بسبب غلاء أسعارها.. سكان في دمشق يقننون في كمية شراء الفواكه للحبة
دمشق – نورث برس
تقول كريمة عز الدين (٣٦ عاماً)، إحدى سكان مدينة دمشق، إنها وبعد أيام من إلحاح طفليها، تمكنت من شراء حبتي موز، من المبلغ الذي كانت حصلت عليه كعيدية من إحدى زبائن صالون التجميل الذي تعمل لديه.
وقالت “عز الدين” التي تعمل كمصففة شعر نسائية في حي المزة، لنورث برس، إن الفاكهة لم تدخل منزلهم هذه السنة، بعد أن كانت من أساسيات المائدة لديهم.
وأضافت أنها تتقاضى عن عملها ما يزيد على ١٠٠ ألف ليرة سورية، ويتقاضى زوجي راتباً مشابهاً، ورغم ذلك فإن مدخولهما لا يكفي لسدِّ كل احتياجات عائلتهما الصغيرة.
واستقبل غالبية السوريون موسم الفواكه لهذا العام، وسط ظروف معيشية واقتصادية قد تعتبر الأسوأ منذ بداية الحرب، لا سيما مع انهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل كبير.
ومع قدوم فصل الصيف، تغزو أنواع الفواكه الصيفية أسواق دمشق الشعبية، ولكن رغم وفرتها أحجم أغلب المواطنين عن شراءها لارتفاع أسعارها لتصبح من قائمة الكماليات.
شراء الفواكه بالحبة
تلجأ مها الجاني (٤٠ عاماً)، وهو اسم مستعار لموظفة في مؤسسة المياه في الحكومة السورية، إلى شراء الفاكهة الصيفية بالحبة بسبب غلاء أسعارها “غير المبرر”، على حد وصفها.
ويباع الجانرك بأكثر من ٨٠٠٠ ليرة فيما الأكدنيا والفريز بـ٦٠٠٠ ليرة للكيلو غرام الواحد بحسب ” الجاني”.
وقالت إن راتبها كموظفة لا يتجاوز ٥٠ ألف ليرة، وهو لا يكفي حتى لسد احتياجات عائلتها اليومية، لذلك تعتمد إلى شراء بضع حبات ليكون وزنها دون الكيلو، فقط لتتمكن من أن تذيق أطفالها طعم الفواكه الصيفية، على حد تعبيرها.
وأضافت: “هذا الموسم كان مختلفاً كلياً عن المواسم التي عايشناها في السنوات السابقة، فالفواكه الصيفية أصبحت في ظل هذا الغلاء للفرجة في المحلات فقط.”
وأشارت إلى حالة فوضى الأسعار التي تشهدها الأسواق والناتجة عن استحكام الباعة والتجار لها، فكل بائع يضع التسعيرة التي تناسبه دون وجود أي نوع من الرقابة.
ركود وفوضى الأسعار
ورغم تحسن سعر صرف الليرة الطفيف خلال الفترة الماضية، لم يطرأ أي تغير في لائحة أسعار المواد الأساسية.
وشهدت أسواق مدينة دمشق ركوداً ملحوظاً في حركة الشراء على خلاف السنوات السابقة، نتيجة الارتفاع الشديد للأسعار وتدهور القدرة الشرائية لدى غالبية المواطنين.
وقال توفيق ديوب (٥٨ عاماً)، وهو صاحب إحدى بسطات الخضار والفواكه في منطقة ضاحية حرستا السكنية، لنورث برس، بالمقارنة مع الصيف الماضي فالحركة الشرائية شبه معدومة.
وأضاف، أنه على غير العادة لم تأت السيدات لطلب كميات من الفريز وغيره من فواكه الموسم لتحضير العصائر أو لإعداد مؤونة الشتاء من المربى، “فقط يسألنني في آخر النهار عن الكميات التي زادت وأن كنت أبيعها بسعر أقل.”
ولجأ “ديوب” لتقليل كمية الفواكه التي جلبها من سوق الهال، وذلك “تخوفاً من كسادها والخسارة، حيث بقيت الدفعة الأولى مصمدةً على الرف يتفرج عليها المارة ولا يستطيعون شرائها.”
ومع كل تباين في الأسعار تحاول كل جهة تحميل مسؤولية الفوضى الحاصلة في الأسواق للجهة الأخرى، وخاصة عندما يكون الارتفاع كبيراً.
ويرى “ديوب” أن فتح باب التصدير إلى الخارج ورفع أجور الشحن والنقل بسبب غلاء المازوت وفقدانه سبب رئيسي لغلاء المواد.
ومن جهته حمل حسام رضوان (٣٢ عاماً)، وهو مزارع في غوطة دمشق، تجار سوق الهال والوسطاء مسؤولية هذا الغلاء، حيث يعود سبب ارتفاع الأسعار إلى عدم تقيدهم بهامش الربح معقول.
وذكر “رضوان” أن الفواكه الموسمية تباع لتجار سوق الهال بنصف قيمة ما يبيعها باعة المفرق، وأن غياب الإجراءات الحكومية الرادعة هو ما يسمح بهذه الدرجة من التدهور.
وأضاف “رضوان” أن شح الأمطار في الموسم السابق الذي أضر بمردود المحاصيل الزراعية، ساهم فعلاً في ارتفاع أسعار الفواكه، ولكن هذه الأسباب غير كافية لتبرير هذا الغلاء الفاحش الذي يتحمل مسؤوليته طمع التجار وجشعهم.