العوز والشعور بالدونية يدفعان موالين لتركيا للانخراط في هيئة تحرير الشام بإدلب

إدلب – نورث برس

بعد نزوحه من مدينة معرة النعمان مطلع العام الفائت، واللجوء إلى مخيم أطمة شمال غربي سوريا، لم يحظ ناجي عساف (32 عاماً)، بفرصة عمل جيدة. أمام هذا الواقع لم يكن لديه خيار أفضل من الانخراط في العمل المسلح لصالح فصيل “جيش إدلب الحر” الموالي لتركيا.

واضطر بسبب حاجته للمال، للقتال في خطوط التماس مع قوات حكومة دمشق بمنطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، براتب 400 ليرة تركية.

ويعاني مقاتلو فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا في هذه المنطقة، من ضعف في الرواتب والتي لا تتجاوز 300 ليرة تركية (نحو 100 ألف ليرة سورية)، ولا يكاد يسد حاجة عائلات العناصر لأسبوع واحد، وسط اتهامات لقادة فصائل بالفساد وسرقة أجزاء من الرواتب.

يقول “عساف”، في مقابلة لنورث برس، إن الراتب لم يبق ثابتاً، وبدأ الفصيل بتخفيضه إلى أن وصل 150 ليرة تركية، بحجة محدودية الدعم المقدم له.

لكن هذه الحجة لم تكن مقنعة بالنسبة له ولعناصر آخرين، لا سيما أن معظم مقاتلي الفصائل المنضوية في “الجبهة الوطنية للتحرير” يتقاضون الراتب ذاته ولا تختلف من فصيل لآخر.

ولكن بالرغم من ذلك، يقول “عساف” إنه “لم يكن أمامي سوى الرضوخ، فلم نكن نملك دليلاً يدين قادة الفصيل، ثم إن متابعة القضية كان يمكن أن تتسبب لنا بمشاكل نحن بغنى عنها.”

وفي العموم تتراوح رواتب العناصر في الفصائل بين 300 –  500 ليرة تركية تماشياً مع طبيعة مهمة المقاتل، بحسب “العساف”.

ونتيجةٍ لتدني الرواتب، يضطر مئات العناصر للعمل في مهن حرة بأجور يومية أو أسبوعية لتأمين احتياجات عائلاتهم.

في حين اضطر آخرون للذهاب إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، كما فعل “عساف” وتوجه مطلع كانون الثاني/ يناير الفائت للعمل في تركيا، تاركاً خلفه عائلته المؤلفة من سبعة أفراد إضافةً إلى والدته التي أنهكها المرض في مخيم أطمة.

خيار “هيئة تحرير الشام”

لكن بعض العناصر يفضلون البحث عن خيارات أخرى مثل الانتقال لفصيل آخر وتأتي هيئة تحرير الشام (جبهة النصر سابقاً)، كخيار أساسي، خاصة أنها الطرف العسكري الأبرز في هذه المنطقة.

وتصل رواتب بعض عناصر الهيئة إلى أكثر من 250 دولاراً أميركياً، بالإضافة إلى أن الانخراط فيها يعني امتلاك امتيازات أكثر بسبب اتساع دائرة سيطرتها، بحسب عناصر تحدثوا لنورث برس.

ويقول إبراهيم الحلبي (23 عاماً)، وهو اسم مستعار لعنصر في “هيئة تحرير الشام” من نازحي ريف حماة الشمالي، إن تدني الرواتب وتأخرها” دفعاه إلى تركه مجموعات الترفيق في إحدى النقاط التركية بريف إدلب لدى “فيلق الشام”.

والتحق “الحلبي” بقطاع حماة في “هيئة تحرير الشام” لقاء راتب شهري يصل إلى 100 دولار أميركي، وهو راتب اعتبره ممتازاً مقارنة براتب “فيلق الشام” الذي لم يكن يتجاوز 300 ليرة تركية (نحو 30 دولاراً)”.

ويقول الشاب، الذي يعيل والده المريض وأخوة صغار، إن قرار الانخراط في صفوف “الهيئة” كان الخيار الوحيد أمامه، لا سيما في ظل سوء الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية التي تشهدها المنطقة.

ويعتمد مقاتلو فصائل “الجيش الوطني” على مخصصات مالية تقدمها أنقرة شهرياً للفيالق الثلاثة المقاتلة في مناطق عمليات “درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”، إضافة للجبهة الوطنية للتحرير العاملة في إدلب.

ماذا عن رواتب الأتراك؟

يقول محمد النجم (28 عاماً)، وهو عنصر في “فيلق الشام”، إن الفارق الكبير بين رواتبهم ورواتب الجنود الأتراك يشكل مصدر امتعاض شديد لدى عناصر الفصائل.

ويصل راتب الجندي التركي إلى 1500 دولار أميركي، في حين أن راتب العنصر الواحد ضمن “الجيش الوطني” لا يتجاوز 300 ليرة تركية، بحسب “النجم”.

وسبق أن نظم عناصر في “الجيش الوطني” في مدينة مارع، وقفة احتجاجية في الخامس من نيسان/ الفائت، للمطالبة بإيجاد حل لانقطاع مخصصاتهم المالية.

واتهموا قيادة الفصائل بأنهم السبب وراء ذلك، وحمل المحتجون لافتات أشارت إلى أن المجالس المحلية والشرطة المدنية لم يتم تأخير رواتبهم، وأن التأخير اقتصر على الفصائل العسكرية فقط.

والجيش “الوطني السوري” هو تجمع فصائل عسكرية للمعارضة السورية تشكل في الثلاثين من أيار/مايو عام 2017 من قبل الحكومة السورية المؤقتة بدعم تركي مباشر، ويضم التشكيل معظم الفصائل العسكرية العاملة في مناطق شمال حلب وشمال الحسكة والرقة.

كما يتواجد بشكلٍ ضعيف في إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، ويصل قوام “الجيش الوطني السوري” إلى 80 ألف مقاتل، بحسب الائتلاف الوطني السوري المعارض.

إعداد: براء الشامي – تحرير: فنصة تمو