شح الأمطار ينذر بـ”كارثة” قد يتعرض لها مزارعو محاصيل استراتيجية في السويداء

السويداء – نورث برس

في مشهد درامي حزين يقف حامد الحسين(61عاماً)، وهو مزارع في ريف مدينة السويداء جنوب سوريا، وسط حقله يتأمل بتحسر محصول القمح، وكيف تحول من اللون الأخضر إلى الأصفر قبل نضوجه بسبب الشح الشديد للأمطار.

ويقدر “الحسين” خسارته بثلاثة ملايين ومئتي ألف ليرة سورية وهي تكاليف حراثة الأرض ونثر البذار والمحروقات، إذ تصل تكلفة زراعة الدونم بالقمح إلى 20 ألف ليرة سورية..

“كارثة زراعية”

وتقدر مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في السويداء هذا العام بـ44  ألف هكتار، بينما تبلغ المساحات المزروعة بالشعير بـ22 ألف هكتار، بحسب مديرية الزراعة في السويداء.

وبعد عملية مسح قامت بها مديرية الزراعة في السويداء شملت عموم الأرياف الشهر الفائت، تبين أن أكثر من ٧٠٪ من حقول القمح و٨٠٪ من حقول الشعير غير قابلة للحصاد.

ويقول المزارعون إن حرمانهم من الحصاد هذا العام يعتبر “كارثة” لأنها مصدر دخلهم الوحيد.

وقال الحسين: “لا أدري من سيقف معنا بعد هذه الخسارة؟ أهي الحكومة والغائبة عن هموم المزارعين وأحوالهم الصعبة منذ أمد طويل أم المجتمع الأهلي؟”

ولكن وإلى هذه اللحظة “لا تتوفر أي خطة حكومية لمواجهة انهيار الموسم”، وفقاً لما أفاد به مسؤول حكومي في القطاع الزراعي لنورث برس.

“مطلب ملح”

وقال سامر الراشد(45عاماً) وهو اسم مستعار لمهندس زراعي يعمل في مديرية زراعة السويداء وأحد المكلفين بالإحصائيات الزراعية لمواسم الحبوب إن “معدلات الأمطار السنوية في السويداء تقدر بـ ٣٥٠ و٤٠٠ ملم وهذا مالم يتحقق هذا العام.”

وأشار المهندس الزراعي إلى أن عدم توفر الهطولات المطرية خلال الشهر الفائت وارتفاع معدلات درجات الحرارة، “ينذر بذبول واصفرار القمح والشعير ما يزيد من احتمال تعرض المزارعين لخسائر فادحة.”

وأضاف: “كما سيهدد الوضع القائم الأمن الاقتصادي والغذائي لشريحة واسعة من سكان السويداء والمعتمدين بنسبة 75 بالمئة على الزراعة كمصدر رئيس في الدخل.”

ومثله مثل “الحسين” خسر صالح النشار(55عاماً) وهو مزارع من ريف السويداء الجنوبي موسم الشعير لهذا العام، والذي كان ينتظره بفارغ الصبر لسد حاجة قطيعه من الأغنام والماعز من الأعلاف وبيع الفائض.

وقال “النشار” الذي يملك مئتي دونم من الأراضي المزروعة بالشعير “ذهب جهدي ومالي أدراج الرياح وما من معين غير الله.”

والعام الفائت، تعرض محصول “النشار” من الشعير إلى حريق وتكبد حينها خسائر كبيرة، ورغم ذلك قام هذا العام بزراعة أرضه بالشعير مجدداً.

وقال: “كما يبدو الخسائر تتوالى علينا وقد نفقد الأمل يوماً ما من زراعة حقولنا في ظل غياب الدعم الحكومي وإحداث صناديق زراعية محلية ممولة من الحكومة لتقدم المعونة في حال الخسائر المفاجئة لمحاصيلنا الزراعية.”

ويرى مزارعون في المنطقة أن حفر الآبار في مناطق زراعة المحاصيل من قبل الحكومة بات “مطلباً ملحاً” في ظل عجزهم عن تحمل تكاليف حفرها والتي تتطلب “جهوداً حكومية.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد