فنانة تشكيلية: الجسد الأنثوي البدين نوع من الاعتراض على مفهوم التشكيل الجمالي

القامشلي – نورث برس

قالت يارا عيسى وهي فنانة تشكيلية، الجمعة، إن السلطة الحاكمة في سوريا تمنع الفنانة من الإبداع وتحجم خياله وحرية تعبيره.

ويارا عيسى من مواليد حمص ١٩٨٩، خريجة كلية الفنون الجميلة بدمشق ٢٠١٦، تعيش في فرنسا الآن، بعد هجرتها عام 2018.

وعملت كناشطة في المجتمع المدني السوري لسنوات عديدة، وكتبت لموقع قناة الجزيرة القطرية أكثر من مادة رأي في الدراما والفن التشكيلي.

وقالت لنورث برس: “أرسم البورتريه، ولكن لا أختص به الحقيقة، إن المبالغة لدي تعتمد على  إبراز العنصر الذي أسميه (بمفتاح العمل) وهو في الغالب عنصر يدل على الهوية البصرية.”

وأضافت: “المشاهد يتمكن من ربط عناصر العمل الفني ليخرج بعد مشاهدته برؤيته الفنية الخاصة.”

وقالت فن البورتريه، إنه يعتمد في الدرجة الأولى على ملاحظة الاختلافات والتباينات التفصيلية للشخصية.

“لذلك أرى أن استخدام اللون في البورتريه أو عدم استخدامه هي تقنيات تتعلق  بالأسلوب الفني للرسام  والمدرسة الفنية التي يتبعها.”

وعن استخدام الألوان في البورترية، فيما يتعلق بشكل العمل وخطوطه، “أجد في الجسد البدين تحويرات رائعة وجمالية فنية عالية، والخطوط واضحة في الغالب والملامح الأنثوية الجريئة تتحدى من يشاهدها لتخلق حالة من الاستفزاز الإيجابي أو السلبي.”

وقامت الفنانة برسم الجسد الأنثوي البدين كنوع من الاعتراض على مفهوم التشكيل الجمالي الذي صنّعته شركات الأزياء والإعلانات وغيرها من المؤسسات الدعائية التي استطاعت مع الوقت ربط الجسد النحيل بالجمال الأنثوي وإقصاء كل ما هو نقيض.

ويختلف البعد التاريخي لمقاييس الجمال تماماً، “فأغلب الآلهة القديمة في شرقنا هي أنثى بجسد ممتلئ. في نظري الأنثى تبقى أنثى وشكلها مفتاح تميزها لا إقصاؤها.”

وعن الجسد الأنثوي المترهل، قالت: إن “اللوحات ذات المقاس الكبير تعطيني حرية أكبر في التعبير وتبرز شخوص العمل. لست من هواة المقاسات الصغيرة لأنها تقيدني، لربما هذا واحد من تأثيرات الحرب على عواطف الفنان وعمله.”

وشددت على أن “الحرب وما سبقها من ديكتاتورية السلطة الحاكمة تجعلك تشعر بشكل دائم بأنك لا تستطيع الحركة إلا بخطوط رُسمت لك مسبقاً، ومساحات تكفيك لممارسة أساسيات حياتك.”

وأضافت أن السلطة “تمنعك من الإبداع وتحجم خيالك وحرية تعبيرك التي هي شرط أساسي من وفي عمل الفنان تتلاشى مع الوقت ليتحول الفنان إلى مصوّر ينقل فقط ما يشاهده دون لمسته الفنية الإبداعية.”

وعن تقنية العمل على اللوحة، قالت:” بالنسبة لي يعتمد العمل الفنية على حالة تراكمية من الأشكال والذواكر والعواطف والتقنيات والحقيقة أن التكوين الفني للعمل هو من يصنع نفسه بناء  على ما سبق.”

واعتبرت أن يد الفنان تتحرك على العمل انطلاقاً من حالته النفسية ورؤيته الفنية الخاصة التي تجعله يتماهى مع عمله الفني، “فمرة يكون العمل ندّ الفنان ونقيضه فيرسم به ما لا يشبهه، ومرة أخرى يصبح مرآة لروح الفنان  تسمح له بالتعبير عن مكنوناته الداخلية.”

وعن لغة الجسد، قالت: “الجسد الإنساني هيكل الروح والعقل، له لغته الخاصة التي لا نستطيع أن نتجاهلها.. وهو يعبر عن نفسه دون الاعتماد على شكله او تحويراته الخارجية.”

وأضافت: “يعتمد على ما في داخله من العواطف وآليات التفكير، لذلك من الخطأ ارتهان الشكل وتتبيعه لمقاييس تم وضعها بناء على معايير عصرية.”

ويتم الترويج لهذه المعايير على أنها الأفضل مع التجاهل التام لاختلاف البشر وخصوصية أشكالهم وأعراقهم.

وقالت “عيسى” عن عملها على قطع الاكسسورات: “في بداية عام ٢٠١٢ قمت بالبدء بمشاريع التمكين الاقتصادي للنازحات عبر تعليمهم حرفة صنع الاكسسوارات والتحف الفنية البسيطة ليعود ريعها لهن ولمساعدة النازحين من مدينة حمص.”

وقالت إنه بعد مرور ٣ سنوات “قمنا بتشكيل فريق صغير لإدارة العمل والتنسيق واستطعنا إقامة ١١ معرضاً فنيا للنازحات، كان أبرزها في النمسا ولبنان والأردن وتركيا، لكن لم نستطع الإكمال بسبب التغيرات، للعمل تحت سقف الحرب.”

وبدأت فكرة عملها في المعرض عندما كانت تمتلك مشغلاً في حارة اليهود في دمشق، “وتلك الحارة لمن لا يعرفها كانت ذات أغلبية من الفلسطينيين السوريين.”

وبسبب النزوح من مخيم اليرموك امتلأت المنطقة بالأطفال النازحين مع عائلاتهم.

وقالت عن تدريس الأطفال إن هذا “دفعني لإقامة نشاطات فنية مجانية يوم الجمعة من كل أسبوع والتي لاقت استحسانا من العائلات وحماساً من الاطفال فعدى انها حصص تعليمية فنية.”

وعبر هذه الجلسات يفرغ الطفل طاقاته بعد حرمانه من اللعب والدراسة، ومساحة تعبيرية ينقل فيها احتقانه وتشوهاته الداخلية التي خلقها تأثير الحرب.

وتوقف العمل بعد سنتين بسبب “تكرر تدخل الأمن السوري والحجج الواهية بعدم وجود رخصة. وفي النهاية تم إجباري على وقف العمل.”

نصوص نثرية

ويأتي النص النثري مصادفة، عندما يملأ كأسك بالعواطف ولا تستطيع تجسيدها على شكل أعمال فنية بصرية، سيطف الكأس وتخرج منه بقصيدة او نص نثري يعبر عن نفسه، بحسب “عيسى”.

وقالت إن تكنيك الكتابة، لا يعتمد على تقنيات الرسم،  بل سيخلق من نفسه شكلا وصورة فنية أخرى تعبر عن الحالة الشعورية للكاتب أو الفنان وكأنه يرسم لكن بريشة من كلمات.

وتعتمد الفنانة في أدواتها التي تعتمدها لتشيل راي نقدي على عدة نقاط أهمها، ما هو العمل؟ ما هدفه؟ ما الإضافة الفنية التي حققها؟ أداء الممثلين والكوادر العاملة،  ومتابعة الجمهور ورأي النقاد.

وأشارت إلى أنه “في حال كانت المادة رأي نقدي شخصي فبالإضافة إلى ما سبق أكتب رؤيتي الخاصة عن العمل وما وجدت به من نقاط تستوجب الإضاءة.”

وعن رأيها في الموسم الدرامي الحالي، قالت: “الحقيقة لم أتابع الكثير من الأعمال، لكن قمت بمساعدة مسلسل قيد مجهول من بطولة عبد المنعم عمايري وباسل خياط وغيرهم. ومن وجهة نظري يحتوي هذا العمل على الكثير من الإبداع.”

وقالت “عيسى” إن “السيناريو مطروق ومتوقع إلا أن أداء الممثلين الأبطال كان عالمياً، ويستحق رفع القبعة خاصة عمايري الذي استطاع أن يتلبس شخصيته بكامل الإتقان والحرفية العالية.”

وشددت الفنانة التشكيلية يارا عيسى، على أن “المخرج السدير مسعود استطاع العمل بزاوية إخراجية مختلفة ومميزة عما كنا نشاهده في الدراما السورية.”

إعداد وتحرير: إحسان الخالد