أنه “خلال سنوات إذا تحسن العمل، قد أستطيع إعادته لسالف عهده.”

وعاد الرجل إلى منتزهه مع نهاية الأعمال العسكرية في الغوطة الشرقية منتصف عام 2018، ليجده في حالة يرثى لها جراء الأضرار التي لحقت به من العمليات العسكرية التي دارت في المنطقة.

وبغصة كبيرة يصف “رفعة” الحال الذي آل إليه المنتزه الذي يقع بين مدينة جرمانا وبلدة المليحة، كانت “الأشجار مقطوعة، الغرف مدمرة، والأدوات مسروقة.”

ومنذ منتصف العام 2012 وسيطرة فصائل المعارضة على بلدة المليحة، دخلت القوات الحكومة للمنتزه وحولته لقاعدة عسكرية للانتشار، بحسب “رفعة”.

ولجأ عناصر الحكومة “لقطع بعض الأشجار للتدفئة وتعفيش أغراض المنتزه وبيعها، فيما قامت فصائل معارضة بقصفه باستمرار لأنه أمسى قاعدة للقوات الحكومية.”

“بعد الحرب”

أدت الحرب والعمليات العسكرية التي لم تنتهِ قبل العام 2018، في الغوطة الشرقية إلى خروج معظم المنتزهات عن الخدمة، خاصة وأن أغلب هذه المنتزهات يقع على أطراف بلدات الريف وحدود الغوطتين الشرقية والغربية.

وإلى جانب أضرار العمليات العسكرية شكل ضعف الخدمات التي تقدمها الحكومة صعوبةً إضافية لعودة العمل إلى سابق عهده.

وبرزت مشكلة تأمين الكهرباء اللازمة لعمل الألعاب والمازوت للمولدة والغاز للمطبخ.

وقال كمال النابلسي وهو رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم والمقاهي والمنتزهات لموقع “الاقتصادي”، إن “1500 مطعم في دمشق فقط يحتاجون إلى 2500 أسطوانة غاز صناعي فيما يتم تزويدهم حالياً بـ300 أسطوانة لا أكثر وأحياناً أقل.”

ورفعت شركة المحروقات سعر أسطوانة الغاز الصناعي وزن 16 كغ إلى 9200 بعد أن كانت بـ6000 ليرة سورية.

وقرر سليم رزق (36 عاماً) وهو اسم مستعار لمستثمر جديد لأحد منتزهات بلدة صحنايا جنوب دمشق، مع توقف العمليات العسكرية، استثمار أحد المنتزهات القريبة من بلدة صحنايا مستفيداً من تخوف السكان من التوجه للغوطة.

وقال: “بقي السكان متخوفين من التحرك تجاه الغوطة، وبقيت أجزاء كثيرة منها مغلقة على الحركة العامة ومقتصرة على سكان المنطقة، ما تركهم أمام خيار المنتزهات القريبة فقط.”

وذكر “رزق” أن غياب الكهرباء وغلاء سعر المازوت وفقدانه من السوق النظامية دفعاه للتخلي عن إحضار ألعاب كهربائية لن يستطيع الزبائن استخدامها.

ويضطر الرجل إلى تأمين الغاز من السوق السوداء و”يدفع ثمن الأسطوانة ما لا يقل عن 70 ألف ليرة، وهو ما أدى لرفع أجور المنتزه على الزبائن مقارنة بأسعار العام الماضي.”

وتجنباً لخسارة الزبائن سمح “رزق” لزوار المنتزه بإحضار ما يلزمهم من منازلهم واستخدام الغازات السفرية، ليقتصر عمله في بعض الأحيان على تأمين الكراسي والطاولات وباقي المرافق.

“بديل للمطاعم”

ومع تدهور الوضع الاقتصادي لمعظم سكان العاصمة، وتراجع القدرة على زيارة المطاعم تحول اتجاه الترفيه عند السكان إلى المنتزهات الصيفية.

ولا تملك لمى الخطيب (35 عاماً) وهي مدرسة في إحدى مدارس دمشق، خياراً آخر غير المنتزهات للذهاب إليها، إذ لا تستطيع تحمل كلفة المطاعم، ناهيك عن أن الحدائق العامة غير مخدمه.

وذكرت “الخطيب” التي تقيم في حي باب شرقي، ولها 3 أطفال، أنها تزور المنتزهات القريب مع أطفالها وبعض الجيران مرة أسبوعياً بعد انتهاء العام الدراسي، وبدء فصل الصيف.

وتعمد “الخطيب” مع باقي نساء الحي لتحضير بعض الأطعمة الخفيفة وتأمين مستلزماتهم من الخارج تجنباً لأسعار المواد في المنتزه السياحية، كما تصفها.

وأشارت إلى أن سعر المواد يرتفع من 200 ليرة سورية إلى 1500 ليرة حسب المادة، فيما يعتبر حمل الغاز السفري لتسخين المياه أساسياً تجنباً لدفع أجرة التسخين لكل أبريق ماء.

وتكتفي السيدة وباقي صديقاتها، “بدفع أجرة الكراسي والطاولات، وبعض الأساسيات التي توضع على الطاولة مثل علبة المحارم وعبوة المياه، والقليل من البخشيش للأطفال الذين يعملون في المنتزه.”

إعداد: رغد العيسى ـ تحرير: محمد القاضي