الراتب المتدني في الوظيفة الثابتة يدفع شباناً سوريين للعمل عن بعد للخارج
دمشق ـ نورث برس
فور تخرجه من كلية الفنون الجميلة في دمشق، بدء أحمد المزين (25 عاماً) وهو أحد سكان حي الزاهرة، في البحث عن عمل وأجرى العديد من المقابلات لكن لم يقبل بأي منها، ليتوجه للعمل عن طريق الإنترنت في المنصات الخاصة للعمل الحر.
وتزداد أعداد الشباب السوريين الباحثين على ما يتوافر لهم من فرص عمل للخارج على نمط العمل الحر “فري لانسر” محاولين الاستفادة من فرق العملة.
ويُعزى سبب هذه الظاهرة إلى الأوضاع الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد وانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار، وعدم قدرة أي وظيفة ثابتة لإعطاء راتب مقبول سواء في القطاع الخاص أو العام.
فرص عمل للخارج
وقال “المزين” لنورث برس: “عندما سُدت كل الطرق في وجهي، نصحني صديق لي بالبحث عن فرص عمل للخارج، وقد استفدت من دراستي في تطوير نفسي في مجال التصميم الغرافيكي.”
ولم يكتفِ “المزين” بنفسه بل شجع العديد من أصدقائه أيضاً للعمل عبر تلك المنصات لما تحققه من دخل مقبول.
وبعد تفشي وباء كورونا وتدني وضع سوق العمل بشكل عام في الداخل، فقد بعض أصدقاء “المزين” وظائفهم في القطاع الخاص ومنهم من انخفض مرتبه للنصف، وهذا دفعهم لتحصيل دخل إضافي عن طريق منصات العمل الحر.
وقالت سارة الببيلي (27 عاماً)، وهي مهندسة في إحدى شركات القطاع الخاص المتواجدة في المنطقة الحرة في دمشق، إنها تعتزم الاستقالة من وظيفتها بعد الدخول في مجال العمل الحر.
وأضافت “الببيلي” التي تقيم في بلدة بيت سحم بريف دمشق الغربي: “راتبي في الشركة التي أعمل بها لا يمكن أن يتجاوز الـ200 ألف ليرة، هذا الرقم أصبح من الممكن تحقيق ضعفه في بعض الأحيان بنصف الجهد والوقت في مجال العمل الحر.”
وأشارت إلى وضع المواصلات السيء الذي يستنزفها للوصول إلى مكان عملها، وقد تضطر في كثير من الأحيان بسبب الازدحام لركوب تكسي تكلفها 8 آلاف ليرة.
وتعمل “الببيلي” ككاتبة محتوى لشركات خارجية، الذين أصبحوا من الزبائن الدوريين، “عملي لا يستلزم مني سوى جهازي المحمول في المنزل، بدون التفكير بكيفية الوصول للعمل وإنفاق المال الكثير على المواصلات.”
ويؤثر وضع التيار الكهربائي المزري وضعف شبكة الإنترنت بشكل كبير على رواد هذه الأعمال بحكم اعتمادهم عليها بشكل كبير.
ويضطر سلطان سيف (28 عاماً) كـ فري لانسر، في مجال الترجمة، وهو خريج أدب انكليزي من كلية الآداب في جامعة دمشق، للجلوس في مقاهي تقدم خدمة الواي فاي لإتمام عمله.
وقال “سيف” الذي يقيم في حي الميدان بدمشق، لنورث برس: “اضطر في كثير من الأوقات أن أسلم عملي في وقت ضيق، وبسبب القطع المفاجئ للتيار الكهربائي في الحي الذي أقطن به بشكل دوري، فقد أتاخر عن التسليم.”
ويخصص الشاب كمية معينة من المال كل شهر من أجل الذهاب للمقاهي المتوافر فيها إنترنت “لتجنب متل هكذا تأخيرات غير مستحبة وأخسر جهدي.”
وأشار “سيف” إلى أن وضع الإنترنت أسوء من الكهرباء، حيث يعاني هو وأفراد عائلته من القطع المتكرر للشبكة بالإضافة لضعفها بشكل عام.
خطورة العمل الحر
ورغم الإقبال الواسع على العمل الحر، إلا أن هذا العمل لا يخلو من العديد من المشكلات الخاصة بتسليم الأموال المحولة واستقرار العمل وخطورته.
وخسر شادي السايح (30 عاماً)، وهو مهندس إلكترونيات، يعمل كـ”فري لانسر” في تطوير مواقع الويب والبرمجة، رصيده من فترة بسبب جنسيته كسوري.
وقال “السايح” الذي يقيم في جادات سلمية في دمشق، لنورث برس: “كان في رصيدي تقريباً550 دولار على موقع “upwork” الخاص بالعمل الحر، وتفاجأت بإغلاق حسابي وخسارة أموالي.”
وأشار إلى أن بيع خدمته الأولى استغرق أكثر من شهرين، ثم عمل على بيع خدماته التالية، بالتعاون مع وسيط خارج سوريا لاستلام العائدات عبر محفظة paypal”” مقابل نسبة مرتفعة تصل إلى 35% يضاف إليها أجور التحويل.
وتنحصر فرصة عمل “السايح” ضمن منصات العمل الحر العربية، لتجنب العقوبات المفروضة على سوريا، والتي تحول دون التعامل مع المنصّات العالمية.