لا خدمات وركام وأنقاض.. حال أحياء حلب القديمة

حلب – نورث برس

بعد مرور أكثر من تسع سنوات على خروجه من منزله الكائن في حي جب القبة بمدينة حلب شمالي سوريا، لا يزال علي الخرقي (30عاماً) ينتظر العودة إلى منزله، بالرغم من انتهاء المعارك القتالية في المدينة.

ومطلع عام 2012، غادر “الخرقي” منزله تحت وطأة المعارك بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة.

ومع انسحاب فصائل المعارضة من الحي وباقي الأحياء في حلب القديمة أواخر 2016، لم يتح  للشاب وعائلته ترك منزلهم المستأجر في حي الحمدانية والعودة إلى جب القبة، لانعدام الخدمات والدمار الكبير الذي أصاب منزلهم والمناطق المحيطة به.

وفي 2012 سيطرت فصائل المعارضة المسلحة على الأحياء الشرقية من حلب، فيما بقيت الأحياء الغربية منها تحت السيطرة الحكومية التي شنت في 2015 وبغطاء جوي من روسيا هجمات عدة على مناطق سيطرة الفصائل في حلب.

وتمكنت القوات الحكومية حينها من فرض حصار على تلك الأحياء، حيث تم إجلاء عشرات الآلاف من مناطق شرق حلب، في إطار اتفاق روسي ـ تركي ـ إيراني شمل أيضاً إجلاء الجرحى من بلدتي الفوعة وكفريا.

دمار يغطي المكان

وقال سكان  نزحوا من تلك الأحياء إن نقص الخدمات والدمار في معظم المباني السكنية، يَحولُ دون عودتهم إلى منازلهم، “فالأبنية والخانات والمحال التجارية مدمرة بشكل شبه كامل والركام والأنقاض منتشرة في كل مكان.”

وفي معظم أحياء حلب القديمة لا زالت مشاهد الدمار تطغى على المكان، فأحياء تراثية وأثرية كـ”باب الحديد والأصيلة وباب المقام وبنقوسا” وغيرها من حارات حلب القديمة التي تلتف حول قلعتها التاريخية لا يزال الركام وبقايا الأبنية المدمرة تملء شوارعها وأزقتها الضيقة.

وكان لمدينة حلب النصيب الأكبر من الدمار في الحرب السورية، وفق أطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR)  في آذار/ مارس 2019.

وقال “الخرقي” إن الحكومة ورغم مرور أكثر من أربعة أعوام على خروج الفصائل، “لم تقم بأي إصلاحات أو إجراءات في البنى التحتية بالحي، كما أنها لم تخدم المنطقة بالخدمات الأساسية كالكهرباء.”

وقبيل الحرب في سوريا كانت منظمة اليونيسكو قد أدرجت أحياء حلب القديمة على لوائح التراث العالمي.

وقال عماد الدين حوراني (54عاماً) وهو من سكان حي الأصيلة جنوب قلعة حلب، إن الحكومة لم تقم بترحيل الأنقاض “بحجة أهميتها في عمليات الترميم.”

وقال أيضاً: “وهي لا تسمح لأصحاب المنازل المدمرة بإعادة بنائها بحجة أنها أبنية تراثية تحتاج لأياد خبيرة تعيدها كما كانت.”

وطالب “حوراني” الحكومة بتسريع عمليات الترميم وإعادة الخدمات لحلب القديمة.

منازل لم ترمم

لكن عبد الناصر حموي (51عاماً) وهو من سكان  حي باب الحديد في حلب القديمة، قال إن الحكومة قامت بعمليات ترميم “لكن لم تشمل المنازل والبيوت السكنية وإنما بعض الأسواق والأماكن السياحية والأثرية.”

وفي منتصف العام الفائت أنهت الحكومة ترميم سوق السقطية، كما أنهت ترميم سوق الزهرواي بشكل كامل مطلع العام الحالي.

وشملت عمليات الترميم، تأهيل وترميم الجامع الأموي في حلب وتأهيل منشآت سياحية أيضاً شرق قلعة حلب كحمام باب الأحمر “لكن لم يتم ترميم أي منزل أو مسكن في حلب القديمة”، بحسب “حموي”.

وأضاف “حموي” أن الخدمات لم تصل مطلقاً إلى الأحياء القديمة ولا حتى تلك التي تشهد نشاطا سكانياً ولم تدمر منازلها وبنيتها التحتية كحي قرلق وباب النيرب التي تعاني من غياب الكهرباء الحكومية.

“الحكومة تريد فقط إظهار الوجه السياحي لحلب القديمة على حساب السكان الذين لايزال معظمهم خارج حلب القديمة بانتظار عمليات التأهيل والترميم الحكومية التي لم تبدأ بعد.”

وقدر دياب العموري (50عاماً) وهو من سكان حي الأصيلة في حلب القديمة نسبة الذين عادوا إلى الأحياء القديمة بأنها لا تتعدى 10٪ من مجموع السكان الذين كانوا مقيمين فيها قبل الحرب.

وأشار إلى أن عودة السكان ونشاط الحركة التجارية يحتاج لجهود حكومية تعيد على الأقل الخدمات الأساسية من كهرباء وصيانة طرق وإزالة أنقاض وغيرها.

إعداد: نجم الصالح – تحرير: سوزدار محمد