حملة الأسد الانتخابية.. بين تحشيد الطلاب والموظفين والترويج الإعلامي
دمشق – نورث برس
تحججت سهيلة الأسعد (23 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق، بالمرض حتى يتسنى لها الذهاب إلى المنزل بعد أن ألزمت شعبة حزب البعث في الكلية الطلاب المداومين بالتحضر للخروج بمسيرة مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد.
وعبرت الأسعد ، لنورث برس، عن استيائها من طريقة “سوق الطلاب إلى المسيرات بالإكراه دون أي اعتبار لآرائهم السياسية.”
وقالت: “مللنا من معاملتنا كالقطيع.. نحن طلاب لدينا آراء مختلفة حول الوضع في سوريا وحول التطبيل للأسد من عدمه. عليهم أن يدركوا أننا لا نريد اختياره أو اختيار أحد غيره.”
وأمس الاثنين، دخلت الحملة الانتخابية مرحلة الصمت الانتخابي في ظل استمرار المسيرات الموالية للأسد في شوارع دمشق.
وغداً الأربعاء، الموافق للسادس والعشرين من أيار/ مايو الجاري، تبدأ الانتخابات الرئاسية السورية، وسط عدم مشاركةٍ ورفضٍ لها من قبل المعارضة السورية.
وأمس الاثنين، أعلن مجلس سوريا الديمقراطية عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية في سوريا, بعد دعوة من دمشق للسماح بإجرائها في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
تحشيد طلابي
وحذّرت شعبة حزب البعث في كليات ومعاهد جامعة دمشق الطلاب ما لم يشاركوا في المسيرات التي ينظمها الاتحاد الوطني للطبة وفرق الحزب في الكليات.
وخلال الأيام الفائتة، نظم حزب البعث واتحاد الطلبة مسيرات مؤيدة للأسد في مختلف كليات جامعة دمشق بالإضافة إلى فعاليات واحتفالات داخل السكن الجامعي لدفع الطلاب للتصويت في الانتخابات الرئاسية المزمع إجرائها يوم غدٍ الأربعاء.
واتهم طلاب الحكومة بزج الموظفين والطلاب والعمال في المسيرات بطريقة “الإكراه”، في ظل تهديدهم بفصلهم من وظائفهم أو الفصل من الجامعة.
وخلال الأسبوع الماضي، امتنع عدد كبير من الطلاب عن الالتحاق بمحاضراتهم خشية إجبارهم على الخروج في مسيرات موالية للأسد.
وفضّل عصام الكيالي (24 عاماً)، وهو طالب في كلية الآداب بجامعة دمشق، عدم الدوام في الجامعة خلال الأسبوع الماضي.
وقال، لنورث برس: “أغلب الطلاب الذين داوموا في الكلية تم الطلب منهم الذهاب لتلك المسيرات المؤيدة.”
واعتبر الكيالي أن استغلال الحرم الجامعي للأغراض الانتخابية “جريمة بحق العلم والتعليم.”
وحتى قبل بدء الحملة الانتخابية كان المدرسون في الكلية يروّجون للأسد داخل القاعات والمدرجات ويتحدثون عن “انتصاراته الوهمية” وكأن الجامعة ميدان للحملة الانتخابية، بحسب “الكيالي.”
ترويج إعلامي
لم تتوقف الحملة الانتخابية للرئيس السوري الحالي، فقط عبر إجبار الموظفين والطلاب للترويج له، بل قامت وسائل الإعلام الموالية ببث شائعات عن انفراج سياسي وانفتاح خليجي مرتقب وعودة الاستثمارات لمناطق سيطرة الحكومة السورية.
واتخذ الأسد عبارة” الأمل بالعمل” شعاراً لحملته في الانتخابات الرئاسية التي تواجه رفض المجتمع الدولي.
ويقول طلاب في دمشق إن حملة الأسد الانتخابية ارتكزت على محورين، “أولهما: إلزام الطلاب والموظفين والعمال المرتبطين بدوائر الدولة للخروج في مسيرات مؤيدة له للإيهام بأنه يملك شعبية كبيرة، والثاني: الترويج عبر إعلامه عن انفراجات قريبة للوضع الاقتصادي.”
ويتنافس الأسد في الانتخابات مع مرشحين لا يملكان نفوذاً وشعبية داخل سوريا، “ما يفتح الباب للتشكيك بنزاهة الانتخابات”، بحسب متابعين.
وقال سمير العيسى (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لصحفي مقيم في دمشق، لنورث برس، إن القنوات والصفحات الموالية للأسد قامت منذ بدء الحملة الانتخابية ببث الشائعات عن اتصالات خليجية مع الحكومة السورية لعودة سفاراتها والبدء بالاستثمار فيها.
وينجر البسطاء خلف تلك الشائعات، رغم أنها فارغة المضمون، في ظل العقوبات وعجز الحكومة حتى عن تأمين الخبز للسكان في مناطق سيطرته، بحسب ما قاله الصحفي.
وتوقع “العيسى” أن تشهد الانتخابات الحالية أدنى إقبال شهدته سوريا منذ استلام الأسد الابن سدة الحكم، بسبب الأوضع الاقتصادية المزرية التي يعيشها السكان في مناطق سيطرة الحكومة وعدم ثقتهم بقيادته في ظل غياب أي أفق للحل السياسي.
وأضاف: “الأسد لا يملك أي مشروع سياسي أو اقتصادي لإعادة الحياة للوضع السوري؛ لذلك يعتمد في حملته الانتخابية على التلاعب بعقول البسطاء عبر تمرير شائعات وأخبار عن عودة العلاقات مع دول إقليمية وعربية وأجنبية.”