مزارعين بريف حماة يتخوفون من خسارة محاصيلهم نتيجة القصف
حماة – نورث برس
في محاولة ذاتية وبائسة، يجهز محمد الجمعة (46عاماً) جراره الزراعي ليشكل به عازلاً طبيعياً حول أرضه المزروعة بالقمح وحبة البركة من الجهات الأربعة، لمنع وصول الحرائق إلى المحصول في حال تعرض الحقل المجاور للاحتراق.
ويتخوف المزارع الذي ينحدر من قرى ناحية الزيارة في منطقة سهل الغاب غربي حماة وآخرون مثله، من تعرض محاصيلهم للاحتراق على غرار العامين الفائتين وتكبدهم خسائر قالوا إنها كانت “كبيرة”.
والعام الفائت، خسر “الجمعة” أكثر من 50 دونماً من القمح، التهمتها النيران بعد سقوط قذيفة مدفعية وسط الحقل، “لم أتمكن من إخمادها أو فعل أي شيء، القصف كان مكثفاً ولا يكاد يتوقف.”
وقدر المزارع خسارته بنحو عشرة آلاف دولار، “لم أستطع أن أحصد سنبلة واحدة من محصول انتظرته على مدار ستة أشهر لتسديد الديون التي تراكمت علي.”
وتعتبر منطقة سهل الغاب في أقصى الريف الشمالي الغربي من حماة، إحدى أهم المناطق الزراعية التي لا تزال تحت سيطرة عدة فصائل تابعة للمعارضة السورية، أبرزها جيش النصر التابع للجبهة الوطنية للتحرير المدعومة تركياً.
وتعد معظم الأراضي الزراعية في تلك المنطقة قريبة من مناطق سيطرة القوات الحكومية.
ومع اقتراب موسم الحصاد يأمل “الجمعة” أن يحصد محاصيله، “لكن تصعيد القصف المتواصل على المنطقة لا يبشر بالخير.”
قصف متكرر
والأحد الماضي، وبحسب ما ذكرت مصادر عسكرية في المعارضة، لنورث برس، فإن القوات الحكومية قصفت بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ تحصينات لفصائل معارضة على محاور بلدات زيزون والزيارة الواقعتين بمنطقة سهل الغاب، غير أنه طال أراض زراعية لـ”عشوائيته”.
وفي ذات اليوم، قصفت القوات الحكومية قرى العنكاوي والسرمانية والقاهرة وخربة الناقوس بسهل الغاب دون ورود أنباء تفيد بوقوع خسائر بشرية، بحسب المصادر.
وفي منتصف هذا الشهر، تبادلت القوات الحكومية وغرفة عمليات “الفتح المبين”، التي تضم هيئة تحرير الشام وجيش العزة إلى جانب الجبهة الوطنية للتحرير المنضوية ضمن الجيش الوطني القصف بمناطق عدة في خفض التصعيد.
والعام الحالي، تقلصت مساحة الأراضي المزروعة في سهل الغاب بعد تقدم القوات الحكومية ضمن قراه بداية العام الفائت.
وتقدر الأراضي المزروعة بحوالي 22 ألف دونم، بينها 14 ألف دونم مزروعة بمحصول القمح والشعير و8 آلف دونم مزروعة بحبة البركة والكمون والخضار، وفقاً للمجلس المحلي في بلدة قسطون شمال شرق سهل الغاب.
وعلى بعد كيلومتر واحد عن أحد حواجز القوات الحكومية المتمركزة في أطراف قرية خربة الناقوس غربي حماة، يجلس سليمان الحمد (39عاماً) على تلة صغيرة بجانب أرضه المزروعة بمحصول الشعير الذي اقترب موعد حصاده.
وعبر هو الآخر عن تخوفه من تعرض المحصول للقصف نتيجة قربه من الحاجز أو تعرض الحصّادة للاستهداف كما حصل العام الفائت.
“إذن الحصاد”
لكنه قال إنه يسعى هذا العام هو وأقاربه للتواصل مع الحاجز نفسه، ودفع مبالغ مالية مقابل السماح للحصادة بالدخول إلى المنطقة.
والعام الفائت تمكن أحد أقارب “الحمد” من عقد اتفاق مع عناصر الحاجز المقابل لأرضهِ، إذ قام بدفع مبلغ مالي وصل إلى 150 ألف ليرة سورية عن كل 20 دونماً حينها مقابل السماح له بحصاد محصوله، وفق لما ذكره “الحمد” لنورث برس.
وأضاف: “قسم كبير من أصحاب الحصادات باتوا لا يدخلون إلى أراضٍ قريبة من حواجز قوات النظام دون أن يتأكدوا من حصول صاحب الأرض على إذن الحصاد من تلك الحواجز.”
وقدر سامر نصار وهو مدير مركز الدفاع المدني في بلدة قسطون غربي حماة، نسبة الحرائق التي ضربت الأراضي الزراعية العام الماضي بأكثر من أربعة آلاف دونم من المحاصيل في كامل قرى وبلدات سهل الغاب نتيجة عمليات القصف.
وقبل أيام اجتمع المجلس المحلي في بلدة قسطون ومزارعين في المنطقة مع القوات التركية في نقطة قسطون حول موضوع القصف الحكومي وتأثيره على المحاصيل الزراعية، وفقاً لما أفاد به مهند نعسان الرئيس السابق للمجلس.
وطالب المزارعون القوات التركية بإيجاد حل، حيث قالت الأخيرة إنهم “سوف يسعون للتنسيق مع الجانب الروسي لتأمين عمل المزارعين في المنطقة ومنع تكرار مأساة الأعوام السابقة”، بحسب قول “نعسان”.
وقدر الرئيس السابق للمجلس احتراق أكثر من 700 دونم من محصولي القمح والشعير في البلدة العام الفائت، بسبب القصف.
وعن الحلول المتوفرة لتفادي ما حصل بالسنوات الفائتة، أشار “نعسان” إلى أنه “لا خيار سوى التنسيق مع الجانب الروسي من أجل هدنة مؤقتة حتى انتهاء موسم الحصاد.”