رصاص الجندرمة التركية يمنع مزارعين من زراعة أراضيهم شمال إدلب

إدلب – نورث برس

لم يتمكن ياسر غنوم (53 عاماً)، وهو مزارع في بلدة خربة الجوز بمنطقة حارم شمال إدلب، شمال غربي سوريا، هذا العام، من زراعة أرضه التي تبعد عن الحدود التركية بنحو 500 متر بعد تكرار استهداف الجندرمة التركية لأولاده أثناء عملهم، فمطلع العام الجاري، أصيب أحد أولاد “غنوم” برصاصة استقرت في كتفه.

وقال المزارع، “كانوا يريدون قتل ابني وليس فقط تخويفه، أطلقوا النار عليه بشكل مباشر.”

أراض بلا زراعة

وللعام الثاني على التوالي، لا يستفيد “غنوم” من أرضه التي تقدر بنحو 15 دونماً، إذ قام العام الماضي بزراعتها بمحصول القمح، إلا أنه احترق قبل موعد حصاده بأيام، حيث أطلق حرس الحدود التركي النار على الأرض “ومنعونا من إخماد الحريق.”

والخميس الماضي، أطلقت الجندرمة النار على مزارعين بالقرب من بلدة خربة الجوز بمنطقة حارم، ما أسفر عن مقتل أحدهم.

وفي الحادي والعشرين من الشهر الجاري، قُتلت امرأة نازحة برصاص حرس الحدود التركي أثناء عملها أيضاً في الأراضي الزراعية بالقرب من بلدة أطمة شمال إدلب.

وقال سكان في تلك المناطق إن الجندرمة التركية تتعمد ومنذ سنوات إطلاق النار على المزارعين الذين يعملون في أراضيهم القريبة من الجدار الحدودي، حيث اضطر بعضهم على التخلي عن زراعة أراضيهم خوفاً من الاستهداف.

والشهر الفائت، قُتل ثلاثة مزارعين، وأصيب آخرون برصاص حرس الحدود، سبقت الحادثة بشهر مقتل طفل وثلاثة مزارعين أيضاً أثناء عملهم في الأراضي الزراعية القريبة من الحدود التركية.

وقال ناشط في إدلب إن استهداف المزارعين من قبل حرس الحدود التركي “لا مبرر له”، وأشار إلى أن جميع حالات القتل “كانت عمداً، خاصة وأنهم يستخدمون سلاح القناصة المتطور والذي يحدد الهدف عن بعد.”

استهدافات متكررة

وفي الثاني عشر من شباط/ فبراير الماضي، فقد الطفل يزن حاج باكير الذي كان يساعد جده في العمل في بستانه في مزرعة العدنانية بريف إدلب الغربي، حياته جراء استهدافه من قبل الجندرمة برصاصة في الصدر.

لمتابعة جميع الأخبار… حمل تطبيق
نورث برس من متجر سوق بلاي

وقال عبد القادر العبيد، وهو من أقارب الطفل يزن، إن سكان قريته باتوا يتخوفون بشكلٍ كبير من الاقتراب من أراضيهم، “يطلقون الرصاص بحجة وجود مهربين في المنطقة، الجميع يعلم أن عمل المهربين يكون ليلاً وليس نهاراً.”

 وأشار “العبيد” إلى أن أكثر من عشرة مزارعين في قريته، بما فيهم هو، لم يتمكنوا هذا العام من زراعة أراضيهم التي تقدر مساحتها بأكثر من 100 دونم.

 كما أن هناك مزارعين لم يتمكنوا من زراعتها منذ العام 2015 عندما قام حرس الحدود التركي بالدخول إلى الأراضي السورية وتثبيت الشريط الحدودي داخل الأراضي السورية.

وأضاف: “الحدود اليوم ليست نفسها التي كانت قبل العام 2011، حيث دخل الأتراك بعمق الأراضي السورية ووضعوا الجدار الذي يبلغ طوله أكثر من خمسة أمتار، الأمر الذي حرم عشرات المزارعين في المنطقة من أراضيهم التي باتت ضمن الأراضي التركية.”

وقال مزارعون إن فقدان أراضيهم انعكس سلباً على دخلهم، إذ أن هذه الأراضي تعتبر مصدر دخلهم الوحيد، وباتوا يعملون اليوم بمهن أخرى، ومنهم من ذهب للعمل في الأراضي التركية.

وبحسب سكان محليين، فإن الجندرمة التركية باتت تستهدف المنازل في القرى القريبة من الحدود في مناطق سلقين وحارم ومناطق أخرى.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد المدنيين السوريين الذين قتلوا برصاص قوات الجندرمة التركية منذ بداية الحرب السورية وصل إلى 471 مدني، بينهم 86 طفلاً دون الثامنة عشرة، و45 امرأة.

وقال “العبيد” إن “هناك عائلات لم تعد تستطيع تشغيل إنارة خارجية نهائياً بسبب كثرة الاستهداف، وكأن الجنود الأتراك يتسلون بالرمي على لمبة كهرباء موجودة أمام منزل”.

إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد