تحت “ستار” عودة اللاجئين.. لبنان يلوّح بإعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية

بيروت ـ ليال خروبي ـ NPA
فتحَ تلويحُ رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون بإعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية تحت عنوان عودة اللاجئين السوريين من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك، الباب مجدّداً على نقاشٍ داخليٍّ لبناني يستقطبُ جهتين رئيسيتين هما حلفاء الحكومة السورية وخصومها.
وفي وقتٍ يضغطُ ملفُ اللاجئين السوريين على لبنان لانعدام السياسة الواضحة في التعاطي معه والهشاشة في إدراته وصلت حدّ مخالفة القوانين اللبنانية نفسها في إصدار وتطبيق بعض القرارات، فإنَّ أيّ حديثٍ عن التقدّم باتجاه قصر المهاجرين بدمشق أو رفع مستوى الاتصالات والزيارات من وإلى دمشق يُعدُّ بحسب خصوم الحكومة السورية قفزاً على حتميّة الإجماع اللبناني في هذا الملفّ وتجاوزاً لرؤية وقرارات المجتمع الدولي والجامعة العربية بما يؤدي حكماً إلى عزلة لبنان على الصعيدين العربي والدولي.
كما انطوى كلام عون على اتهامٍ لبعضِ الدول بعرقلة عودة اللاجئين عندما قال خلال كلمته الأسبوع الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "ترتسم لدينا علامات استفهامٍ حول موقف بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية المعنيّة الساعية إلى عرقلة هذه العودة، وكأني بالنازحين قد تحوّلوا رهائن في لعبةٍ دوليةٍ للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول، وهذا ما قد يدفع لبنان حكماً إلى تشجيع عملية العودة التي يجريها بالاتفاق مع الدولة السورية لحلّ هذه المعضلة التي تهدّد الكيان والوجود".

عودة النازحين
يُصرُّ النائب السابق وعضو المجلس السياسي لتيار المستقبل مصطفى علوش خلال حديثه لـ"نورث برس" على أنَّ عودة النازحين إلى سوريا تحتاجُ مبادرةً واحدة وأساسية هي من جانب الحكومة السوريّة نفسها متسائلاً "لو كان النظام السوري يريد عودة مواطنيه، ألم يكن دفع باتجاه عودتهم فعلياً على الأرض بتنسيقٍ وبدون تنسيق؟".
وحول خطاب عون في الأمم المتحدة عبّر علّوش عن اعتقاده بأنّ "هناك بعض التبسيط لقضية عودة اللاجئين، فهي أعمق من مجرّد الحديث عن تنسيقٍ لبنانيٍ سوري بقدر ما هي توفُّر العودة الآمنة المضمونة من جميع جوانبها الأمنية والسياسية والمعيشية للاجئين".
وأضاف: "ما يمنع اللاجئين في لبنان والأردن من العودة والبقاء في خيمٍ بلاستيكيّة لا تقيهم البرد أو قيظ الحرّ هو عدم توفّر الأرضية الجاهزة لعودتهم فمستقبلهم غير واضح بالنسبة لهم في سوريا".
وعلى هذا الصعيد يفيدُ علّوش لـ"نورث برس" بأنَّ "تقارير الأمن العام اللبناني بشأن عودة اللاجئين إلى سوريا تظهر أن /20/ في المئة فقط من الأسماء التي طُرحت على النظام السوري للعودة تمّ قبولها فيما رُفضت النسبةُ الباقية".
كما يُشير إلى أنّ "العدد الذي يُقدّر بنحو /250/ ألف لاجئ والذي عاد إلى سوريا هم من خارج لوائح الأمم المتحدة أي غير مسجّلين لدى مفوضية اللاجئين وحصلوا على الموافقة المسبقة من النظام، وبالتالي لا نستطيع الحديث عن عمليات عودةٍ تحصل دون النظر إلى هذه المعطيات، بل نحنُ نراها أقرب إلى الحركة المستمرة على الحدود اللبنانية السورية، فقبل الأزمة كان هناك قرابة النصف مليون سوري يدخلون ويخرجون من لبنان بطريقة دوريّة".
وبحسب التقرير الذي طرحه مركز "وصول لحقوق الإنسان" على هامش الدورة الثانية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف الأسبوع الماضي فإنّ "هناك ما یزید عن /31/ حالة ترحیلٍ غیر رسمیة للاجئین سوریین في لبنان تم تسلیم عددٍ منهم بشكلٍ غیر قانوني للأجهزة الأمنیة السوریة منذ بدایة 2019".
ويضيفُ التقرير أنّه "في الظروف الأمنية والإنسانیة والاقتصادیة العامة للاجئین السوریین في لبنان تتشكّل أسبابٌ قویةٌ لعدم استقرارهم وبالتالي عدم رغبتهم في البقاء، خاصةً مع ما شهدته هذه الظروف من تدهورٍ سریعٍ تزامن مع تقلصٍ مطَّردٍ في المساعدات الإنسانیة واتباع سیاسةٍ متشدّدةٍ استهدفت العمالة السوریة والفلسطینیة، والتضییق الأمني لجهة اللاجئین غیر المتمتعین بإقاماتٍ صالحةٍ (المداهمات الأمنیة للمخیمات بشكلٍ عشوائي أو الذینَ یتهمون بالمشاركة في النزاع المسلّح في سوریا)عبر إحالتهم إلى المحكمة العسكریة في بیروت بتهم ارتكاب جرائم إرهاب من دون أيّ دلیلٍ على ذلك فضلا عن مضایقاتٍ أمنیة".