صحفيون في الرقة بين مشاق العمل والتحديات المحيطة

الرقة – نورث برس

يبدو عمر محمد، وهو اسم مستعار لصحفي في الرقة، شمالي سوريا، سعيداً وهو يلاعب أطفاله الثلاثة، أحدهم مصاب بضمور دماغي منذ الولادة، إذ قلّما يحظى بفرصة لقضاء الوقت إلى جانبهم، على حد قوله.

ويرى عاملون في الصحافة في الرقة أنهم يتكبدون مشقة كبيرة ويواجهون تحديات على عدة مستويات حتى يتمكنوا من إنجاز مادة تتوفر فيها بعض المعايير المهنية كي تؤثر ولو جزئياً في محيطهم.

ويصادف الاثنين اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يعود تاريخه إلى مؤتمر عقدته اليونيسكو في مدينة ويندهوك في الثالث من أيار/ مايو 1991 بهدف تطوير صحافة حرة وتعددية.

وفي كانون الأول/ديسمبر 1993، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحتفل به سنوياً في العالم في الثالث من أيار/ مايو.

“مشاق ومسؤولية”

وقال الثلاثيني “محمد”، الذي يعمل منذ ثلاثة أعوام في المجال الإعلامي، إنه لا يخلع نظارتيه بسبب درجتي انحراف في عينيه كلتيهما، ويعيد السبب إلى التعامل الطويل مع الهواتف وأجهزة الحاسوب.

وأضاف أنه بالإضافة إلى الجانب الصحي، يضطر هو وآخرون للانشغال لفترات طويلة عن عائلاتهم وحياتهم الأسرية، بسبب الانشغال لفترات طويلة على مواقع التواصل لمراقبة الأحداث ولبقاء الصحفي على اطلاع.

وتضم منطقة الإدارة الذاتية شمال وشرقي سوريا 104 وسائل إعلامية وما يزيد على 1100 صحفي وصحفية، بحسب التراخيص التي منحها مكتب الإعلام في الإدارة الذاتية.

ويعتقد “محمد” أن “الصحافة مهنة أسمى من الوظيفة، ومتى عاملت المؤسسة الصحفيين العاملين لديها كموظفين عليهم ترك العمل فوراً والبحث عن مؤسسة تتخذ المهنية أساساً للعمل الإعلامي والصحفي.”

وأشار إلى صعوبات يواجهها في عمله “لأن السكان يتهربون دائماً من الكاميرا، وبعض المسؤولين في الإدارة الذاتية يتهربون من المقابلات الصحفية لأنهم يعتبرون أنفسهم موظفين لأجل الراتب ولا يمتلكون حساً بمسؤولية المهام الموكلة إليه.”

“لكن الإيمان بأي مشروع من المفترض أن يشكل دافعاً للمشاركة الفعالة فيه والدفاع عنه أمام المنصات الإعلامية، وهو حال مسؤولين آخرين في الإدارة”، على حد قول “محمد”.

ويتمنى الصحفي في اليوم العالمي لحرية الصحافة، “أن تقف الصحافة المحلية في الرقة وشمال شرقي سوريا عند مسؤولياتها الحقيقية وأن لا يكون الصحفي أداة للتلميع أو الترقيع لأحد، في عصر أصبحت فيه بعض وسائل التواصل أن تكون منبراً لنقل هموم الناس ومشاكلهم.”

عانت الصحافة في سوريا منذ عقود تحديات ارتبط معظمها برقابة الجهات الأمنية وعدم السماح بولادة وسائل إعلام مهنية.

وبحسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود للعام 2021، احتلت سوريا المرتبة 173 وهي قبل الأخيرة عربياً، وقالت إن  الصحفيين ”ما يزالون معرضين للخطر بشكل مهول.”

“خطوات وآمال”

وقال أيهم إسماعيل (40 عاماً)، وهو اسم مستعار لصحفي، إنه استقال من وظيفته قبل ستة أشهر لأنه وجد أن الأجر الذي كان يحصل عليه لم يكن مناسباً لجهده “الضخم” في سبيل إعداد مادته.

ذلك بعد أن عمل خلال معارك طرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من مناطق شمال وشرقي سوريا، “وكان هناك الكثير لنقله للناس.”

وأضاف أن الصحافة في شمال وشرق سوريا “استطاعت أن تقفز بخطوات كبيرة خلال سنوات قليلة مقارنة بالعمل الصحفي في مناطق أخرى في سوريا.”

ولم يسعَ “إسماعيل” للعمل لدى وسيلة أخرى بسبب متاعب المهنة، “أن تكون إعلامياً فهذا يجعلك هدفاً لجهات كثيرة وتصبح شخصاً مُتابعاً من قبل الناس، وحياتك الشخصية لن تعود ملكك، فمعارفك وأصدقاؤك وكل شيء محسوب عليك لأنك اصبحت وجهاً معروفاً.”

ويعتقد “إسماعيل” أن “بعض المسؤولين في الإدارة الذاتية بقيت نظرتهم قاصرة لأهمية الإعلام ولم يدركوا ما يجب أمام التحديات التي تواجهها بالإدارة الذاتية، رغم أن هناك أموال كبيرة وطاقات وقدرات تصرف على هذا الجانب”، على حد قوله.

ومن جهته، قال الرئيس المشارك لمكتب الإعلام في الإدارة الذاتية، عامر مراد، إن أبرز حقوق الصحفي هو حق الحصول على المعلومة والذي يتعرض لعقبات عديدة، “وتلك العقبات مشكلة عالمية وليست خاصة بمنطقة شمال وشرقي سوريا، بينما يبقى من أولويات العمل الصحفي استمرار البحث عن المعلومات.”

واعتبر “مراد” أن الإدارة الذاتية تؤمّن حق الحصول على المعلومات للصحفيين “باستثناء المعلومات التي تضر بالصالح العام والأمن العام.”

وذكر أن إقرار قانون الإعلام خلال الفترة القريبة القادمة “سيكفل حق الصحفي في الحصول على المعلومة وجعلها في متناول الصحفيين وإلزام مسؤولي الإدارة والعاملين فيها بضرورة تسهيل عمل الصحفيين والتعاون معهم.”

إعداد: عمر علوش – تحرير: حكيم أحمد