أطباء مقيمون في مشاف حكومية بدمشق: بطاقات نادي الضباط تحقيق أمني
دمشق – نورث برس
تفاجأ محسن دردر (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب مقيم باختصاص تخدير في مشفى المواساة الجامعي، ويقيم في حي المزة بدمشق، عند ذهابه لنقابة الأطباء لتسديد الرسوم السنوية، إذ تم إخباره بإمكانية حصوله على بطاقة لنادي الضباط.
وقرر الطبيب الذي أعجبته الفكرة البدء على الفور بتعبئة استمارة الانتساب اللازمة للحصول على البطاقة، ولكنه اصطدم بعد تعبئة المعلومات بأربعة أوراق تحتوي الكثير من الأسئلة التي تبحث في أدق التفاصيل التي تخص حياته وعائلته وأقربائه.
“معلومات مفصلة”
وتضمنت الاستمارة وفقاً لما ذكره الطبيب كتابة أسماء جميع أفراد عائلته وأقربائه وعائلاتهم وأماكن سكنهم وعملهم ومعلومات أخرى لا يعرف هو نفسه عنها شيئاً.
وفي منتصف آذار/مارس الماضي، أعلنت نقابة أطباء دمشق عن بدئها بتسليم بطاقات نادي الضباط للأطباء للاستفادة من الخدمات المقدمة من المؤسسة العسكرية لضباطها لتشمل هذه الامتيازات الأطباء أيضاً.
ويتكون النادي من فندق وصالات شتوية وصيفية وحديقة أطفال ومكتبة، ويستقبل ضيوف القيادة العامة من العرب والأجانب، ورواده من الضباط وعائلاتهم ويقدم لهم كافة الخدمات اللازمة، كما يقدم البرامج الفنية والترفيهية ويقيم حفلات الزفاف.
واحتاج “دردر” لإجراء عشرات الاتصالات للحصول على بعض المعلومات، “شعرت بالخيبة عدا عن التعب والارهاق بعد انتهائي من ملئ الاستمارة. بصراحة لم أعد أعرف إن كان الأمر يستحق الجهد المبذول أساساً.”
ويشتكي العديد من الأطباء من العوائق والمتطلبات الكثيرة التي وضعتها النقابة والمؤسسة العسكرية في طريق الحصول على البطاقة التي يفترض أنها تهدف لتأمين بعض الفوائد والامتيازات لهم.
ويأتي هذا الإعلان تالياً لحزمة من القرارات والمشاريع التي صرحت بها النقابة في الفترة الماضية “لتحسين أوضاع الأطباء.”
وفي وقت سابق، سمحت النقابة للطبيب بفتح عيادته الخاصة أثناء تأديته للخدمة العسكرية ورفع الراتب التقاعدي من 25 ألف إلى 50 ألف ليرة، وتخصيص صهريج محروقات بنزين خاص بهم قبل أن يتم إلغاؤه على خلفية أزمة المحروقات التي شهدتها البلاد.
“دراسة أمنية”
وبعد قراءته لإعلان في الصفحة الرسمية للنقابة على الفيسبوك، للتسجيل على بطاقة نادي الضباط، قرر نورس العلي (30 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب مختص بأمراض الدم، ويعمل في مشفى دمشق الحكومي الحصول على البطاقة خاصة بعد اقتراب حفلة زفافه ورغبته في إقامته هناك “توفيراً للتكاليف”.
لكنه اصطدم هو الآخر باستمارة “التحقيق الأمني والكمية الهائلة من المعلومات الواجب تقديمها مقابل الحصول على رفاهية بسيطة كتلك.”
وأضاف، “شعرت بأنني في فرع أمني وليس في نقابة للأطباء وآخر ما كنت أتصوره أن يكون ثمن الحصول على تصريح لدخول صالة أفراح دراسة أمنية مفصلة.”
ورغم قيام “العلي” بتعبئة جميع المعلومات، إلا أن طلبه قوبل بالرفض “دون تقديم أي مبرر بالمقابل، والسبب الأرجح ببساطة هو أن عائلة والدتي تنحدر من منطقة شهدت مظاهرات واحتجاجات بداي سنوات الحرب.”
لكن فادي العكاري(28عاماً) وهو اسم مستعار لطبيب مقيم في مشفى الأسد الجامعي، وبعد اطلاعه على الاستمارة رفض تعبئتها، “لما قد يتسبب من أذى يطال عائلتي وأقاربي ويعيد إثارة مشاكل بعضهم مع السلطة.”
ورأى أن الموضوع ليس بتلك الأهمية ولا يستحق كل هذا التشديد وأن على النقابة أن تولي المشاكل الفعلية التي يعاني منها الأطباء اهتماماً أكبر، كتعديل أجور المعاينات الطبية وتأمين كميات كافية من المستلزمات الطبية، وأدوات الوقاية للمشافي “على أقل تقدير.”
ويدفع ضعف القدرة الشرائية للراتب الحكومي وحاجة الأطباء لإتمام اختصاصهم للعمل خارج المشافي وفي مهن لا تمت للطب بصلة.
ويتقاضى الطبيب المقيم، خلال خمسة أو ستة أعوام من التدريب راتباً شهرياً لا يتجاوز 50 ألف ليرة سورية.
وقال “العكاري” إنه بات يشعر أن القبضة الأمنية للدولة تلاحقه في كل مناحي حياته، “أنا عاجز عن استئجار غرفة وعن الحصول على الخبز والغاز، عدا عن التعقيدات المستمرة في إجراء أي معاملة بسيطة في دوائر الدولة.”